«التأثر والتأثير المتبادلان بين الفارسية والعربية» ندوة حواريّة أونلاين للمستشاريّة الثقافية الإيرانية في لبنان
أقامت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان ندوة حوارية في الفضاء الإفتراضي بعنوان «التأثر والتأثير المتبادلان بين الفارسية والعربية» بمشاركة عدد من الشخصيات الإيرانية والعربية التي تحدثت حول التبادل الثقافي بين الفارسية والعربية على اعتبار أن الإيرانيين والعرب تشاركوا في صنع الحضارة الإسلامية، وتدانى أدبهما، واقترب بعضه من بعض واقترضت اللغة الفارسية الألفاظ من اللغة العربية، وأقرضتها ألفاظها.
شارك في الندوة عدد كبير من الأكاديميين والأساتذة المتخصصين باللغتين العربية والفارسية وآدابهما ينتسبون الى جامعات عريقة من الجمهورية اللبنانية، الجمهورية الإسلامية الايرانية، دولة الكويت، جمهورية مصر العربية، سلطنة عمان، الجمهورية العربية السورية، ودول عربية واسلامية أخرى. كما تميزت الندوة بالحضور اللافت لمجموعة من أصحاب الاختصاص والمهتمين في الأدبين العربي والفارسي الذين قدموا مساهمات غنية خلال الندوة كان بنتيجتها أن أوصت الندوة بسلسلة من التوصيات بعد حوار جاد هدفه إيجاد تلاحم أكبر بين اللغتين ومن ضمن التوصيات والاقتراحات:
– إنشاء مراكز لتعليم اللغتين في إيران وفي البلدان العربية بأساليب جديدة وبالاستفادة من التعليم الافتراضي.
– الاهتمام بالترجمة في مختلف المجالات العلمية والمعرفية.
– الاهتمام بتبادل الأساتذة والطلاب بين العرب والايرانيين.
– إجراء مشاريع مشتركة علمية بين علماء اللغة العربية والفارسية في العلوم المرتبطة باللغتين.
في البداية تقديم من الاستاذة مريم ميرزادة والتي تساءلت عن جذورُ التأثّر والتأثير بين اللغات.
بعد ذلك تحدث المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار فاعتبر ان «اليوم هو الحوار والتعامل البنّاء مع العالم، وهذه المناسبة التي أٌقرّها مجلس الشورى الأعلى للثورة الثقافية، مناسبةٌ دعَتنا إلى الاجتماع في حلقةٍ من الحوار البنّاء، لغةً وثقافةً وفكراً».
أضاف الدكتور عباس خامه يار «لقد بدأ الخلقُ بالحوار، بالكلمة المتبادلة ما بين الخالق وملائكته وآدم أبي البشر وأن الحوار يعتبر سلوكاً إنسانياً محموداً يعكس الحضارة الإنسانية. وهذا يعني بأننا قادرون بل من واجبنا أن نتحاور مع الآخرين ومع ثقافاتهم، ونتعرّف على رؤاهم وآرائهم، وهكذا ينشأ التواصل الإنساني الذي لا مفرّ منه مذ كان الإنسان. هذا التواصل الذي نتجَ عن حاجة الاجتماع البشري الغريزية، وأدّى إلى ظهور اللغة وكافة استخداماتها الحياتية».
كم شدّد المستشار الثقافي على انه «يمكن اعتبار الحوار بين إيران والعرب قطعةً من أحجية حيث يقوم الحوار في صفحةٍ واسعة من الأشكال المختلفة. بتعبيرٍ آخر فإن الأحجية نفسها هي عبارةٌ عن حوارات الثقافات الكبرى والواسعة مع الغرب، الشرق، الصين، وسائر الأديان. وما هذه الحوارات إلا قطعةٌ من تلك الأحجية الكلية التي قد تكون في صدارة الأولويات بطبيعة الحال وفي ظل الظروف الإقليمية وتحولات العالم العربي الأخيرة».
وأكد المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان على ان «الانفتاح على الحوار مع العالم العربي كان من أساسيات الثقافة الفارسية منذ القدم، فالعلاقات بين إيران والعالم العربي هي علاقاتٌ تاريخيةٌ تعود إلى أكثر من ثلاثة عشر قرنًا حتى أنّها كانت قائمة قبل ثلاثة قرونٍ قبل الإسلام، وقد شهدت نمواً ملحوظاً خلال القرن السابع الميلادي تحديداً بعد الدولة العباسية. وقد شهد التاريخ بعد ذلك دوراً أساسياً للإيرانيين في التبليغ الرسالي للإسلام، فكان هؤلاء يخوضون حواراتٍ دينيةً،علميةً، ثقافيةً، وفنية.
الدكتور عباس خامه يار اشار الى ان «الانفتاح على الحوار مع العالم ينسحبُ ايضاً «على مجريات اليوم، فإيران التي تبادرُ إلى الإعلان بأنّ غايتَها تتخطّى مقولات الكثيرين وأباطيلهم في أنّ هدفها من الحوار توسّعيٌّ يرمي إلى الهيمنة، تؤكد من جديد وفي كل مرة، بأنّ الغاية الكبرى والتي تضعها نصب عينيها هي الانفتاح الفكري الثقافي العلمي على العالم ومشاركة التاريخ والفكر، بنيةٍ صافية، وقد أكد القائد على مصطلح النيات الصافية، حيث لا يفلحُ في تحقيق غاياته من كان يضمرُ نيات الطمع والاستغلال. إن من واجبنا، كدولةٍ إسلاميةٍ أن نقدم الصورة الأصيلة عن الإسلام ورتق كل الصدوع الحاصلة ما بين ثقافتنا والعالم الآخر، من عرب وغرب».
وتابع المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان كلامه فقال «الحديث عن الحوار لا ينبغي أن يكون منفصلاً عن اللغة. فكيف تتقربُ الثقافاتُ على بعضها البعض وكيف تتم عملية التأثر والتأثير ما لم يكن عند الطرفين اطلاعٌ واسعٌ وعميق على لغة الآخر. ففي اللغة مفاتيح الحوار، وفي تعلمها انكشافٌ لفكر الآخر وثقافته وتاريخه».
وفي الختام وبعد ان حيا الدكتور عباس خامه يار الأساتذة المشاركين بالندوة، ختم كلامه بآيةٍ قرآنية تحملُ إشارةً إلى أهمية اللغة «ومن آياتِهِ خَلقُ السماواتِ والأرضِ واختلافُ ألسنتِكُم وألوانِكم إن في ذلكَ لآياتٍ للعالمين».
من جهتها الكاتبة والباحثة والأستاذة في الجامعة اللبنانية الدكتورة دلال عباس تحدثت عن «التأثير والتأثر المتبادلين بين العربية والفارسية؛ المصطلحات الفارسية في اللغة العربية»، كما كانت محاضرات لكل من الدكتور احسان بن صادق اللواتي رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان وكان عنوان محاضرته «التأثير والتأثر المتبادلان بين العربية والفارسية في مجال العلوم البلاغية»، الدكتورة انسية خزعلي عضو الهيئة التدريسية في جامعة الزهراء في ايران والتي قدمت محاضرة بعنوان «الحلقة الحضارية بين اللغتين العربية والفارسية»، اما الدكتورة حنان الطاحون المدرّسة في قسم اللغات الشرقية في كلية الآداب في جامعة القاهرة من جمهورية مصر العربية فتناولت في محاضرتها واقع اللغة الفارسية في مصر؛ تعليمية اللغة الفارسية في جامعة القاهرة نموذجاً.
ثم كانت مداخلات لكل من الدكتور سمير أرشدي من جامعة الكويت والدكتور طوني الحاج أستاذ اللغة الفارسية سابقا في الجامعة اللبنانية والدكتورة سهيلا محسني نجاد أستاذة جامعة الإمام الصادق، الباحثة الايرانية أعظم دهقان والدكتورة عطية أربابي من ايران، الصحافية أمية درغام، فضلاً عن الدكتور علي موسوي زاده المستشار الثقافي الايراني في سلطنة عمان.