الراعي يجدّد التأكيد على الحياد: لا نريد أن تعبث أيّ أكثرية بالدستور
أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنه لا بدّ من بلوغ الحياد. فتكون الذكرى المئوية الأولى نقطة انطلاق نحو حياد لبنان ودوره الجديد الفاعل.
وقال الراعي خلال ترؤسه قداس الاحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان: من أجل حماية لبنان ورسالته من أخطار التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة في المنطقة، ومن أجل تجنّب الانخراط في سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، والحؤول دون تدخل الخارج في شؤون لبنان، وحرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، وفتح آفاق واعدة لشبانه وشاباته، والتزاماً منه بقرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، والمطالبة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، وبتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، أطلقت النداء، في عظة الأحد الماضي، إلى الأسرة الدولية لإعلان حياد لبنان، من أجل خيره وخير جميع مكوناته والأهداف التي ذكرت.
وتابع: لقد فعلتُ ذلك بالأمانة لرسالة هذا الصرح البطريركي، الذي يضع نصب عينيه كلّ اللبنانيين دونما تمييز أو إقصاء، وكان له دور ريادي في المحطتين السابقتين من حياة لبنان: الأولى، إعلان دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920، في عهد المكرّم البطريرك الياس الحويك؛ والثانية، إعلان استقلاله الناجز في سنة 1943 في عهد البطريرك أنطون عريضة.
وتابع قائلاً: إنّ اللبنانيين يريدون الخروج من معاناة التفرّد والجمود والإهمال. يريدون شركة ومحبة للعمل معاً من أجل إنقاذ لبنان وأجياله الطالعة. يريدون مواقف جريئة تخلص البلاد، لا تصفية حسابات صغيرة. يريدون دولة حرة تنطق باسم الشعب، وتعود إليه في القرارات المصيرية، لا دولة تتنازل عن قرارها وسيادتها أكان تجاه الداخل أم تجاه الخارج. ولا يريدون أن يتفرّد أيّ طرف بتقرير مصير لبنان، بشعبه وأرضه وحدوده وهويته وصيغته ونظامه واقتصاده وثقافته وحضارته، بعدما تجذرت في المئة سنة الأولى من عمره! ويرفضون أن تعبث أية أكثرية شعبية أو نيابية بالدستور والميثاق والقانون، وبنموذج لبنان الحضاري، وأن تعزله عن أشقائه وأصدقائه من الدول والشعوب، وأن تنقله من وفرة إلى عوز، ومن ازدهار إلى تراجع ومن رقيّ إلى تخلف.
وفي موضوع آخر قال الراعي: لقد صدمنا مرسوم رئيس جمهورية تركيا رجب طيب أردوغان، بتحويل متحف آيا صوفيا في اسطنبول إلى مسجد، بعدما كان متحفاً افتتحه الرئيس أتاتورك في تشرين الثاني 1934. ومعلوم أنّ آيا صوفيا كانت كنيسة للمسيحية الارثوذكسية منذ القرن السادس حتى العام 1452، عندما افتتح الأتراك العثمانيون المدينة تحت حكم السلطان محمد الثاني المعروف باسم الفاتح، فشدّد على انّ هذا القرار الذي واجهته انتقادات عالمية يؤكد في المقابل قيمة لبنان – العيش المشترك حيث الاحترام المتبادل بين المسيحيين والمسلمين في الدين والثقافة والعقائد ودور العبادة.