قالت له
قالت له: أما وأن العطور باتت بتسعيرة متغيّرة على إيقاع رقص الدولار فقد صارت قطعاً نادراً وربما بات سعر قنينة العطر التي أهديتني في العيد يقارب قيمة راتب شهر لأحدنا.
قال لها: لقد اعتدنا أشياء حتى ظنناها مقومات وجود ونسينا السؤال كيف كان الآباء والأجداد يعيشون بدونها، والطيب والعطر في تاريخنا قبل أن يعرف بوجوده الذين نستهلك عطورهم، وقد أورد الرسول ذكر الطيب كواحد من أحب الأشياء إلى قلبه فماذا عساه كان ذاك العطر؟
قالت له: وهل علينا أن نعود إلى تلك العطر تمرداً على الدولار وإثباتاً لنظريتك المتفائلة؟
قال لها: ليس بالضرورة أن نعود إلى هذا المدى من الزمن الغابر، لكن لم لا نسأل أيهما أجمل عقد ياسمين وسوار فلّ أم عطر مستورد؟
قالت: أنتم الرجال عليكم الجواب؟
قال: تعالي.
قالت: إلى أين؟
قال: إلى الشرفة قرب الياسمينة التي تفوح عطرها وتبوح سرها.
قالت: إن صنعت لي منها عقداً قبلت.
قال: وإن كان لديك خيط وإبرة فعلت.
قالت: وهل سألتني يوماً ولم تجد؟
قال: أشك أن تفعلي لأنك تعتادين اللجوء لجارتك الخياطة كلما احتجت لتركيب زر وقع من مكانه في قميص.
قالت: وسألجأ إليها لأحصل على إبرة وخيط.
قال لها: حسناً فليكن لون الخيط أزرق.
قالت: ولماذا؟
قال: لأن زراً قد سقط من قميصي الأزرق ففرصة أن نتبادل بأن أنظم لك عقداً وتخيّطين لي زراً.
قالت: لا عليك هات القميص والزر فجارتي أسرع بتركيبه وسآتيك بالخيط والإبرة لتنظم العقد كالشاطر.
قال: إذن بطريق عودتك لو تناولي ناطور المبنى الخيط والإبرة فهو أمهر مني بنظم العقود من ياسمين الحديقة.
ضحكا حتى عاد القميص بكامل أزراره وتزيّنت بعقد الياسمين.