مبادرة إيرانيّة تبحث عن قرارٍ لبنانيّ
} شوقي عواضة
لم تكنِ المرّة الأولى التي تبادر فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة للإعلان عن التعاون مع لبنان ومساعدته في شتّى المجالات فقد شهد هذا الملف مدّاً وجزراً على مدى سنوات نتيجة رفض بعض الأطراف اللبنانية التي تلتزم تعليمات السفارة الأميركية في بيروت بالرّغم من الأزمة الاقتصادية الحادّة التي يعاني منها الشعب اللّبناني بكلّ مكوّناته، يصرّ البعض على المضيّ بتنفيذ سياسات البيت الأبيض في تضييق الخناق على اللّبنانيين لاستهداف المقاومة وسلاحها ولتقليب بيئتها من أجل إسقاط ما تبقى من الشّرف العربي.
وبالرّغم من عدم تأثّر المقاومة وبيئتها بالحصار الاقتصادي الأميركي أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على لسان سفيرها في لبنان محمد جواد فيروزنيا أنّها على استعداد لتقديم المشتقات النّفطية للبنان معتمدة اللّيرة اللّبنانية في عمليات التّبادل التجاري معه، مضيفاً أنّ إيران جاهزةٌ لتقديم المساعدة بكلّ ما يحتاجه لبنان بدءاً من الزراعة والصناعة ومن ثمّ الكهرباء والدّواء ومختلف القطاعات الاقتصادية التي يحتاجها، لافتاً إلى أنّ إيران تتابع ملف دعم الحكومة اللبنانية ومعاناة الشّعب اللّبناني بالرّغم من الحصار الأميركي المفروض عليها وتعمل من أجل تقديم حلولٍ للأزمات لا سيّما على مستوى الكهرباء والنفط. تأتي هذه المبادرة في ظلّ ارتفاع حدّة الأزمة الاقتصادية في لبنان نتيجة تصعيدٍ في الموقف الأميركي تجاه لبنان لا سيما في ظلّ اقتراب الانتخابات الأميركية التي يبحث ترامب خلالها عن تسجيل إنجاز يعتلي من خلاله رئاسة الولايات المتحدة لدورة ثانية بعدما قلّت حظوظه في الفوز نتيجة إخفاقات سياساته على المستويين الداخلي والخارجي. في حين أنّ البعض في لبنان من السّائرين في ركب السّفيرة الأميركية والذين يرفعون محاربة الفساد شعاراً دون العمل على تنفيذه، ينطبق عليهم المثل الشعبي الذي يقول (ضربني وبكى سبقني واشتكى) لأنّه كان ولا زال من أولويات أولوياتهم نيل الرضا الأميركي وليس مصلحة لبنان وسيادته ولا رضا الشّعب اللبناني. ولو كانوا جديّين في حربهم على الفساد لكانت أولوياتهم مصلحة لبنان وشعبه، ولكانوا سياديّين حقيقيّين يمتلكون الجرأة على أخذ القرار بإنقاذ الوطن ممّا يتعرّض له من حصارٍ ومؤامراتٍ، ولأنهم ليسوا سياديّين كما يدّعون ولا يملكون الشجاعة على أخذ القرارات لإنقاذ الشعب، وبالتالي فإنّهم رأس الفساد الذي يزداد يوماً بعد يومٍ ولا يعوّل عليهم أن يقدّموا شيئاً للبنان بل هم يعملون من أجل مصالحهم ومشاريعهم الخاصة والشعب اللبناني لا يعوّل على أمثالهم، بل يعوّل على الأحرار الذين يمتلكون الشجاعة باتخاذ القرار والتقاف المبادرة الإيرانية والعمل بجديّة على مواجهة الأزمات وحلّها عمليّاً. وعلينا أن نرحّب بأية مبادرة لمساعدة لبنان من أيّة جهةٍ كانت، إلّا من العدو الاسرائيلي طبعاً كما أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله.
أمّا اليوم، وفي ظلّ تفاقم الأزمات في لبنان… من أزمة الكهرباء إلى النفط والدواء والغذاء… فإنّ المبادرة التي أطلقها السفير الإيراني في بيروت محمد جواد فيروزنيا تحتاج إلى ترحيبٍ وقبولٍ لبناني سيادي يعمل من أجل لبنان وشعبه ولا تحتاج إلى موافقة أو إذن من (بريمر لبنان) دوروثي شيا التي تتقمّص دور بول بريمير الذي كان حاكماً في العراق.
فيا أصحاب السيادة والفخامة والمعالي والسعادة… أنتم اليوم أمام خيارين إمّا الاستجابة للمبادرة أو تقديم البديل للخروج من الأزمة وإلا ستضيع المبادرة وهي تبحث عن رجلٍ سياديٍّ لديه الجرأة لأن يقول للحاكم العسكري الأميركي في بيروت دوروثي شيا لا لن نجوع ولن نُهزم.