إصدار نصوص الأديب المسرحيّ عبد الفتاح قلعه جي أعمالاً للمسرح… جمعٌ للإنسانيّة والمعاناة
شذى حمود
يُعدّ الأديب المسرحي السوري عبد الفتاح قلعه جي أحد رموز الكتابة للمسرح المعاصر سورياً وعربياً، حيث كتب على مدى يزيد على النصف قرن أكثر من 76 نصاً وصدر له ما يناهز الأربعين كتاباً وقدّم له على الخشبة أكثر من 25 عرضاً داخل البلاد وخارجها.
وتكريماً لمسيرته الحافلة أصدرت الهيئة العربية للمسرح ومقرّها الشارقة أربعة نصوص كتبها قلعه جي خلال سنوات الحرب الإرهابية التي طالت حلب كما بقية المدن السورية وما تعرّضت له من إجرام وعدوان.
وحول هذا الإصدار الجديد يوضح قلعه جي في تصريح صحافي له أن الكتاب صدر بعنوان “أربعة نصوص مسرحية” يجمع ما بينها المعاناة والألم الإنساني وما يتعرض له الفكر المتنور من القهر والإلغاء وظلمات الحروب وقهرها وهي في النهاية دفاع عن الإنسان في أمنه وحريته وكرامته ولقمة عيشه.
وتشمل هذه النصوص بحسب قلعه جي مسرحية فانتازيا الجنون التي تتعلق بالإرهاب وفكره التخريبي من خلال مجموعة هاربة من مشفى للأمراض العقلية تلتجئ إلى مسرح مهجور وتقيم عرضاً مسرحياً حيث يقوم فنان مسرحي وهو “المهرج” بمحاكمة رموز تاريخية كالكابتن الذي يمثل القوة العظمى اليوم والقائد الروماني أنطونيو وكليوباترا والشاعر عمر بن أبي ربيعة.
أما المسرحيّة الثانية فهي سيد الوقت الشهاب السهروردي وتقدم كما يذكر مؤلفها ملحمة عن حياة مؤسس الفكر الإشراقي السهرودي الذي حكم عليه بالموت في قلعة حلب وهي إدانة لما يتعرض له الفكر التنويري من ملاحقة وإبادة في التاريخ.
أما التص الثالث فهو مسرحية “كفر سلام” أو دستة ملوك يصبون القهوة للعلوج الغزاة حيث بين قلعه جي أن بطلها لاعب صندوق الدنيا يعود من جولته إلى قريته فيجد أنها مهدّمة بالكامل وجثث أبنائها متناثرة نتيجة قصف وحشيّ فيقدم فصلاً جديداً يستعرض فيه سيلاً من الذكريات والشخصيات عن القرية وأهلها.
أما المسرحية الأخيرة وعنوانها “سيرة مدينة اسمها حلب.. سنوات الجمر والنار” فيصفها بأنها ملحمة حلب وهي المسرحية الكبرى والتي لم ولن يكتب مثلها أبداً موضحا أنه ألفها في سنوات الإرهاب والحصار التي شهدتها حلب وما طاله فيها من معاناة شخصية حيث تهدّم بيته وأصيب وخضع للعلاج لفترة طويلة. فيبدأ النص بحكاية كاتب تحت القصف يبحث عن موضوع ما للكتابة وفجأة تتجسّد أمامه فتاة تعرف عن نفسها بأنها روح حلب الشهباء وتقترح عليه أن يكتب سيرتها فتتوالى الأحداث المتقابلة بين الحاضر والتاريخ حتى آخر مشهد تجتمع فيه عناصر العرض لتشكل فسيفساء حلب السكانية وتنشد أغنية المحبة لأقدم مدينة في العالم على وجه الأرض.
وبين قلعه جي أنه استخدم في هذه المسرحية تقنيات عدة من مسرح تجريبي وتعبيري ووثائقي تسجيلي وكلاسيكي ومسرح الصور.
ويجد قلعه جي أن خير وأدق ما كتب في هذه النصوص هو ما جاء في كلمة الغلاف ومنها: في هذا الكتاب أربعة نصوص من فضاءات عبد الفتاح رواس قلعه جي تجسد اهتمامه بالمضمون واللغة والكثافة الدرامية وتقنية الكتابة المشهدية أربع من عوالمه الساحرات.. حيث لا يكف عن تحويل مجرى الماضي ليكون حاضراً ونبوءة مستقبل ولا يتردد في إعادة إنتاج شخصيات استقرت في وجدان النصوص المكتوبة والشفاهية ليدخلها أسراً إلى عوالمه”.
يشار إلى أن عبد الفتاح قلعه جي كاتب وناقد مسرحي وشاعر وكاتب من مواليد حلب عام 1938 تخرج في جامعة دمشق كلية الآداب وله عشرات الكتب في الأدب والفكر والتراث والتراجم والشعر وقصص الأطفال والرواية والمسرح الذي يشكل الجانب الأكثر أهمية من نتاجاته وشغل رئيس شعبة المسرح الشعبي ورئيس لجنة التراث في مهرجان الأغنية السورية ومقرّر جمعية المسرح في اتحاد الكتاب العرب ومنح جائزة الباسل للإبداع الفكري وجائزة الدولة التقديرية إضافة إلى مشاركاته العديدة في مهرجانات سورية وعربية ناقداً أو باحثاً أو محكماً.