لا نريد الرجوع إلى الماضي… ولكن!
مريانا أمين
كما أنّ النهر لا يعود في مجراه إلى منبعه !
كذلك الإنسان، يرفض القهقرى ولا يمكن له أن يسكن في مساكن الأمس؛ كما يرفض الوقوف لأنّ من وقف تأخر عن غيره.
هكذا نحن في لبنان لن نعود إلى حفر الآبار باليد والمعول، لنستغني عن قطع المياه .
ولا لفانوس الكاز الذي كان يرافق أجدادنا في وحشة الظلام.
ولا نريد الرجوع لزمن تحصين بيوتنا ومواشينا بأشرس الكلاب كي نستعين بنباحها وبريق عيونها لتخويف الضباع المتوحشة التي كانت تحاصر بيوت أجدادنا؛ كي لا يضطروا إلى قتلها لأنها تجاوزت خط النار .
ولا نريد معرفة علم الفلك من خلال النجوم كدليل الترحال ليلاً؛ كما كان يستكشف راعي الغنم والماعز خبايا الطقس والرياح؛ ومتى تمطر السماء .
ولن نعود إلى قصص الحب العذري وقصص العشق والغرام على العين وقرب النبع وعلى البيادر رغم أهمية كلّ المشاعر التي كانت تكمن في نفوس الأجداد من وعد مقدّس وكلام محصّن بعيد عن الكذب والنفاق .
كم عاشت عائلات من بركة أيدي الفلاحين وكم عاشوا الأمل بين الحقول التي كانت ترسل كلّ لحظة تحية وفاء للأرض!
نحن نفتخر بما كان وما مضى ولكن علينا ان نواكب التطور بكلّ تشعّباته؛ علينا أن نعمل في أساليب التكنولوجبا الحديثة لنرتقي الى مصاف الدول المتطورة.
لكنّ!
لا مانع أن نرجع الى الجذور وإلى العادات القيّمة التي تربّينا عليها إذ كانت تتماشى مع كلّ زمان وكلّ عصر !
لا مانع من الاستيقاظ على صيحة الديك دون أن نتخذه عادة نتكّل عليها ونضع ساعة اليد أو ساعة الجوال جانباً…
قاموس الحياة يرفض العودة الى الوراء لكن! وقفة عز في الحقول أفضل بألف مرة من الركوع ومن طأطأة الرؤوس أمام من يحاصرنا بحراً وجواً .
فمن يتنفس هواء لبنان لا تهزمه كلّ أنواع الحروب؛ لأنّ اللبنانيين يتنفسون برئة واحدة؛ رئة العنفوان والكرامة!
وأرض لبنان تعشق من يحنّ إليها ومن يلمس ترابها ويحرثها؛
وكلّ مناضل يعيش على هذه الارض سيسحق الجوع ويشاطر من حوله أطيب ما عنده .
ليبقى الجميع رافعين رؤوسهم نحو سماء العزة والكرامة!