الحكومة والتدقيق الماليّ
لو لم تقُم الحكومة بالتعاقد مع شركة للقيام بما يسمّونه بالتدقيق الماليّ التشريحيّ والجنائيّ لبقي التشكيك بجدية أو صدقية الحكومة وتوجيه الاتهام لثنائي حركة أمل وحزب الله بتعطيل التحقيق حماية للفساد، هما عنوان المعزوفة السائدة بين جماعات “السفارة الأميركية” الذين لا وصف يجمع تبايناتهم إلا هذا الوصف باعتبار أن بعضهم شخصيّات تحمل الجزء الأكبر من مسؤوليات الإدارة المالية للعقود السابقة وبعضهم الآخر شخصيّات تحمل لواء “الثورة” و”التغيير” وترفع رايات مكافحة الفساد.
– كما يُكتب لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إصرارهما على هذا التدقيق يُكتب للثنائي أنه متهم بريء بالتعطيل بدليل القرار الحكومي بالتعاقد على هذا التدقيق.
– اللافت أنه فور الإعلان عن الخبر سارعت وكالة الأنباء المركزية وتلاها موقع حزب الكتائب وكرّت السبّحة يميناً ويساراً لترويج روايتين، واحدة يسارية تشكك بأهلية الشركة التي تمّ اختيارها وثانية يمينيّة تبناها الكتائب عنوانها اللافت أن مدير الشركة “إسرائيلي” درس ويعمل في تل أبيب، ومن باب الاستنكار المستغرب، ولدى التدقيق في أسماء مدراء الشركة المشابهين لرتبة “المدير” المذكور تبين أنهم أكثر من ألف موظف يحملون هذه الرتبة، بينما أصحاب الشركة ومدراؤها العامون أسماؤهم معلومة وسجلهم كذلك، وما قالته الحكومة هو أنه يصعب إيجاد هذا النوع من الشركات من دون أن يكون في صفوفها “إسرائيليون” أو يكون لديها مكتب في تل أبيب، وأن سقف الطلب هو أن لا تكون شركة “إسرائيلية”، ولو أننا لا نرى مبرراً لكل هذا السعي لإثبات الحكومة صدقها بالتدقيق المالي حتى لو تعاقدت مع شركات مشبوهة، لكننا نستغرب هذا النوع من الغيرة من أصحابها الذين سخروا من السبب نفسه لرفض الشركة السابقة معتبرين أنه مجرد ذريعة للتهرّب.
– إيراد هذه الأمثلة لأن البعض ليست قضيته أن يتم التدقيق أو لا يتم ولا إن كانت الشركات مشبوهة أم لا، القضية هي الطعن بالحكومة وصولاً لتحميل حزب الله مباشرة أو عبر حليفته أمل مسؤولية الفساد والانهيار.
– الدرس الذي يجب أن تتعلّمه الحكومة ومكوناتها هو عدم الوقوع في ابتزاز السعي لاسترضاء جماعات تلبس لبوس الإصلاح وقضيتها الخراب.