ندوة عن دور الإعلام الميداني في الحروب وكلمات أشادت بتضحياته في عدوان تموز
نظّم معهد الدراسات الدولية ندوة إلكترونية بعنوان «دور الإعلام الميداني في الحروب والأزمات»، بذكرى انتصار لبنان في حرب تموز 2006، برعاية نقيب محرّري الصحافة جوزيف القصيفي، وحضور المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار، ومشاركة الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشّور، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدكتور كميل حبيب، الإعلاميين حسين مرتضى وسمير الحسن، إعلاميين من لبنان وفلسطين والعراق ومثقفين.
وتحدث في الندوة التي أقيمت في «قرية الساحة التراثية»، إعلاميون ميدانيون من فلسطين وسورية والعراق واليمن، إضافةً إلى المشاركين الحاضرين الذين تحدثوا عن أهمية الإعلام ودوره في صناعة الانتصارات ومدى تأثير الحرب النفسية على العدو ولا سيما في ظل تطور وسائل الإعلام وتعدّدها التي أصبحت تشكّل جبهة مواجهة لا تقل أهمية عن جبهات القتال.
وتخلّل الحفل تكريم عدد من الإعلاميين الميدانيين.
افتتحت الندوة بكلمة لقصيفي قال فيها «الإعلام الميداني في الحروب والأزمات، هو الذي ينقل المشاهد إلى دائرة الحدث بالصوت والصورة، ويصله بتطورات الأرض لحظة فلحظة. معه بات العالم قرية كونية. وتدانت المسافات. والإعلاميون الميدانيون من صحافيين ومصورين، هم في حدقة الخطر، يتحملونه ويحملونه في الحِلّ والترحال، وهم يسابقون الخبر في سعيهم إلى إشباع نهم المتابعين، المتلهفين إلى تسقُّط آخر المستجدات. وهؤلاء هم حرفيون أولاً، بصرف النظر عن إنتماءاتهم السياسية، وميولهم والأهواء. وإن العمل الذي يقومون به، يرتكز إلى الإبداع والإبتكار، وقبل أي شيء إلى الحكمة والحنكة والقدرة على التدبّر، والكثير من الشجاعة والجرأة».
أضاف «في حرب العام 2006 اقتحموا ألسنة اللهب، وتحدوا القذائف الحارقة، وواجهوا الدبابات، وعاينوا الأضرار، وشهدوا على الوحشية الإسرائيلية التي حصدت مئات الشهداء، وأوقعت الآلاف من الجرحى، وجرفت أحياء بأكملها. وعلى الرغم من أن الإعلام العالمي، خصوصاً شبكاته الأوسع إنتشاراً ونفوذاً وتأثيراً، أسدل ستاراً كثيفاً من التجهيل والتهميش على ما ارتكب من مجازر. فإن دم الأبرياء لم يجفّ، بل ظل هادراً كشلاّل صاخب، يضجّ في الضمائر، ويطرق أبواب الذاكرة بقوة».
وأشار إلى وسائل الاعلام اللبنانية: مرئية، مسموعة ومكتوبة، اثبتت أنها على قدر المسؤولية الوطنية «فأبرزت وجه لبنان المتضامن ضد العدو (…) وهي لم تبخل بتضحية. وقد سقط شهداء وجرحى، وقُصفت محطات إرسال، ومؤسسات تلفزة وسوّيَ بعضها بالأرض. تحية إجلال واكبار للشهيدين ليال نجيب، وسليمان الشدياق. دمهما ختم أحمر مهر رسالة الفداء بأحرف من ضياء».
وتابع «التكريم اليوم هو بادرة مشكورة من الداعين إليه ومنظميه، وكنت أود لو يكون جامعاً لأوسع مروحة من الزملاء الذين يستحقونه، ممن كان لهم حضور بارز، ودور رئيس في الإضاءة على الحرب التي شنتها إسرائيل، وباءت بالفشل، واندحرت جارةً أذيال الخيبة. فالجميع انخرط في المقاومة الإعلامية التي كانت الدعامة الرئيس للمقاومة العسكرية والسياسية، وكانوا جسر العبور إلى الانتصار المؤزّر». واعتبر أن «الإعلاميين الميدانيين هم شهود اللحظة، وكتبة مسودة التاريخ بما يوفّرون من قاعدة معلومات موثّقة بالنص والصوت والصورة، تكون منطلقاً لكل باحث ومتقصّ للحقائق التي تدحض الباطل، وتواجه كل تحريف وتزوير تطاول القضايا العادلة، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، وحق الشعوب في تحرير أرضها من الإحتلال».
وأكد أن الإعلام اللبناني نجح في العام 2006 في إبراز صورة لبنان الموحّد، والمتضامن في وجه «إسرائيل» وأطماعها «وكم نحن اليوم في حاجة إلى استعادة هذه الصورة بعيداً من الخلافات، علامات التشرذم الداخلي، والتيارات الخارجية التي تتقاذفنا»، لافتاً إلى «أن العدو هُزم عندما لم يتمكن من النفاذ من خلال التباينات لتمزيق نسيجنا الوطني الذي يتعيّن علينا الحفاظ عليه وصونه بالتضحيات وتغليب إرادة الحوار».
ورأى «أن الاعلام اذا أحسنّا استخدامه هو مقاومة دائمة، مقاومة للاحتلال، مقاومة للظلم، مقاومة للفساد، مقاومة للتطبيع مع الذين استباحوا حق الشعب الفلسطيني، مقاومة العابثين بالسلم الأهلي».
من جهته، تمنى بشّور «أن نستعمل كلمة حرب بدل اجتياح لأن المعركة التي تستمر 3 أشهر، يسقط فيها الآلاف تستحق أن تسمى حرباً».
وقال «كنت أتابع أخبار المعارك والميدان من أبطال الإعلام الذي استشهد من استشهد منهم وبقي من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً في حمل رسالة نشر الحقيقة». وتحدث عن علاقته الشخصية بالشهيد المصور إلياس الجوهري، الذي استشهد برصاص قنّاص، فقال «قبل أن يذهب إلى الإشتباك آنذاك إلتقيته وحاولت أن أثنيه عن الذهاب، فقال لي: غيرنا يقاتل بالبندقية، نحن نقاتل بالكاميرا والقلم».
بدوره، اعتبر حبيب انّ نتصار تموز عام 2006 «إنتصاراً إستثنائياً بمفهوم الحروب غير التقليدية، إذ انتصرت المقاومة على دولة، ولم يتم استثمار ذلك الإنتصار كما يجب». وقال «أظهرت المقاومة أنها تقاتل بمبادئها أي صراحة الإلتزام وإيمان الإنتماء ونهائية العداء للكيان الصهيوني وخارج أي مساومة أو لعب من السياسة تحت الطاولة أو فوقها. كان يجب أن يستثمر لبنان الرسمي انتصار تموز لأنه ليس حدثاً عادياً، بل هو يوم من أيام العالم الكبرى. إنتصار تموز يستحق أن يدرس وأن يدرس من ضمن المناهج الاستراتيجية العسكرية، فقد أدخل مصطلحات جديدة على قاموس خطاب المقاوم والسياسي، وهذا ما يجب أن تبنى عليه دراسات حول دور الإعلام إبّان النزاعات والحروب».
وختم «لا تزال إسرائيل قادرة على أن تقصف وأن تخرّب لكنها لم يعد باستطاعتها أن تنتصر، فالإنتصار لنا. وأما الذين ينتظرون سقوطنا، فهم سيحتاجون للحماية يوماً ما».
وأشار مرتضى في كلمة باسم المكرّمين، إلى أنّ «شهداء المقاومة ما زالوا حتى الآن وحتى هذه اللحظات، يقدمون دماءهم من أجل أن نحيا بعز وكرامة».
ووجه التحية «إلى كلّ الشهداء في الجيش اللبناني والجيش السوري وشهداء الحرس الثوري وشهداء الحشد الشعبي وشهداء اليمن وكل الشهداء والمقاومين الذين يقاتلون ويقاومون اليوم العدو أينما وُجد، لأن ومع كل هذه التطورات لا يمكن أن نفصل جبهة عن جبهة، ولا يمكن ان نفصل مقاومة عن مقاومة، ولا يمكن أن نفصل جيشاً عن جيش يحمل نفس العقيدة والمبادئ ويقاتل العدو نفسه».