الوطن

الجامعة الأميركية… بين رواتب الكبار والصغار!

} د. محمد قاسم*

يتقاضى أصحاب المراكز في الجامعة الأميركية في بيروت مئات الآلاف من الدولارات سنوياً ويصرفون 800 موظف/ة وممرض/ة ممن لا تزيد رواتبهم عن 1/20 من رواتب متخذي القرار الإجرامي واللاإنساني. والحبل على الجرار

يظهر الجدول المرفق الرواتب الخياليّة لأصحاب المراكز في الجامعة الأميركية الذين تتراوح رواتبهم الشهرية بين 12.5 ألف دولار و 75 ألف دولار شهرياً. هم ذاتهم أصحاب هذه الرواتب نفذوا جريمة تاريخية لم يسبقهم إليها أحد بصرف 850 موظف/ة وممرض/ة من الخدمة كدفعة اولى ممن هم على لائحة الصرف ممن لا يتجاوز راتب الواحد منهم واحداً من عشرين بالمئة من رواتب أصحاب المراكز هؤلاء، وذلك تحت حجج واهية وغير واقعية حيث نسبوها الى عجز مالي غير مبرّر وغير دقيق. في الوقت الذي تتلقى فيه إدارة الجامعة مساعدات سنوية بعشرات لا بل بمئات الملايين من الدولارات كان آخرها مساعدة بقيمة عشرين مليون دولار تسلّمتها الإدارة منذ أقلّ من أسبوع وأعلنت عنها إدارة الجامعة والهيئة المانحة.

إنها مجزرة حقيقية. والمجزرة الأكبر انها تمّت بإشراف ورقابة الاتحاد العمالي العام ونقابة موظفي الجامعة وبحراسة أمنية مشدّدة غير مسبوقة وفرتها وزارة الداخلية لإتمام عملية التبليغ والصرف .

كما أنه من المتوقع أن تستكمل هذه المجزرة بصرف ما يوازيهم عدداً من المستخدمين والموظفين وربما الأطباء والممرّضين خلال الأيام القليلة المقبلة وبالأسلوب نفسه .

 والآتي أعظم

إنها أكبر عملية صرف تعسّفية وغير إنسانية وغير أخلاقية حصلت في تاريخ العمل النقابي في لبنان. لكن للأسف «الناطور نايم او ساكت او متآمر».

والأنكى من ذلك، انه أمام هذه الكارثة لم يرف جفن الكثيرين، بل كلّ المرجعيات السياسية ولم يحرك أحد من المسؤولين العاملين في الشأن العام ساكناً وصمتوا كأهل الكهف. لا بل فالكثير منهم، وفي مقدمهم وزارة العمل والحكومة توطأوا مع إدارة الجامعة لتمرير هذه المجزرة والمجزرة الثانية المقبلة.

إضافة الى ذلك لم تتمّ الدعوة إلى تنفيذ إضراب أو اعتصام او تحرك ضاغط من الهيئات النقابية وفي مقدّمها الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية ونقابة موظفي الجامعة ومجموعات الانتفاضة دفاعاً عن ديمومة العمل وضدّ الصرف التعسّفي، ولوقف هذه المجازر المستمرة بحق أبناء شعبنا وأصحاب الدخل المحدود، وكأنّ هذا الفساد وهذه البلطجة بحق المئات من العائلات والتي ستتجاوز الألوف خلال أيام معدودة، حيث يشرّدون ويطردون من أعمالهم وتتمّ التضحية بهم على مذابح أصحاب السلطة والمال.

 الحبل على الجرار.. .

بئس حركة نقابيّة كهذه!

أؤكد للجميع انه لو حصلت هذه المجزرة أيام عز الحركة النقابية والشعبية (مرحلة النهوض النقابي والوطني والديمقراطي) لقامت الدنيا ولم تقعد ولكانت التظاهرات والاعتصامات ملأت شوارع بيروت ولكانت مفاصل البلاد قد شلت دفاعاً عن ديمومة العمل وضدّ عمليات الصرف التعسّفي والمادة 50 من قانون العمل. فلبنان كله شهد كيف نفذنا الإضراب الشهير والاعتصام المتواصل دفاعاً عن 310 معلمين رسميين صرفوا تعسّفياً في السبعينيات من القرن الماضي (أيام الرئيس سليمان فرنجية والرئيس صائب سلام) حيث لم يتمّ فكّ الإضراب الشامل والاعتصام المفتوح على مدى عشرة أشهر متواصلة في المؤسسات التعليمية وبدعم ومشاركة الحركة النقابية حتى إعادتهم جميعاً إلى العمل مع دفع كامل رواتبهم وملحقاتها عن فترة الصرف .

أين نحن اليوم من تلك الأيام وتلك النضالات؟

مئات الآلاف من اللبنانيين نزلوا الى الشارع وملأوا الساحات في وجه الفساد والسلطة الفاسدة. أليست هذه المجزرة سبباً وجيهاً وحافزاً كافياً للنزول مجدّداً إلى الساحات لوقف هذه المجازر وإسقاط هذه السلطة المتواطئة على مصالح شعبنا.

ابحثوا عن الأسباب الحقيقيّة والخلفيات الحقيقية لعمليات الصرف التعسّفي المتمادية. والأيام القليلة المقبلة ستظهر خلفيات هذه القرارات ومَن كان خلفها.

*مناضل نقابي لبناني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى