الأسبوع المقبل مرشح للمزيد من التصعيد على الحدود اللبنانيّة السوريّة مع فلسطين المحتلة
نتنياهو يحمّل لبنان وسورية مسؤوليّة أي ردّ... وقاسم يؤكد عزم المقاومة عليه / كورونا يجتاح الخطوط الحمر... ومطالبات بإقفال أسبوعين... والقرار الثلاثاء
كتب المحرّر السياسيّ
سيطر جيش الاحتلال على طائرة مسيَّرة للهواة يستعملها مصوّرون لفيديو بمناسبة حرب تموز 2006، فسقطت في اليوم التالي طائرة مسيّرة محترفة بالتجسس تابعة لجيش الاحتلال، أثناء قيامها بالتصوير فوق جنوب لبنان، وقصف جيش الاحتلال قرب القنيطرة مواقع سورية قال إنها لإيران وحزب الله، فأطلق صاروخ على طائرة تابعة لجيش الاحتلال وسقطت الشظايا داخل الجولان المحتل وأصابت برجاً للقناصة تابع لجيش الاحتلال. هذا هو المشهد الذي تراه مصادر تتابع التصعيد الذي تشهده جبهات الحدود مع فلسطين من الجهتين اللبنانية والسورية، وترى أنه سيتواصل وربما يبلغ الذروة في الأسبوع المقبل، في ظل تكتم المقاومة عن مكان وزمان الردّ الذي أكدت أنه آتٍ لا محالة، وفقاً لتمسكها بقواعد الاشتباك التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل سنة، بالردّ على أي عملية تؤدي لاستشهاد أي من مجاهدي المقاومة في لبنان أو في سورية، وهو ما أعاد تأكيده أمس، نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الذي استبعد نشوب حرب، حيث محور المقاومة في حال دفاع ولن يشنّ حرباً، وجيش الاحتلال لا يملك مقوّمات شن حرب ولو كان راغباً بذلك، بينما كانت تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ترفع سقف التصعيد بالإعلان عن نية الردّ على أي رد للمقاومة على استشهاد المجاهد علي كامل محسن، محملاً لبنان وسورية مسؤولية أي عمل ينطلق من اراضيهما، فيما كان وزير خارجيته غابي أشكينازي يعلن أنه وجه رسائل تهدئة عبر وسطاء لقيادة حزب الله، ونقلت وكالات الأنباء تقارير عن مصادر جيش الاحتلال تقول إنه أكد عبر وسطاء عدم وجود نيّة بالتصعيد لديه، وأن مقتل المجاهد علي محسن لم يكن عملاً مقصوداً ولا مخططاً له خلال الغارات على محيط مطار دمشق.
لبنانياً، طغى هم كورونا الذي تخطى تفشيه الخطوط الحمراء المتوقعة، فتكرّس عدد الإصابات اليومية التصاعدي قافزاً فوق المئة وخمسين إصابة، وسجلت الوفيات تصاعداً بحيث بات هناك رقم يومي للوفيات، وخلال عشرة أيام انتقل التفشي بأرقام ومعدلات تجاوزت ما كان يسجّله خلال شهور بأضعاف، والأشد خطراً هو أن عدد الإصابات يقترب من ملامسة الحد الأقصى للاستيعاب لدى المستشفيات، في ظل إصابات طالت الجسم الطبي في أكثر من مستشفى غير معدّ لاستقبال مصابي كورونا، وقالت مصادر صحية إنه ما لم يتم إعلان الإقفال الشامل مجدداً لمدة اسبوعين على الأقل، لاستعادة السيطرة على التفشي واحتوائه، فإن الآتي سيكون كارثياً، لأن بلوغ مرحلة الحد الأقصى للاستيعاب في المستشفيات لن يمر بسهولة في ظل تركيبة لبنانية عشائرية وعائلية، وانتشار السلاح بين اللبنانيين، فرد أي مستشفى لمريض مصاب بكورونا على أبوابها بداعي العجز عن الاستيعاب سيعني دخول لبنان مرحلة من الفلتان الأمني التي ستهدد القطاع الصحي بكامله، وتعرض الجهاز الطبي للخطر، وبالتالي إقفال المستشفيات ودخول المجهول في انتشار الوباء. وقالت المصادر الصحيّة لقد ثبت أن تدفق المسافرين من جهة وإنهاء الإغلاق الاقتصاديّ من جهة مقابلة تسبّبا بموجة تفوق قدرة المؤسسات الصحية والأمنية والإجراءات الحكومية على الاحتواء، وهذا يستدعي توقفاً مؤقتاً يجمّد الأوضاع، ويستعيد السيطرة كي تتم عمليات تقييم هادئة وتتخذ خطوات قادرة على التعامل مع العودة لفتح المطار والبلد مجدداً.
أما وقد غزا كورونا لبنان فسارع مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس أبيض الى التحذير أمس، من أننا سنفقد السيطرة على الوباء. وأعلن الصليب الأحمر عن إصابات ضمن فرق إسعافاته في زحلة، فإن الدعوات من كل حدب وصوب الى إعادة إغلاق البلد أقله أسبوع ليُبنى على الشيء مقتضاه، بيد ان المعطيات التي حصلت عليها «البناء» من مصادر وزارة الصحة تفيد أولاً بأن الموجة الثانية من كورونا لم تصل بعد وثانياً أن من شأن هذه الإصابات ان تقوي وتعزز مناعة الجسم، خاصة أن الإصابات في معظمها لا تترافق مع عوارض خطيرة، وبالتالي فإن ما رشح عن وزارة الصحة نقلاً عن المصادر تستغربه مصادر طبية في لجنة الطوارئ المتخصصة بكورونا باعتبار ان مناعة القطيع أثبتت فشلها في معظم الدول، وبالتالي فان الواقع الراهن يفرض إعادة التشدد من جديد في الاجراءات والتدابير. ولفتت المصادر الى ان لجنة الطوارئ سوف تدرس في الساعات المقبلة إمكانية إعادة إقفال مطار بيروت لمدة عشرة ايام ليُبنى على الشيء مقتضاه، على ان يسبق ذلك إبلاغ اللبنانيين والأجانب الراغبين بالعودة والمغادرة بذلك قبل أيام من دخول القرار حيز التنفيذ.
بالتوازي، قال وزير الداخلية محمد فهمي إن «اليوم عند الساعة الواحدة ظهراً سيكون هناك اجتماع للجنة الوزارية والتدابير التي سوف تتخذ ستكون قاسية وستصدر بعد الاجتماع»، موضحاً أن «الإقفال الجزئي والكامل نبحثه اليوم، لكن هناك المادة 604 بقانون العقوبات سوف نطبّقها، مؤكداً أن «هناك توجهاً لوقف او منع التجمّعات الكبيرة كالأعراس مثلاً». ونوّه بأن هناك «1081 ضبط مخالفة بما يخصّ الكمامات كما أن هناك حول 50 مؤسسة سياحية لم تلتزم تم تسطير محاضر ضبط بحقها».
نشرت وكالة الصحافة الفرنسية رسماً بيانياً يظهر اعداد المصابين بكورونا المستجد حول العالم بشكل عام وفي كل دولة على حدة بشكل خاص. وفيلبنان أظهرت البيانات «كيفية تسجيل ارتفاع جنوني لأعداد المصابين بين 29 نيسان و25 تموز الى أن وصل العدد الى 3579 مصاباً». مع العلم أن لبنان سّجل أمس 168 إصابة جديدة، بمعدّل 7 إصابات فيالساعة بالإضافة الى 4 وفيات.
وسط ما تقدم تتجه الانظار الى اجتماع المجلس الأعلى للدفاع عند التاسعة والنصف من صباح يوم غد في القصر الجمهوري، قبيل جلسة مجلس الوزراء، للبحث في الوضعين الأمني والصحي وفي التدابير الواجب اتخاذها للحد من انتشار فيروس كورونا، بعد ارتفاع عدد المصابين بشكل خطير نتيجة فتح المطار والمرافق العامة والملاهي والمسابح والحانات والنوادي الليلية، وبحسب المعلومات فإن الأعلى للدفاع سوف يرفع توصية الى مجلس الوزراء من أجل إعادة فرض تدابير صارمة وعقوبات مشددة جداً ضد كل من يخالف إجراءات وقاية.
اما في الشأن الحكومي الاقتصادي، فأجمعت مصادر الحكومة ووزارة المال والمصارف على أن هناك محادثات جارية بالفعل في باريس بين المستشار المالي للحكومة lazard والمستشار المالي لجمعية المصارف GSA وهي تتناول بشكل خاص كيفية النهوض بالاقتصاد اللبناني، أو ما يعرف بالحديث عن الـ macro economy.
الى ذلك رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطري الراعي ان الأسبوع المنصرم تميز بالمزيد من مؤيِّدي مشروع نظام الحياد الناشط والفاعل أكان بالكتابات العديدة والغنيَّة في الصحف، أم بتصريحات الرَّسميِّين من الصَّرح البطريركي و»باتَ واضحًا أنَّ الهدف الأوّل والأساس من نظام الحياد الناشط والفاعل بالنسبة إلى الداخل، هو شدّ أواصر وحدة لبنان الداخليَّة، وتثبيت كيانه وسيادته واستقلاله، وتعزيز الشراكة الوطنيَّة والاستقرار والحوكمة الرشيدة، في دولةٍ قادرة بقوَّة الدستور والميثاق والقانون والمؤسَّسَات على الدفاع عن نفسها بوجه أيّ اعتداء. وبالنسبة إلى الخارج، الحياد هو الابتعاد عن الدخول في أحلاف وصراعات وحروب إقليميَّة ودوليَّة، وبخاصَّة تلك التي لها تأثيرات سلبيَّة مباشرة على الاستقرار داخل الدَّولة».
ورأى الراعي أن «وصفة الحياد «الناشط والفاعل» هي التزام لبنان بالقضايا العامَّة: من سلام وعدالة وحقوق إنسان، وحوار أديان وحضارات، ودور وساطة في النزاعات الإقليميّة والدوليَّة، ولا سيّما ما يختصّ بوحدة الدول العربيَّة، والقضيَّة الفلسطينيَّة، وصدّ الممارسة العدائيَّة من «إسرائيل» تجاه أهل فلسطين وأرضهم وحقوقهم وتجاه لبنان وأي بلد آخر». وأضاف: «وصفة الحياد «الناشط والفاعل» هي عودة لبنان إلى دوره التاريخي كجسر بين الشرق والغرب على المستوى الثقافي والاقتصادي والتجاري الذي يمليه عليه موقعه الجغرافيّ على ضفَّة المتوسّط، ونظامه السِّياسيّ بمكوّناته الدينيَّة والثقافيَّة، واقتصاده اللِّيبراليّ، وانفتاحه الديمقراطيّ».
وعلى صعيد انتهاك العدو الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، اعلنت وسائل إعلام العدو الإسرائيلي سقوط طائرة إسرائيليّة مسيّرة خلال نشاط عملاني لها في الأجواء اللبنانيّة. وأشارت إلى أنّ جيش العدو الإسرائيلي أكد تحطم المسيّرة، وأن لا خوف من تسرّب معلوماتها. واوضحت القناة 12 الإسرائيليّة، أنّ المسيّرة «سقطت أثناء قيامها بجمع المعلومات الاستخباريّة فوق لبنان». واشار رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مستهل جلسة حكومته الأسبوعية، الى اننا «لن نسمح لإيران بالتموضع عسكرياً على حدودنا الشمالية»، وشدد على أن «سورية ولبنان يتحملان المسؤولية عن أي هجوم على «إسرائيل» ينطلق من أراضيهما».
في المقابل، قالت مصادر مقربة من حزب الله لـ»البناء» إنه من الخطأ السؤال اذا كان حزب الله سيردّ على سقوط شهيد له في سورية خلال الضربة الإسرائيلية الاخير، فالحزب لا يمكن ان يدخل في تسوية على حساب شهدائه وسيادة لبنان، وبالتالي فإن الرد حاصل لا محالة انطلاقاً من معادلة الردع لكن يبقى ان يحدد الزمان والمكان للرد، ومن الخطأ الظن أن الحزب المنشغل في ملفات لبنان الاقتصادية والمعيشية والذي يتعرض لأشد الضغوطات الاميركية انه عاجز عن الرد، فهذه الإشاعات الذي يبثها العدو ليس لها اي مكان من الصحة فأي محاولة لتعديل قواعد الاشتباك على حساب سيادة لبنان لن تمر.
وليس بعيداً، قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إن «الأجواء لا تشي بحصول حرب في ظل الإرباك الداخلي الإسرائيلي وتراجع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في الداخل الأميركي، ومحور المقاومة كان ولا يزال في موقع الدفاع وبالتالي أستبعد أجواء الحرب في الأشهر المقبلة، ولكن إذا قرر الإسرائيلي شنّ حرب فإننا سنواجه ونرد وحرب تموز 2006 ستكون نموذجاً أولياً عن الرد، وعلى الحكومة اللبنانية إعلان موقف من حادثة اعتراض المقاتلات الأميركية لطائرة الركاب الإيرانية، والأميركيون يقولون باعتراض الطائرة الإيرانية أنهم موجودون لإعاقة أي حل سياسي وحماية «إسرائيل»، ونحن لا نستبعد أن يكون في اعتراض الطائرة الإيرانية رسالة للرد على الاتفاق الاستراتيجي السوري الإيراني». وأشار من ناحية أخرى الى ان «وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لم يطلب لقاءنا خلال زيارته كما لم نطلب لقاء معه، مع تشديده على ان لا شيء يشي بأن الولايات المتحدة ستساعد لبنان على المستوى العملي، مضيفاً «على صعيد مواقف الديمان نحن اتخذنا قراراً بعدم التعليق على كلام البطريرك بشأن الحياد لما فيه مصلحة للبنان».
الى ذلك حول الوضع الأمني، شدّد وزير الداخلية محمد فهمي على أن «هناك معلومة متقاطعة من إدلب ان هناك دواعش يدخلون الى لبنان، وكان هناك أشخاص أرسلوا عائلاتهم للقدوم بعدها خلسة، لكن اليوم الوضع الأمني ممسوك».