انهيار روح «إسرائيل» وعقيدتها يحسبون كلّ صيحة عليهم…!
محمد صادق الحسيني
بعد عصر العمى الاستخباريّ، الذي سببه حزب الله للجيش الإسرائيلي وقيادته المتهافتة… جاء دور الفضيحة الكبرى التي ألحقت بنتن ياهو نتيجة ضياعه والتيه الذي دخل فيه هو وقومه بسبب تكتيك الصمت القاتل الذي اتبعته المقاومة مع قادة العدو…!
تصوّروا الآن نتائج المسرحيّة التراجيدية التي أدخل نتن ياهو شراذم كيانه وبقايا جيشه فيها بسبب رواياته المتناقضة حول ما حصل في جبهة الشمال من تخبّط..!
التعليق الأوّلي لأحد كبار خصومه بعد رواياته المتناقضة والكاذبة حول ما جرى في جبهة الشمال:
سيسحلونه في الشوارع إنْ لم ينقذه السجن..!
وتزداد الصفعات ويزداد العمى بعد ما قالت المقاومة كلمتها حول ما جرى يوم أمس بالقول:
»كل ما ادّعاه العدو القلق والخائف عن اشتباك في فلسطين المحتلة مع قوة لحزب الله تسلّلت.. كذب في كذب.
وقصفها لمنزل أحد المدنيين في الهبارية زاد على الحساب حساباً جديداً…
وردّنا على عدوان دمشق واستشهاد المجاهد علي كريم محسن آت لا محالة… «.
وهكذا يمكن فهم إلحاح نتن ياهو لاستدعاء قائد الجيوش الأميركية في زيارة مستعجلة للكيان قبل أيام…
لقد تأكد الآن أنها كانت مطلوبة من أجل إجراء عملية جراحية للعمى الإسرائيلي…
ومع ذلك يبدو أنه لم يفلح في ذلك وصار العمى بعد الزيارة والفضيحة المدوّية مستداماً…
فما الذي يجري إذن في الكيان الصهيوني في عصر بات لزاماً علينا أن نسمّيه عصر حزب الله وزمن المقاومة!؟
إليكم ما يقوله المتابعون والمتخصصون في فلسطين المحتلة من أهل الدار والبلاد حول ما يجري بالضبط في كواليس الكيان:
- على الرغم من أن الصحافة الإسرائيلية، التي توجهها الأجهزة العسكرية والأمنية بشكل كامل، تحاول أن تعطي زيارة الجنرال الأميركي، مارك ميللي، الخاطفة لـ «إسرائيل» حجماً أكبر من حجمها، كما فعلت الكاتبة الإسرائيلية أنّا أهرونهايم Anna Ahronheim، في الموضوع الذي نشرته على موقع «جروزاليم بوست»، يوم 26/7/2020، والذي حاولت فيه الإيحاء للقراء بأن الهدف من وراء الزيارة شبيه بهدف زيارة رئيس الأركان العامة الأميركي لـ «إسرائيل «سنة 2012، التي تمّت لثني «إسرائيل» عن مهاجمة مواقع نووية إيرانية حتى دون مشاركة الولايات المتحدة الأميركية.
وبغض النظر عن أن الجيش الإسرائيلي لم يكن قادراً على تنفيذ مثل تلك الهجمات في ذلك الزمن، وهو لا زال عاجزًا عن ذلك اليوم، ولأسباب عديدة لا مجال لتفصيلها في هذا المقام، فإن زيارة الجنرال ميللي كانت أسبابها مختلفة تماماً عن إيحاءات الكاتبة الإسرائيلية المتوهّمة مثل جيش العدو.
- إذ إنّ الزيارة قد حصلت بناءً على الإلحاح الإسرائيلي في طلبها، في ظل الخوف الذي تعيشه القيادة الإسرائيلية وجمهورها، من احتمالات ردّ حزب الله المرتقب. خاصة أن القيادة العسكرية الإسرائيلية، وكما صرّح مسؤولون فيها، تعيش حالة عمى استخباراتي كامل، في ما يتعلق باحتمالات الرد المتوقع من حزب الله. حيث نشرت الصحافة الإسرائيلية تصريحات لمسؤول عسكري إسرائيلي، يوم السبت الفائت 25/7/2020، قال فيها إن رصدهم لتحرّكات عناصر حزب الله، السياسية والعسكرية، في جنوب لبنان تثير الحيرة وذلك لتعدّد اختصاصاتهم، مما يعقد إمكانية التعرّف على نيات الحزب في شكل الردّ الذي يخطط له ومكانه وحجمه…!
- إنّ زيارة الجنرال الأميركي تكتسي أهمية، من دون شك، ولكنها أهمية لا تنبع من كون الزيارة قد حصلت بهدف التخطيط لعمل عسكري، أميركي إسرائيلي مشترك وكبير، سواءٌ ضد إيران أو ضد أكثر من طرف من أطراف حلف المقاومة، مثلما تحاول الكاتبة الإسرائيلية، المذكورة أعلاه، أن توحي للقارئ بأن هذا الصيف سيكون صيفاً ساخناً جداً. وذلك لأن مصدر أهمية هذه الزيارة العاجلة يكمن في العكس تماماً. انها زيارة لتهدئة روع الساسة والعسكريين الإسرائيليين، ولرسم خطوط حمراء لهم بانتظار موعد الانتخابات الأميركية ونتائجها، خاصة أن التوقعات الحاليّة تشير الى خسارة ترامب لهذه الانتخابات، الأمر الذي يمهّد، في نظر فئة من المخططين الاستراتيجيين الأميركيين الواقعيين، لاحتمالات العودة الى التعامل مع المشاكل والصراعات الدولية المختلفة بالوسائل الدبلوماسية. وهذا يعني أن القادة العسكريين الأميركيين، وهم الذين يفترض بهم ان يضعوا خطط الحروب او العمليات العسكرية المحدودة، أصبحوا أكثر واقعية من الرئيس الأميركي نفسه، فها هم، ورغم ما نشاهده من انتشار عسكري بحري أميركي كثيف في البحر المتوسط، يقومون، حتى ولو خطوة خطوة، بسحب قواتهم في العراق. وهذه حقيقة تؤكد أنّ استراتيجية هؤلاء العسكريين، وكما قال وزير الدفاع الأميركي قبل أيام، تتجه الى إعداد الجيوش الأميركية لحالة صدام عسكري مع الصين، ما يعني أنهم بصدد تخفيض اهتمامهم بـ «الشرق الاوسط «، وبنتن ياهو وكيانه.
- وبغضّ النظر عن ردّ حزب الله المرتقب وحجمه وتوقيته فانّ أسباب الخوف الحقيقي، للتجمّع السكاني اليهودي في فلسطين، إنما له روافد ومسارات أخرى، أكثر عمقاً من الخوف من «العدو الخارجي»، الذي يستخدمه نتن ياهو لإخافة الجمهور والسيطرة عليه.
- إن الخوف الحقيقيّ للإسرائيليين، خاصة في ظل جائحة كورونا وفشل نتن ياهو وحكومته في مواجهتها، ينبع من خشية الإسرائيليين من انهيار «الدولة»، لا بل من يقينهم بان ذلك هو المصير الحتمي لهذه «الدولة».
وهذا ما تؤكده المظاهرات، المستمرة منذ أكثر من أسبوعين ليس في القدس وحدها وإنما في تل أبيب وقيسارية وغيرها، والمطالبة باستقالة نتن ياهو. وقد وصل الإحباط والغضب، اللذين يعتمران صدور المتظاهرين، الى حد اعتمار بعضهم العلم الفلسطيني أمام مقر نتن ياهو في القدس المحتلة، حيث قامت قوات الشرطة باعتقالهم في أكثر من مرة.
- اذن فالمأزق الإسرائيلي اكثر عمقاً من الخوف من الرد المقبل من حزب الله قريباً وإنما هو انعدام ثقة الجيش في نفسه وانعدام ثقة الجمهور بالجيش وبالحكومة وسياساتها. أي أن الخوف تحوّل مرضاً، لا بل حالات رعب ( Panic Attacks ) من المستقبل.
وهو رعب جمعيّ خلقه أو صنعه تراكم انتصارات حلف المقاومة، بما في ذلك صمود غزة الأسطوري، وجعل الإسرائيليين يفقدون الأمل في كل شيء ويخافون من المستقبل المظلم الذي ينتظرهم، مما أرغمهم على حث الخطى لإعداد أنفسهم لمواجهة مرحلة انهيار الكيان. وهو ما أكد عليه أكثر من محلل عسكري إسرائيلي.
- من هنا فإن كل المسرحيات، التي يتفنن في إخراجها نتن ياهو، لن تفيد في شيء. فلا نشر بطاريات القوة الحديدية في تل ابيب وحيفا، ولا اللقاءات الاستعراضية، التي اجراها المسؤولون العسكريون والأمنيون الإسرائيليون، قبل يومين، مع رئيس اركان الجيوش الأميركية في قاعدة نفتاڤيم الجوية الإسرائيلية، قرب بئر السبع، حيث تنتشر بطاريات نظام « ثاد ( THAAD ) الأميركي للدفاع الصاروخي، ولا نشر وحدات من القوات الخاصة الإسرائيلية، في بعض النقاط في الجليل الاوسط، ستهدئ من روع الإسرائيليين وتخرجهم من كابوسهم الذي يعيشونه ليل نهار.
إنها الهزيمة الاستراتيجية، هزيمة النفس والروح، هزيمة العقيدة والمشروع، انهيار الروح المعنوية وانعدام الثقة ببقايا المشروع الصهيونيّ… «إسرائيل» الى زوال لا محالة…
وما ذلك على الله بعزيز،
بعدنا طيبين قولوا الله.