النوم في حقل الكرز
توقفت عند الفصل ما قبل الأخير من الرواية وسرحت بمشاعري ودموعي.. لم أشأ التقاط النفس الأخير من قراءتها.. لم أرغب بالخروج من شوارع بغداد وأزقتها المبتورة على أرصفة العروبة.. تمنيّت لو أنني أستطيع أن أضع رأسي على صدرها لأستمع إلى دقات قلبها وأتأكد من أنها ما زالت حيّة على الرغم من كل تلك الندوب والجروح التي تخيّط جلدها..
كنت أقرأ وقصائد مظفر النواب تهمس في أذني:
«هل تسمعين صوت وجعي»؟؟؟
كنت أقرأ وأنا أقتفي وجع كاظم الذي يمتدّ كسرب حمام من بغداد إلى الصين..
كنت أقرأ وكل ما اختزنته مخيلتي من أحاديث الجرائد ونشرات الأخبار عاد ليحكي لي قصص الموت من جديد…
أما الخوف.. فكان تربيتة الآه على وجعي حين تذكرت ما عشناه نحن العرب جميعنا من حروب.. كيف لنا أن نعود أحياء بعد كلّ ذلك الرصاص المحشو بالسم والحقد.. كيف لنا أن نقف مكتوفي الصوت أمام صراخ الضلوع بعد كل خسارة وفقدان..
شعرت بأن أنفاسي قد تلبّدت بالبرد حتى ابتعلت حنجرتي..
التقطت بعضاً ممّا تبقى من حواسي وحملت الفصل الأخير آملة النوم الأبدي في حقل من الكرز…
ناريمان علوش
أزهر جرجيس: لقد تلبّستني هلوسات سعيد، فكيف لي أن أشفى منها؟؟