«جبهة الإعلام المقاوم» نظمت وقفة رفضاً لتدخّلات السفيرة الأميركيّة وإدارتها في الشؤون اللبنانيّة وهبي: محاولات تأليب اللبنانيين على المقاومة فاشلة وما تقوم به شيا عمل مخابراتي بامتياز قنديل: لاتخاذ الحكومة الإجراءات القانونية لحماية سيادة لبنان من تدخلات سفراء أميركا والسعودية والإمارات
عبير حمدان
بحضور حشد من الصحافيين والناشطين ومسؤولي الأحزاب والقوى اللبنانية ومندوبي وسائل الإعلام، نفّذت «جبهة الإعلام المقاوم» وقفة استنكارية تنديداً بالسياسات الأميركية وحصار لبنان، ورفضاً لتدخلات السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا وإدارتها في شؤون البلاد الداخلية، وعلى خلفية التصريحات التي أدلت بها السفيرة واتهمت فيها فئة من اللبنانيين بالإرهاب ومسؤولية الانهيار الاقتصادي، وذلك في قرية «الساحة» التراثية في بيروت.
شارك في الوقفة الوزير والنائب السابق د. عصام نعمان، رئيس تحرير جريدة «البناء» النائب السابق ناصر قنديل، عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي سماح مهدي وعضو المكتب السياسي وهيب وهبي، عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب، عضو المجلس الاستشاري في حركة «أمل» زكي جمعة، عضو المجلس الوطني للإعلام غالب قنديل، المحامية بشرى الخليل، مدير التحرير المسؤول في جريدة «البناء» رمزي عبد الخالق، مسؤول العلاقات مع الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية في التيار الوطني الحر المحامي رمزي دسوم، أمين عام «التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة» يحيى غدار، المنتج والإعلامي زياد الشويري، الأمين العام لحركة «الأمة» الشيخ عبد الله جبري، رئيس جمعية «ألفة للتقريب» الشيخ صهيب حبلي، مسؤول الإعلام في رابطة الشغيلة حسن حردان، مفوّض الشرق الأوسط في اللجنة الدولية لحقوق الإنسان السفير هيثم أبو سعيد، رئيس تيار «صرخة وطن» جهاد ذبيان، الإعلامي فيصل عبد الساتر، الناشط والخبير الاقتصادي أحمد بهجة، المستشار القانوني قاسم حدرج وحشد من أهل الصحافة والإعلام والمهتمّين.
خلال الوقفة، أكّدت المحامية الخليل على حرية الصحافة المكرّسة في الدستور، مشيرة إلى «أن حكم القاضي محمد مازح لم يتناول السفيرة في الشخصي، إنما تناول جرائم الخطر الناتجة عن تصريحات ومعلومات واتّهامات غير مثبتة قد تعرّض المصلحة الوطنية المحمية قانوناً للخطر، وبمجرد نشرها تُعدّ اعتداءً فعلياً على المصلحة وإخلالاً بالأمن العام. ومن ضمنها الاعتداء على معتقد إحدى الطوائف الدينية، والشيعة في لبنان في اعتداء يومي على معتقداتهم. وبتصريح السفيرة الأميركية تحقّقت أركان هذه الجريمة، ما دفع بالقاضي مازح إلى اتخاذ قراره درءاً للخطر يمنع فيه الوسائل الإعلامية من استصراح السفيرة».
من جهته، أكّد المحامي رمزي دسوم أن ما تقوم به السفيرة الأميركية في لبنان «هو تدخّل واضح في شؤونه وتحريض على شريحة واسعة من اللبنانيين ممثلة في السلطتين التنفيذية والتشريعية»، مشيراً إلى «أن التدخل الأميركي في لبنان ليس جديداً، وأن ما يحصل في لبنان من ضائقة اقتصادية تأتي في سياق الحرب الناعمة لأخذ ما لم يتمكنوا من أخذه بالحرب». وأشار دسوم إلى موقف التيار «الواضح من الصراع العربي الإسرائيلي، وقد أتت أميركا مؤخراً بقانون قيصر لخنق لبنان وسورية، البلد الذي يمثل رئة لبنان».
وتابع: «يتطلّع التيار ليس إلى فتح الحدود مع سورية فحسب، بل مع فلسطين المحتلة لنصلي جميعاً في المسجد الأقصى وفي كنيسة المهد وكنيسة القيامة، مؤكداً أن ليس في عهد الرئيس ميشال عون من يأتي ليملي علينا كيفية التصرف كلبنانيين».
وألقى زكي جمعة كلمة «حركة أمل»، مؤكداً «أنّ لبنان في مواجهة مفتوحة ومباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها أميركا إلى تخفيف وجه الوكلاء لتدخل مباشرة بذاتها. تحاصر أميركا لبنان، البلد المقاوم، بأدواتها الناعمة وقواها المباشرة وغير المباشرة، وتفتح وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي للتضليل والتشويه وبثّ الشائعات إلى جانب حصار اقتصادي واسع تدرّج منذ سنوات وصولاً إلى ضرب العملة الوطنية».
من جهته رأى عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي وهيب وهبي أنّ السفيرة الأميركية «تتدخل بوقاحة في شؤون لبنان الداخلية والمطلوب وضع حدّ لهذه التدخلات».
ولفت إلى أنّ السفيرة الأميركية دوروثي شيا «كانت تعمل في سفارة بلادها لدى كيان العدو الصهيوني، وهي من فريق جون بولتون، وأنّ عملها بعيد كلّ البعد عن العمل الدبلوماسي، لا بل تتبع للأجهزة الاستخبارية الأميركية، وأن قيامها بالتحريض على الفتنة في لبنان، هو عمل مخابراتي بامتياز».
وأضاف: «نقول لهذه السفيرة الأميركية، إنّ محاولات تأليب اللبنانيين على المقاومة، هي محاولات فاشلة، فالمقاومة حرّرت الأرض والأسرى وشكلت معادلة ردع حمت لبنان من الإرهاب الصهيوني، ومن خطر الارهاب الداعشي الذي هو صناعة أميركية بامتياز».
وأشاد وهبي بالقرار الذي أصدره القاضي محمد مازح، والذي «عبّر من خلاله عن التمسك بسيادة لبنان وكرامة اللبنانيين. وقد أصدر حزبنا موقفاً واضحاً بدعم القاضي مازح تقديراً لقراره الشجاع».
وختم وهبي: «إننا نحذّر من التدخلات الأميركية السافرة في شؤون لبنان، وننبّه إلى أنّ السفيرة الأميركية وبعض السفراء الذين تدور دولهم في فلك أميركا، يواصلون من خلال لقاءاتهم التحريض على المقاومة وسلاحها. ولذلك ندعو وزارة الخارجية اللبنانية إلى التشدّد وإلزام هؤلاء السفراء التقيّد بالمعاهدات والقوانين الدولية، وضبط تحركاتهم المشبوهة التي تعد خرقاً للسيادة اللبنانية».
ورأى الشيخ عبد الله جبري أنّ أميركا «هي التي قتلت الشباب العربي في العراق وسورية وفلسطين واليمن، وعملت على تقسيمه وتشتيته وزرع بذور الفتنة بينه»، مشيراً إلى أن «البعض من أبناء الوطن يساعد أميركا في تنفيذ أجندتها، والقاضي مازح تجرّأ واتّخذ قراراً مناسباً ووطنياً وما حصل معه مخزٍ جداً».
من جهته، شدّد يحيى غدار على «أنّ الإدارة الأميركية هي رأس الحربة التي تريد تدمير لبنان»، مؤكداً الوقوف إلى جانب القاضي محمد مازح وموجهاً مطالبته لرئيس الحكومة حسان دياب، «الذي يعلم أنّ هذه السفيرة تريد ضربه، بأن لا يقف مكتوف الأيدي ونحن نرى كيف تلعب السفيرة الأميركية في البلاد إلى حدّ لا يقبله عقل. على رئيس الحكومة أن يتخذّ قراراً حاسماً تجاه السفيرة وبعض وسائل الإعلام تجاه هذا الاستعمار، لتحرير قرارنا كما حررنا أرضنا».
ولفت حسن حردان باسم رابطة الشغيلة إلى أننا «نواجه عدواناً أميركياً شرساً يهدف إلى خنق لبنان للتخلّي عن مقاومته ومعادلته الذهبية «جيش – شعب – مقاومة»، وهي التي حققت المجد، وحمت لبنان من العدوان الصهيوني الذي يهدّدنا كلّ يوم بحراً وبراً وجواً. ويواجه لبنان تمادياً أميركياً في استباحة سيادته، وهذا التدخل بلغ من السفور حتى أقدمت السفيرة عبر وسائل الإعلام على تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض وتحميل فئة منهم مسؤولية ضرب العملة الوطنية التي خاضت بلادها حرب الدولار عليها»، مطالباً السفيرة بمغادرة لبنان لانتهاكها المعاهدات والمواثيق الدولية.
واعتبر السفير هيثم أبو سعيد أنّ مشكلة تدخل السفيرة الأميركية في لبنان «بدأت منذ أن تبنّت تحرّك 17 تشرين الأول، وقد تمادت في تدخلها حتى وصلت إلى زوايا الأمور الداخلية في لبنان، وقد أبرقتُ إلى الأمين العام للأمم المتحدة بأنّ هناك حواراً جارياً في بعبدا لطلب تبنّي ثلاث نقاط، السفيرة الأميركية تصرّ على التدخل في مسألة السلاح، ولكن هناك ثلاث مراحل يجب الاتفاق عليها: مَن الجهات التي ستعطي ضمانات للبنان بعد تسليم السلاح؟ هل يحقّ للجيش اللبناني أن يمتلك هذا النوع من الأسلحة كالصواريخ البالستية وغير البالستية؟ ومن الجهة التي ستتسلم السلاح الذي أشار الإسرائيلي إلى أنه خطير جداً»؟
بدوره، أشار المنتج والإعلامي زياد الشويري إلى «أننا نتحرّك دائماً كردّ فعل من دون أن نكون السبّاقين إلى المبادرة قبل الوصول إلى الأوقات الصعبة. يشهد لبنان منذ سنوات طويلة حصاراً مباشراً توّج اليوم بقانون قصير، لكن الهموم الداخلية لا تزال تطغى على الصراعات الاستراتيجية التي يجب أن تأخذ الأولوية، باتخاذنا خطوات تصعيدية تجاه الوجود الأميركي في لبنان. ما حصل مؤخراً خطير جداً، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان».
ووجّه رئيس تيار «صرخة وطن» جهاد ذبيان تحية إلى القاضي محمد مازح الذي «كان جادّاً باتخاذه قراراً باسم الشعب اللبناني، والمفارقة حصلت في وسائل الإعلام التي لم تحترم القضاء ولم تتمّ مساءلتها»، مشدّداً على “أنّ المقاومة هي عنوان الكرامة في هذا البلد بل في هذه الأمة، ولا يجوز بأيّ حال من الأحوال السماح لأيّ سفير التدخل في شؤوننا الداخلية، وتحديداً سفيرة الولايات المتحدة التي لا تقوم بأيّ عمل إلا إذا كان لمصلحة العدو الإسرائيلي”.
واعتبر الشيخ صهيب حبلي أنّ دوروثي شيا «ليست سفيرة الولايات المتحدة، إنما سفيرة ترامب، وترامب يعني إسرائيل، وهذا ما يجب توضيحه أولاً».
وقال الصحافي أحمد زين الدين: «نحن لسنا ضعفاء، لقد هزمنا أميركا عندما كنا أضعف من اليوم بكثير، من عام 1949 إلى الآن ولا يزال باستطاعتنا الانتصار. نحتاج إلى تطوير إعلامنا لنكون في مستوى الانتصارات التي حققتها المقاومة».
واختتمت الوقفة بكلمة لرئيس تحرير جريدة «البناء» النائب السابق ناصر قنديل الذي رأى أنّه يجب أن «لا تتحكّم التوجهات السياسية في التعامل مع السفراء، بل يجب أن يحكم في ذلك انتهاك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. ولو جاءت أميركا بالمنّ والسلوى، سنبقى نراها الشيطان الأكبر. الدولة اللبنانية «حيطها واطي» وقد توسّلت للسفيرة ولم تسائلها بشأن كلامها. هذه الدولة يجب أن ترتقي في التعامل مع السفراء الأجانب والعرب إلى مستوى الانتصارات والبطولات التي حققها لبنان ومقاومته. السفراء في لبنان يتصرفون باعتبار لبنان مزرعة فيما الدولة يجب أن تحمي سيادتها. ومن المعيب أن نرى السفيرة الأميركية تجول على المرجعيات الدينية وعلى السياسيين بمختلف مستوياتهم. نحن عيّنا السفيرة مفوّضاً سامياً في لبنان، وهذا أمر يجب أن يُعالَج».