«الشمس منتصف الليل»… نتاجٌ فنّيّ عن واقع منظومة الصواريخ الإيرانيّة ورسالة للعالم ضدّ «إسرائيل» المخرج القدير شهريار بحرانيّ: تجديدٌ في الأعمال المطروحة قائمة على عمق الفكرة وفهم المستقبل
حوار نجاة حجازي
السينما واحدة من أهم وسائل التواصل الاجتماعي، هي إحدى أدوات القوة الناعمة وأكثرها تأثيراً في المجتمع. فهي تساهم بشكل كبير في تشكيل الوعي العام للمشاهد تجاه القضايا المتنوّعة من خلال كيفية تقديمها خدمة تلك القضايا بشكل مختلف لتؤثر برسالتها في كافة المجالات.
شهريار بحراني مخرج إيرانيّ من أصل بحرانيّ من مواليد العاصمة طهران عام 1951 ، حاصل على شهادة جامعية بفرع الانيميشن من المعهد السينمائي في لندن. بدأ فعاليته الفنية عندما ساهم عام 1994 بتأسيس مكتب “مهاب» للأفلام السينمائية. يعمل مخرجاً وكاتباً للسيناريو وممثلاً ومونتيراً، وله مواهب أخرى عديدة ومتنوعة.
من أشهر الأفلام السينمائية التي شارك فيها كمخرج فيلم ومسلسل “مريم المقدسة» (2000)، وأما الأفلام التي أخرجها فهي: “مملكة سليمان» (2008) و»الدنيا المقلوبة» (1997 )، و»الهجوم على H3» ( 1994)، و»الهلع» (1987) و»المعبر» (1986) و»حامل العلم» )1984(.
كما شارك بكتابة سيناريو أفلام، أهمها: “ملكة سليمان» (2008)، «الدنيا المقلوبة» (1997 )، «الهجوم على ( 1994)، “الهلع» (1987 )، “المعبر» (1986) و “حامل العلم» (1984(.
وشارك بتمثيل مجموعة أفلام، أهمها: “النادي السري» ( 1998) و»السلحفاة» (1996(.
كما ان له مشاركات عديدة أيضاً في مجال مونتاج الأفلام، أهمها : “يوسف الصديق» (2006) و “مريم المقدسة» (2000) و»الدنيا المقلوبة» (1997 ) “السرعة» (1996 ) “الطيران في النهاية» (1990) “الهلع» (1987).
لنسلّط الضوء على الفنّ السابع في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، “البناء»، التقت المخرج الإيراني القدير شهريار بحراني وأجرت معه المقابلة، ننقل إليكم تفاصيلها في ما يلي.
حبذا لو تطلعنا على أبرز خصال السينما الإيرانية الفريدة والثابتة.
ـ الثورة الإسلامية الإيرانية أثرت على الفنّ والفنانين بحيث إنهم تلقفوها من خلال القلوب التي انجذبت الى هذا النور الكبير وعملت على تحول كبير بعالم الفن نحو العلا والرقي، خصوصاً الإسلام والتشيّع. وهذا الحدث هو حدث مبارك. نحن لم نستطع أن نعكس هذا الحدث الكبير وذلك ربما بسبب الحوادث التي حصلت والفتن الكبيرة التي أحدثها أعداء الاسلام وسدّ الطرق بوجه الشعب الإيراني الذي أدى الى التخفيف من طاقة الفنانين في هذه المسيرة فلم يستطيعوا أن يؤدوا جهدهم الكافي نحو التشيّع. لكن يوجد بعض الأعمال السينمائيّة الجيّدة.
الاعتماد على الواقع أو التميّز الدائم بالواقعية، هل هذا العامل هو المكوّن السحريّ الأساس لنجاح وتألّق الأفلام؟
ـ في بحث الواقعية والحقيقة المرتبطة بالثورة الإسلامية وبفنّ السينما، يقع الفنانون تحت تأثير النقاط المحيطة وفي هذا المجال أول ما يخطر ببالهم هو الحوادث الواقعية حيث إنها تكون وراء الكواليس من الأولويات، ولكن في الحقيقة وللأسف فإن قواعد الفن العالميّ تسعى إلى إبعاد الأشخاص عن النظر ببصيرة وبعمق ديني الهي للأحداث. فالبصيرة هي جملة المفاهيم القرآنية العظيمة ورؤية البواطن الحقيقية للأحداث مع تقوية المعارف الإلهية العظيمة لفهم الأحداث من خلال البواطن الالهية. فلكل حادثة باطن ممتد من التدبير الالهي، يعني أن الله تعالى ملأ ميدان الدنيا بأحداث ومواقف اذا اردنا تصورها نرى النتيجة الالهية التي يدلنا عليها الله تعالى.
إن الفنّ الغربي للأسف قائم على تثقيف وتربية ألا نفكر بهذه الطريقة ويكون بعد نظرنا فقط على الأمور الطبيعية، وأن لا نأخد بعين الاعتبار أي شيء من تلك الأمور الإلهية، لذا فإن أول موضوع يشدّ انتباه الفنان هو هذا الحماس والانجذاب السطحي وعدم التعمّق بالظواهر حيث يسعى الفنان إلى صناعة الفيلم الخاص به من خلال هذا الانجذاب. وللأسف فالفنّ السينمائي كان تحت سيطرة اليهود وفيه النظرة اليهودية التي انتشرت في العالم وكان عملها مختصاً بالأحداث السطحيّة وعدم وجود أي بعد نظر فيها، وأن لا يكون فيها أحداث حقيقية.
كيف أحدثت السينما الإيرانية العلامة الفارقة بعد ثورة الإمام الخميني، وما هي التحدّيات التي واجهتها ونجحت بالقفز للعالمية بفضل الثورة المباركة؟
ـ نحن نواجه مشكلة أساسية في ما يخصّ الثقافة والجذور الثقافية في ايران والشرق الأوسط. فالقواعد الموجودة في دولنا الإسلامية ليست صحيحة. وكانت الثقافة الحاكمة تارة تعتمد على القبلية او البيروقراطية أو ثقافة نصف إسلامية نصف غربية أو ثقافات متأثرة بشدة بالأحداث التاريخية والمتجذّرة في أفكار الناس. وأهم وأخطر من كل هذا هي الفئات المندسة والتي كانت موجودة في كل مفاصل الدولة منذ ما قبل الثورة. وكانت عبارة عن فئات تجسّس شيطانية غربية وعلى استعداد لقتل اي تحرك ايجابي في الدول الإسلامية. وقد واجهت الثورة عدداً كبيراً من هذه الفئات الثورية الكاذبة والتي لها نفوذ في مفاصل المجتمع.
ما هي أبرز العوامل التي تخلق هذا السحر الخاص والحضور القويّ وهذه الدهشة التي تستقطب وتجذب المشاهدين في الأفلام الإيرانيّة؟
ـ اذا كانت سينما إيران صاحبة أثر جيد على وسط المشاهدين في داخل وخارج البلاد، فربما يعود السبب الى وجود القوانين الإسلامية التي أجبرت السينمائيين على ان يراعوا مسألة الحياء والعفّة ومن جملتها الحجاب مع أن الأفلام ليست كلها دينية، فهناك الكثير من الأفلام الأخرى المتنوعة. فوجود العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة سليمة، وذلك لأن وزارة الإرشاد والتلفزيون الإيرانية تجبرهم على الابتعاد عن السلوك السيئ والتأكيد على السلوكيات الجيدة. وحتى السينمائيين غير المتدينين كانوا يلتزمون بذلك. والأفلام الإيرانية عندما تخرج الى خارج البلاد كانت هي الأفضل ويعبر عنها بأنها كانت إنسانية جميلة وجاذبة. وللأسف في السنوات الأخيرة قد تراجعت السينما الايرانية وأخذت منحى يتعدّى حدود الدين والأخلاق ويؤثر سلباً على الأسرة. ونحن نأمل من خلال الأحداث الجديدة التي حصلت في العالم أن يقضى على هذا الشكل المخرّب للسينما وأن نعود ثانية الى السينما النقية المليئة بالعفة والحياء والقيم الدينية.
ماذا تخبرنا عن فيلمك الجديد المرتقب حول المنظومة الصاروخيّة الإيرانيّة وقد أنجزتم مرحلتي التصوير والمونتاج؟
ـ إن هذا الفيلم “الشمس منتصف الليل» هو تسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها قوات الجوّ الفضائية في الحرس الثوري. بخصوص الشهيد طهراني مقدم، أول من بدء بتصنيع الصواريخ في الحرس الثوري. انتهينا من التصوير وعمل آخر الأمور الفنية ونحن ننتظر مهرجان الفجر الآتي لكي نعرض الفيلم. لأن هذا الفيلم يعرض مرحلة حساسة من تاريخ الحرب العراقية الايرانية. إننا نأمل ان يكون هذا الفيلم وافياً ويشير إلى المراحل الصعبة التي أعدّتها إيران وكانت ناجحة فيها. ونأمل بأن يعرض هذا الفيلم خارج البلاد وفي الدول العربية أيضاً وأن يعجب المشاهدين.
كيف سيقرأ العالم الرسالة الواضحة التي يحملها هذا الفيلم؟
ـ هنا لا بد من التوضيح بان الجمهورية الإسلامية في إيران ترى أن مستقبلها كما ذكر في القرآن الكريم في سورة الإسراء هو فناء «إسرائيل». وإيران تعلم أنه في النهاية ستحارب الشيعة «اسرائيل» وتقضي عليها. سوف يحدث هذا حتماً وسيعمل الله بهذا الوعد كباقي وعوده. وتشير الأحداث الى أن «إسرائيل» حسب آيات الإسراء الأولى قد وصلت إلى نقطة أفسدت فيها في كل الأرض. وهذا هو الفساد الأول الذي يحدث في القدس بسبب «اسرائيل». وان إيران الى جانب باقي الأحرار في العالم سوف يتجهون الى «اسرائيل» ولا سلام ولا استقرار قبل القضاء على هذه الغدّة السرطانية. وهذا وعد الله الحق.
إن الأفلام السينمائية القديمة كانت حول حرب إيران والنظام البعثي، أما الآن فهذا لم يعد موجوداً ونحن أصدقاء مع الشعب العراقي. ونحن نصنع هذه الأفلام لنذكر أنه في ذاك الزمن كانت قد وقفت 64 دولة مع النظام البعثي ومن ضمنها أميركا و»إسرائيل» وكانت ضدّ الثورة الإسلامية.
حالياً إن الظروف متشابهة والعدو الأصلي هو “اسرائيل». “اسرائيل» التي لا بد من زوالها. ونحن نسعى لهذا الهدف ونبين المستقبل الذي سيؤول الى فنائها. نأمل أن يعي المشاهدون رسالة هذا الفيلم وأن يتصوّروا المستقبل على هذا الأساس.