قائد فيلق القدس بعد الاجتماع بقادة محور المقاومة: أيّام عصيبة تنتظر الأميركيّين والكيان
دياب يكشف سعي أطراف لبنانيّة لعرقلة المساعدات... ويلوّح بتغييرات في الإدارة / السفير الإيرانيّ: مستعدّون للتبادل التجاريّ بالليرة اللبنانيّة خصوصاً المشتقات النفطيّة
كتب المحرّر السياسيّ
المنطقة في حال ترقب، ولبنان كذلك، وما تبقى من هذا الشهر سيبلور الصورة بشكل أوضح. هكذا وصف مرجع أمني كبير المشهدين الإقليمي واللبناني، ففي المنطقة يبدو التوتر بين طهران وواشنطن وتل أبيب على أعلى درجاته، بعد التفجيرات التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، والتهديد الإيراني برد حاسم على كل مَن يثبت تورطه فيها، مقابل تسريب تقارير أميركية و»إسرائيلية» عن تعاون استخباري شاركت فيه تحالفات دولية وإقليمية أنشأتها واشنطن لمواجهة إيران، والجديد الإيراني كان على لسان قائد فيلق القدس الجنرال إسماعيل قآني الذي خلف الجنرال قاسم سليماني الذي اغتاله الأميركيون مطلع السنة في بغداد، وقال قآني بعد اجتماعه بقادة محور المقاومة في المنطقة، إن ما جرى للبارجة الأميركية يو أس أس ريتشارد في مرفأ سان دييغو هو عقوبة إلهية على الجرائم التي ترتكبها الحكومة الأميركية، وهو ما يمكن تفسيره، وفقاً للمرجع الأمني، غمزاً بالإيحاء حول ظروف حريق البارجة المشابه لاستهداف مراكز نووية إيرانية، معلناً بالمقابل أن أياماً عصيبة آتية لا تزال بانتظار الأميركيين وكيان الاحتلال في المنطقة، وأن ما جرى ليس إلا البداية، فالأيام الصعبة لم تأت بعد، وهي آتية، وتزامن كلام قآني مع توقيع اتفاقات تتصل بالتعاون لتطوير الدفاعات الجوية السورية من قبل إيران، خلال زيارة رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري لسورية قبل أيام، والمعلومات عن التحضير لنشر منظومات دفاع جوي متطورة في مناطق سورية عديدة.
الترقب في المنطقة للخطوة التالية، يواكبه ترقب لبناني للخطوة التالية. فالكلام الأميركي الإيجابي لم يصرف بعد خطوات عملية، لا في مجال ما هو متوقع من مساعدات عربية كويتية وقطرية تنتظر الضوء الأخضر الأميركي، ولا في مجال استثناء لبنان من العقوبات على سورية أو بعضها، ولا في حلحلة عملية لشروط ترسيم الحدود البحرية التي أعادت السفيرة الأميركية فتح ملفها، ولا في انتقال الوفد المفاوض لصندوق النقد الدولي إلى البحث عملياً بخطة التعاون وشروط تقديم المساعدة.
المهلة المعقولة لمعرفة المسار الفعلي للأوضاع في المنطقة وفي لبنان، ليست أكثر من نهاية الشهر الحالي كما يقول المرجع الأمني الكبير، وخلال هذه الفترة لن يتوقف لبنان عن السير بما بدأه سواء تحت عنوان التوجّه شرقاً، أو في مجالات تحفيز الإنتاج، أو ضبط الاستيراد والرقابة على سوقي صرف الدولار وبيع السلع الاستهلاكية، ومعالجة ملف الكهرباء، وهنا كان لافتاً إعلان السفير الإيراني في لبنان محمد جواد فيروز نيا عبر شاشة تلفزيون المنار، عن استعداد الحكومة الإيرانية للتبادل التجاري مع لبنان بالليرة اللبنانية، خصوصاً لجهة تأمين المشتقات النفطية تلبية لحاجات السوق اللبنانية، بالإضافة لما يلزم في سوق الدواء وسواه من الضرورات الغذائيّة والاستهلاكية، ما جعل ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بهذا الخصوص من اقتراح، يتحوّل عرضاً إيرانياً رسمياً وعلنياً.
كلام موازٍ لرئيس الحكومة حسان دياب عن المرحلة الانتقالية والشكوك حول مناخات انفراج، أوحت به إشاراته لقيام أطراف لبنانيين ببذل جهود وتدخل مباشر لدى الدول التي تفكر بمساعدة لبنان، لثنيها عن تقديم أي مساعدة متسائلاً عن وطنية هؤلاء، كما أوحت إشارته إلى محاولات تعطيل في الإدارة لخطط الحكومة، ملمحاً لاحتمال الإصرار لتغييرات في الإدارة، بعدما ذكر أنه رفض اعتبار كبار الموظفين عدة شغل لفريق، بل عدة شغل للدولة، ورفض التغيير على هذا الأساس.
يبدو أن رئيس الحكومة حسان دياب سيواصل في الأيام المقبلة مواقفه التصعيدية تجاه قوى سياسيّة يتهمها بعرقلة أي مساعدة خارجية للبنان، وإذ رأى دياب خلال جلسة مجلس الوزراء أن «ما سمعناه من أشقائنا في الدول العربية عن الاتصالات التي حصلت معهم من بعض السياسيين اللبنانيين مخجل»، أعلن أن الاتصالات مع أشقائنا في العراق والكويت وقطر ومع أصدقائنا في العالم تشهد تطوراً إيجابياً ومشجّعاً لمساعدة لبنان. ولفت الى «أننا نحفر الصخر حتى نستطيع تخفيف حجم أزمة البلد، وبالمقابل هناك أناس ما زالوا مصرين على زيادة معاناة اللبنانيين». وكشف دياب عن «تقارير بشأن خطة لعرقلة الحكومة من داخل الإدارة»، وأضاف: وتعرّضتُ لضغوط كثيرة حتى غيّر «العدّة» على قاعدة أننا لا نستطيع العمل بـ«عدّة» غيرنا وأنا مصرّ على أن هذه «عدّة» الدولة وليس «عدة» قوى سياسية ولا «عدة» أشخاص.
وسأل رئيس الحكومة حسان دياب في جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا عن التطورات في مسألة التدقيق الجنائي، فأجاب وزير المالية غازي وزني أنّه يتم الاتصال بشركتين، ورد الرئيس دياب أن «الموضوع سيُعرض الخميس».
أما وزيرة العدل ماري كلود نجم فاعتبرت أن هناك تحفظاً على بعض الشركات وسألت لماذا استبعدت kroll. وطلبت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد أن يشمل التدقيق مؤسسات أخرى كمؤسسة كهرباء لبنان.
وفيما وافق المجلس على تلزيم شركة شلمبرغر وضع دراسة لتقدير ثروة الهيدروكاربون المحتملة في البر اللبناني ومياهه الإقليمية بالتصويت خلافاً لرأي ديوان المحاسبة، جرى تكليف وزير التنمية الإدارية إعداد ملف حول التوظيف غير الشرعيّ.
أما في ما خص استقالة مدير عام وزارة المالية ألان بيفاني، فسأل وزراء عديدون عن أسباب الاستقالة، فألقى بيفاني كلمة معدّة من أربع صفحات عن أسباب استقالته واشتكى أن الحكومة لم تدافع عن خطتها. وبعد مغادرة بيفاني، ناقش مجلس الوزراء المسألة ومعظم الوزراء رفضوها وقالوا إن «توقيتها غير مناسب» نظراً للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي واعتبروا انسحاب بيفاني خطير وله تداعيات غير مقبولة. وهو عضو في الوفد اللبناني المفاوض، علماً أن وزيرة الإعلام هي الوحيدة التي قبلت استقالة بيفاني وطرحت فكرتين: إما التريث بقبول الاستقالة، أو تريث وقبول.
وكانت هناك مداخلة فورية لوزير المال الذي طلب التريّث وليس رفض الاستقالة، حيث طرح الخيارات التي تترتب في حال التريث وبعض النقاش والاطلاع على قانون العمل وما يترتب بالنسبة لموظفي الفئة الأولى. وجرى التصويت على التريّث وصوّت 11 وزيراً مع قرار التريث.
عندما بلغ النقاش في جلسة مجلس الوزراء البندين الخامس والسادس المتعلقين بمشاريع قوانين تتعلق بتصحيح القوانين المتعلقة بقطوع حسابات الأعوام 1993 الى العام 2003 ومن ثم قطوع الحساب السنوية وصولاً الى العام 2017، ذكر رئيس الجمهورية مرة جديدة الحكومة انه لم يوقع مشروع موازنة العام 2019 لعدم إنجاز قطع حساب العام 2017 لتبيان كل حسابات المالية منذ عقود الى اليوم.
الى ذلك طرح الوزير عماد حب الله خلال جلسة مجلس الوزراء، إعادة النظر بالرواتب والأجور وستتم دراسة الموضوع والعودة لمجلس الوزراء لمناقشته.
وقرر مجلس الوزراء الموافقة على تعيين الخفراء الناجحين في المباراة التي جرت لتطويع خفراء لصالح الضابطة الجمركية، بحسب ترتيب نجاحهم في المباراة، وبشكل يراعي مقتضيات الوفاق الوطني والعيش المشترك.
اما أزمة الكهرباء فكانت الحاضرة الأبرز في كل المداولات، وأكد وزير الطاقة والمياه ريمون غجر، أن «ساعات التغذية زادت ساعتين ونصف الساعة. وباخرة الغاز أويل يتوقع أن تصل مساء اليوم مما يسمح بتشغيل معملي الذوق والجية»، موضحاً ان «الباخرة بحاجة 4 أيام متواصلة لكي نستفيد من حمولتها، والتحسن قد يبدأ بالظهور من مساء غد الخميس، وسنشهد تحسناً كبيراً بالتغذية، ولدينا عقد مع كويت بتروليوم ينتهي آخر العام ونبحث زيادة الكميات ابتداء من 2021، وستشري الدولة 90 ألف طن. والأكيد أن هناك تهريباً ولكن الكميات غير واضحة بعد».
الى ذلك اعتبر وزير الخارجية ناصيف حتي أن قرار الاتحاد الأوروبي حول سفر اللبنانيين إلى دول الاتحاد يتغير كل 15 يوماً بناء على تطوّرات كورونا، ولا حظر على سفر اللبنانيين إلى الإمارات العربية المتحدة.
وعشية زيارته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا اليوم قبل ان يغادر في الايام المقبلة الى الفاتيكان حاملاً مشروع تحييد لبنان، افادت مصادر مطلعة لـ»البناء» ان هذا المشروع الذي سيسلمه الراعي الى البابا فرنسيس يحظى بتأييد عربي ودولي وأممي. وفي السياق فإن الراعي، بحسب المصادر نفسها سيضع الرئيس عون في الدوافع الاساسية لمواقفه حيال ضرورة حياد لبنان، مشدّدة على أن مواقف البطريرك لن تبدّل في علاقة سيد الصرح برئيس الجمهورية.
وكان البطريرك الماروني واصل أمس، مواقفه العالية السقف فأكد أمام الصحافيين في الديمان، أن «لبنان هو الحياد والدولة المدنية وبلد اللقاء والتعدّدية والعيش معاً وأتى ميثاق 43 ليكرس هذا الواقع». وقال: «لبنان كان منفتحاً على كل الدول شرقاً وغرباً ما عدا إسرائيل التي احتلت ارضنا، اليوم بات لبنان منعزلاً عن كل العالم لكن هذه ليست هويتنا، بل هويتنا الحياد الإيجابي والبنّاء لا المحارب». وأضاف: «الحياد هو مطلب دولي وأوروبي وعربي، ونحن نطالب بالحياد مؤكداً «أننا نريد العودة الى أنفسنا لا أن نكون مرتبطين بأحد».
واستقبل الراعي رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي شدّد على أن الهواجس الموجودة لدى البطريرك الراعي موجودة لدى كل شخص حريص على البلد. ولفت الى أن «علينا جميعاً التحلّي بالمسؤولية الوطنية في المرحلة الحالية بهدف الوصول بلبنان إلى بر الأمان». وقال: الجميع يتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي وصلنا إليها والآن ليس الوقت المناسب للوم أو الانتقام.
وانسجاماً مع موقف بكركي أكد المجلس المذهبي الدرزي الذي انعقد بحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أهمية النأي بلبنان عن أتون الصراعات الدولية المدمّرة التي تفوق طاقته، بما يحمي وجوده ورسالته وميزته كموطن للديمقراطية والحريات والتنوع.
وفي السياق، تابعت الأمم المتحدة باهتمام كبير رسائل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وتلك الصادرة عن القيادات الدينية كافة في لبنان، كما قال المنسّق العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي دعا القادة السياسيين اللبنانيين إلى إجراء الإصلاحات الضرورية التي يمكن أن تساعد في إطلاق المساعدات الدولية ووضع لبنان على سكة الانتعاش الاقتصادي.
وفيما تنعقد الجلسة المقبلة لمجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1701 في الأسابيع القليلة المقبلة، قبل مناقشة قرار مجلس الأمن بشأن تمديد ولاية اليونيفيل في آب المقبل، أكد كوبيش أن الامم المتحدة ستظل ملتزمة بمساعدة السلطات اللبنانية والأطراف الأخرى في جهودها لضمان التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن 1701 و1559 و1680 وغيرها، داعياً لبنان وجميع الأطراف الى الالتزام التام بالقرارات المذكورة وتنفيذها، والتقيد بالتزاماتها الأخرى المنصوص عليها في الدستور واتفاق الطائف وإعلان بعبدا. وأشار الى أن التقارير الدورية لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول تنفيذ القرارين 1701 و1559 ترصد مؤشرات عدم تنفيذ تلك القرارات على نحو واسع النطاق من قبل الأطراف المعنية، وهي التقارير التي تناقش بشكل دوري في مجلس الأمن وتستثير الانتقادات من قبل الدول الأعضاء الذين يبحثون اتخاذ خطوات أخرى لتشجيع الأطراف وإجبارها على إبداء المزيد من الالتزام بتنفيذ تلك القرارات.
وجدّد السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه تأكيده على وقوف فرنسا دائمًا إلى جانب لبنان على أن تُطبَّق الإصلاحات الضرورية، مشدداً على أنه من الملح والأساسي اعتماد هذه الإصلاحات لكي يتمكن البلد من استعادة النمو واسترجاع الاستقرار.
وقال فوشيه في احتفال افتراضي نقل على صفحة السفارة عبر فيسبوك: «اللبنانيون يعانون الأمرّين. ودعوة للسياسيين، مهما كانت انتماءاتهم، أكانوا في الحكومة أو في مجلس النواب أو ضمن القوى المُشكّلة للأغلبية أو في المعارضة، أن يسمعوا الدعوة الموجّهة إليهم. يمرّ لبنان بأسوأ أزمة شهدها منذ نهاية الحرب الأهلية. لا يمكن لأحدٍ أن ينكر ذلك. يجب العمل. يجب العمل من دون تأخّرٍ».
الى ذلك أعلن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركيالجنرال كينيث ماكينزي «أنني خلال زيارتي إلى لبنان التقيتُ قائد الجيش جوزيف عون وأكدت له التزامنا بدعم الجيش اللبناني»، لافتاً إلى أن «حزب الله يشكل مشكلة في نظرنا»، مشدداً على أنه «في حال فكّر الحزب بتنفيذ عملية عسكرية ضد «إسرائيل» سيكون بذلك قد ارتكب خطأ كبيراً ولن تكون نهاية هذا الأمر جيدة».