الثامن من تموز بأقلام من خارج البيت القومي
} الياس عشّي
في الثامن من تموز، من كلّ عام، تضجّ المنابر، وتمتلئ الصفحات، ويستعيد القوميون ذكرى محاكمة زعيمهم أنطون سعاده، وتنفيذ حكم الإعدام به في أقلَّ من أربع وعشرين ساعة !
ولكي يكون مشهد الاغتيال متكاملاً، وواقعياً، وبعيداً عن ردّات الفعل، لا بدّ من العودة إلى أقلام من خارج البيت القومي، كتبت في هذه الجريمة – الاغتيال:
ـ يقول الأب يوسف مونّس: «أنطون سعاده رجل وصل قبل الموعد».
ـ في استجوابه الثالث للحكومة، ركّز النائب كمال جنبلاط على «الدوافع الشخصية للجريمة»، ووصف نهاية سعاده بأنها «نهاية المؤمنين». وعلى صعيد عناصر الجرم اعتبر جنبلاط «أنّ هناك عنصرين حقيقيين موضوعيين، الأول: أنّ قضية سعاده وحزبه ليست قضية عقائدية، كما صوّرتها حكومة رياض الصلح، بل هي قضية محض شخصية، والثاني: دور المصالح الدولية الأجنبية في إعدام سعادة».
وكتب المطران اغناطيوس حريكة مقالاً في «القبس» الدمشقية، وقال: «ما من أحد قرأ ما نشرته الصحف حول محاكمة سعاده إلّا وطفرت دمعة حرّى من عينيه، لا أسفاً على هذا البطل الشجاع فحسب، بل حزناً على أمّة يستهتر حكّامها بأرواح الناس».
وكتب جبران مسوح في «الحقيقة» الأرجنتينية: «إنّ سعاده سقط في ساحة الشرف» وأنه «على البطون الشرقية أن تستريح ألف سنة لعلّها تستطيع، بعد ذلك، أن تحمل مثل أنطون سعادة».
ويقول عبدالله المشنوق إنّ محاكمة سعاده كانت «لطخة عار في تاريخ لبنان، وأنّ التاريخ لن يذكر بشاره الخوري ورياض الصلح إلّا لأنهما اغتالا أنطون سعاده».
أمّا المير فريد شهاب الذي تولّى مَهمّة القبض على سعاده، فيقول: «لو عرفت أن لبنان سيصل إلى ما وصل إليه اليوم لكنت حاربت مع أنطون سعادة».
وكتب جوزيف أبو خليل الكتائبي المعروف قائلاً: «إنّ هناك شعوراً بالذنب يلاحقه، وهو من أجل ذلك مدين للقوميين باعتراف وهو أنّ إعدام سعاده كان بمثابة اغتيال».
وكتب غسان تويني تحت عنوان «سعاده المجرم الشهيد» يقول: «وفّق المسؤولون في اعتقال أنطون سعاده، والتحقيق مع أنطون سعاده، ومحاكمة أنطون سعاده، والحكم على أنطون سعاده بالموت، والتصديق على الحكم، ثم إعدام أنطون سعاده، بسرعة ذهل لها الناس (…)، حتى الإنسان الذي كُوّن على كره سعاده ومبادئه، ما كان يقول قولاً غير ذلك القول: يا للهول … وهو يكاد لا يعرف ماذا يقول! وكاد الناس لا يعرفون ما إذا كان أنطون سعاده قد أعدم أم قُتل، وإذا كان الذي جرى محاكمة أو مؤامرة «!
هذا بعض من فيض ما قيل بعد الثامن من تموز، عدا المقالات والقصائد والقصص والمحاضرات التي نبتت ضمن مشهد الاغتيال، وقبله، وبعده.
ويأتي المحامي الدكتور منيف حمدان في آخر مقال له في جريدة النهار – الخميس 10/7/2003 ليقول :
« … عندما يدور الكلام حول أنطون سعاده، يستفزّك الزعيم استفزازاً، ويستفزّ فيك كلّ طاقاتك، ويفرض عليك أن تتخذ منه موقفاً قاطعاً كالسيف، فإما أن تكون ضدّ الظلم الذي وقع عليه في المحاكمة بدون تحفّظ، وإمّا أن تكون مع ذلك الظلم بدون باطنية، إذ لا مجال للبقاء على الحياد أو للتلطّي وراء الرمادي من المواقف، أو للتواري في ديبلوماسية التخاطب».