«أضحى» دمشق صامد ولا يغتاله «قيصر».. بل يبقى أملاً ومعمولاً بيتيّاً من أناملهن
أيام قاسية عاناها السوريون خلال السنوات الأولى للحرب الإرهابيّة بعد تراجع مدخراتهم وتقهقر قدرتهم الشرائية بحدة.
كل ذلك ليس له أن يُقاس بالظروف الاستثنائية التي ساقتها الموجة الأخيرة من العقوبات الأميركية والأوروبية تحت مسمّى «قانون» قيصر، بالتزامن مع الآلام الاقتصادية التقليدية التي تسبب بها انفجار جائحة «كورونا» حول العالم.
حمزة القدة، صاحب أحد المتاجر الشهيرة للأطعمة الشرقية بدمشق، أكد أن الحركة التجارية أصبحت ضعيفة للغاية جراء تدهور القدرة الشرائيّة وتراجع قيمة العملة المحلية أمام العملات الأخرى بسبب العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، والتي أصابت فقراء الشعب السوري على وجه الخصوص.
وأضاف قدة لـ سبوتنيك: «اليوم بات هنالك سوريون يشتهون شراء اللحوم لأولادهم!! نطلب الفرج من رب العالمين..».
وكشف قدة عن ظاهرة استثنائية بدأت تنتشر في الأسواق المحلية مع «تراجع قدرة معظم الناس على شراء احتياجاتهم الأساسية وسط إطباق الحصار الغربي التام على التحويلات المصرفية الخارجية»، مشيرا إلى أن فروع متجره بدأت بتقديم خدمة توصيل الغذائيات التي يدفع ثمنها سوريون مغتربون في أوروبا عبر حسابات بنكية خارجية، إلى ذويهم في سورية، مطالباً الحكومة السورية بتسهيل هذا النوع من الأعمال لأنه يشكل ثغرة مناسبة لاختراق جدار حصار التحويلات وتوفير احتياجات من لديهم أقرباء مقتدرون خارج البلاد.
مواطن آخر صادف مروره في (سوق الحلويات) في منطقة الميدان بدمشق، أكد لـ سبوتنيك أنه غير مهتم بشراء هذا النوع من (الكماليات)، مشدداً على أنه يتطلع لشراء الأولويات الحياتية من طعام وشراب لأولاده، بعدما التهم الغلاء قدرة السوريين على شراء الحلويات والمكسّرات التي كانت تعدّ من أولويّات العيد في الأيام الماضية.
وحول «قانون» قيصر، أضاف بلغة مباشرة: لا تؤاخذني بما سأقول.. هذه العقوبات لا تمسح بها صرمايتك (حذاءك)، لأننا معاقبون قبل قصير و(ميصر) وغيرهم…»، مستدركاً قوله إن بعض ضعاف النفوس من التجار يستكملون طوق (قيصر) حول عنق قدرة السوريين.
من جهته، قال منهل غانم بشيء من التندر أن «معجزة إلهية تتدخل لصالح ذوي الدخل المحدود في سورية حتى يتمكنوا من شراء متطلبات حياتهم في ظل رواتبهم التي أصبحت في الحضيض بعد تراجع قيمتها الشرائية».
غانم، وهو أحد موظفي القطاع العام في سورية، أكد أن نحو 70% من العاملين في سورية هم موظفون في المؤسسات والشركات والمصانع الحكوميّة، وهؤلاء هم الأشد تأثراً في الوقت الراهن.. ويبدو أنهم نسوا أن هناك شيئاً اسمه عيد».
ومنذ بعض الوقت، وتحديدا أيام (الزمن الجميل) كما يحلو للكثير تسمية سنواتهم التي سبقت الحرب، هجر السوريون صناعة المعمول المنزلية نظراً لانتعاش قدرتهم الشرائية في تلك الأيام، وبروز أفضليّة الحصول على منتج مصنوع بحرفية عالية من متاجر الحلويات.
هذا العام اختلفت الحسابات، فمع تزايد الضغوط الاقتصادية على الأسر بشكل قياسي، وتراكم الأزمات المعيشية طبقات فوق أخرى جراء اشتداد الحصار الغربي، عاد الكثيرون إلى قديمهم.