في الذكرى الرابعة عشرة قراءة في عدوان تموز 2006 (4) الخسائر الميدانيّة والاقتصاديّة
رامز مصطفى _
تعرّض لبنان نتيجة العدوان إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين من شهداء وجرحى، وتدمير شبه تام في البنى التحتية من كهرباء وماء وجسور، ومطارات بيروت ورياق والقليعات، ومستشفيات، ومدارس، ومنشآت عامة وخاصة. ومن دمار هائل في مدن وقرى الجنوب والبقاع الشمالي والأوسط، والضاحية الجنوبية التي سوّيت بالأرض في دلالة واضحة على فاشية العدو وإجرامه وإرهابه، وما أظهره من حقد على بيئة المقاومة وحاضنتها الشعبية التي دُفِعت إلى التشرّد والنزوح عن قراها ومدنها وضواحيها.
خسائر لبنان على جسامتها وفداحتها، إنما هي الدلالة على فشل العدو في عدوانه على لبنان، وانتقامه جاء على تدمير بناه التحتية، وارتكاب المجازر بحق مواطنيه، وقانا الثانية شاهد حي على هذه الوحشية. إلاّ أنّ ما تعرّض له العدو الصهيوني وكيانه الغاصب، على يد المقاومة بقيادة حزب الله، سواء في الميدان أو البنى التحتية والاقتصادية، لا تقلّ عما تعرّض له لبنان. ولعلّ الأهم من ذلك تعميق أزمة الكيان الوجودية، ودفع الكثير من المستوطنين إلى مغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية في كانون الثاني 2002 مقالاً بعنوان «يشترون شققاً في الخارج تحسّباً لليوم الأسود»، والمقصود هنا هم المستوطنون الذين غادروا حينئذ بالآلاف، أما «اليوم الأسود» فهو يوم نهاية الكيان، لأنه متجذّر في الوجدان الصهيوني منذ ما قبل إنشاء الكيان. فقد أدرك عدد من الصهاينة الأوائل، أنّ مشروعهم مستحيل، وحلمهم سيتحوّل إلى كابوس، لذلك اعتقد الشاعر الصهيوني «حاييم جوري» أنّ كل يهودي يولد وفي داخله السكين الذي سيذبحه.
تقرير استخباري فرنسي كشف أن خسائر الكيان هي أقرب إلى الخيال، مقارنة مع ما اعترفت به حكومة العدو. ونقلاً عن مصادر صهيونية رسمية بحسب التقرير فقد قتل من الجنود 2300 وليس 119. وهناك 65 من هؤلاء الجنود قد قتلوا تحت أنقاض المنازل في الجنوب. أما عدد قتلى البارجة الحربية ساعر 5، فبلغ 24 بين ضابط وجندي. أما الخسائر في عدد الدبابات وناقلات الجند التي دمّرت بالكامل فهي 65، منها 38 نوع ميركافا. بالإضافة إلى 93 دبابة وناقلة للجند أصيبت بشكل بالغ. وبيّن موقع CNN وجريدة الدّيار بتاريخ 21 آب 2006، أن عدد القتلى من المستوطنين 157، والجرحى 860، ونزوح 300000 مستوطن. وسقط على الكيان من الصواريخ 3970 صاروخاً.
المراسل الاقتصادي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية كتب أنّ التكلفة الحربية المباشرة بلغت 7 مليارات شيكل، فيما الخسائر المباشرة في شمال فلسطين المحتلة فبلغت 5 مليارات شيكل، باستثناء ما دمّرته المقاومة من أعتدة وأسلحة. وبلغت خسائر الاقتصاد الصهيوني اليومية 500 مليون شيكل، أي 110 ملايين دولار فيما سارع اتحاد الصناعيين للإعلان عن أن خسائر الاقتصاد اليومية في مصانع الشمال وحدها تراوحت ما بين 300 مليون إلى 400 مليون شيكل، أي من 68 مليوناً إلى 90 مليون دولار. وهذه تقديرات مبنية على إحصائيات تقول إنّ 90% من المرافق الاقتصادية، من مصانع وأماكن عمل مختلفة، مواقعها في أقصى شمال فلسطين المحتلة (منطقة كريات شمونة الحدودية). هذا بالإضافة إلى خسائر في القطاع الصناعيّ، حيث توقف عن العمل 1800 مصنع، وفي قطاع العمل الفندقي والسياحة كانت خسائره 12 مليون دولار، بالإضافة إلى خسائر واضطرابات في أسعار البورصة. ناهينا عن المنشآت العامة والخاصة، وما تم صرفه من نفقات ورواتب على لجنة فينوغراد، والتي بلغت وحدها 13733000 شيكل.
*كاتب فلسطينيّ