انتخابياً او ربما يأخذه هذا المنطق نحو تصعيد كبير لتحقيق إنجاز بأسرع وقت ممكن.. فهل ينجح ترامب بشراء الوقت؟؟ وجه كلمة للضبّاط المتخرّجين واستقبل وفداً قيادياً من الجيش رئيس الجمهورية: ملزمون بالدفاع عن أنفسنا وأرضنا وسيادتنا والإصلاح لن يتوقف عند مؤسسة وعهدي السير بين الألغام للإنقاذ
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أننا ملزمون بالدفاع عن أنفسنا وعن أرضنا ومياهنا وسيادتنا، ولا تهاون في ذلك. ولفت إلى “أن لبنان يخوض اليوم حرباً من نوع آخر، ولعلها أشرس من الحروب العسكرية”، مشدداً على “أن الانتصار في هذه الحرب هو على همتنا جميعاً دولة ومواطنين، وأن الاستسلام لا مكان له في مسيرته”.
جاء ذلك خلال الكلمة المتلفزة التي وجهها عون أول من أمس عند العاشرة، إلى ضباط خريجي دورة “اليوبيل الماسي للجيش” والعسكريين واللبنانيين، لمناسبة عيد الجيش في الأول من آب، ونقلتها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وذلك بعد إلغاء قيادة الجيش الاحتفال للمناسبة والذي كان مقرراً إقامته في الكلية الحربية في الفياضية، بسبب تفشي وباء كورونا.
وقال “أيها الضباط الخريجون، اخترتم لدورتكم اسم اليوبيل الماسي للجيش، تخليداً للعيد الخامس والسبعين لجيشنا. بعد أن اختار زملاؤكم السنة الماضية تخليد العيد الخامس والسبعين للاستقلال. نعم استقلالنا وجيشنا ولدا معاً، بفارق زمني بسيط، ترافقا وعاشا حلو الأيام ومرها، وسعى الجيش جاهداً، وبكل ما أوتي، طوال تلك السنوات أن يحفظ الاستقلال ويحميه من كل المتربصين به. خمسة وسبعون عاما مضت، كانت لجيشنا فيها محطات مجيدة وحقق انتصارات مذهلة وبإمكانات محدودة، ولكنه أيضاً عاش محطات مرهقة، أضنته حروب الآخرين على أرضنا وعليه، شرذمته حروب الداخل، أضعفته قوة الميليشيات، ومورست عليه شتى أنواع الابتزاز، ولكن ولاءه للوطن كان دوماً الصمغ الذي يعيد التحامه، ومناقبيته كانت الدرع الذي يحميه من الإنزلاق. وقد علمتنا تلك التجارب القاسية أن الجيش هو قلب الوطن ولا جسد يبقى إذا ضرب قلبه. ولذلك ظل يشكل الأمل للبنانيين، وحصن الأمان كيفما تقلبت الأحوال».
وتابع “تشاء الظروف أن تتزامن انطلاقتكم مع تحديات وصعوبات كبيرة تواجه الوطن وشعبه ومؤسساته، فلبنان اليوم يخوض حرباً من نوع آخر، ولعلها أشرس من الحروب العسكرية، لأنها تطال كل لبناني بلقمة عيشه، بجنى عمره، وبمستقبل أبنائه، حيث الوضع الاقتصادي والمالي يضغط على الجميع ولم ينج منه أحد”، مضيفاً أن أعداء لبنان في هذه الحرب كثر”العدو الأول، هو الفساد المستشري في المؤسسات وفي الكثير من النفوس، وهو يقاوم بشراسة ولكن الخطوات نحو استئصاله تسير وإن يكن ببطء، ولكن بثبات. العدو الثاني هو كل من يتلاعب بلقمة عيش المواطنين ليراكم الأرباح، العدو الثالث هو من ساهم ويساهم بضرب عملتنا الوطنية ليكدس الأموال، العدو الرابع هو كل من يطلق الشائعات لنشر اليأس وروح الاستسلام، وأيضاً من يجول دول العالم محرضاً ضد وطنه وأهله وناسه ومحاولاً حجب أي مساعدة عنهم. أضف الى ذلك عدو خفي على شكل فيروس، هاجم البشرية جمعاء ولما يزل، مخلفاً الضحايا وضارباً اقتصاد العالم، ونال لبنان قسطه من هذه الهجمة وسقط لنا ضحايا وزادت أزمتنا الاقتصادية تفاقماً، وها هو يمنعنا اليوم من اللقاء”.
وأشار إلى أن “الانتصار في هذه الحرب هو على همتنا جميعاً دولة ومواطنين، لكل دوره، فإن أحسن القيام به يصبح الخلاص ممكناً. أما الوقوف جانباً وإطلاق النار على كل محاولات الانقاذ، وتسجيل الانتصارات الصوتية خصوصاً ممن تهربوا من المسؤولية في خضم الأزمة فلا يسمن ولا يغني من جوع”.
وأكد “أن الخطوات الإصلاحية التي بدأ تنفيذها لمعرفة واقع المال العام وفرملة الفساد ووضع اليد على الملفات المشبوهة تمهيداً للمعالجة المناسبة وملاحقة الفاسدين، لن تتوقف عند مؤسسة واحدة بل ستنطلق منها إلى كل المؤسسات، وهي ستساهم باستعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم وأنفسهم تمهيداً لاستعادة الثقة بلبنان. ومع إقرار الخطة المبدئية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم التي أصبحت بمعظمها آمنة وقادرة على استيعابهم، تكون الدولة وضعت تصوراً موحداً لحل هذه الأزمة ونأمل أن تتجاوب معنا الدول المعنية لتأمين العودة الآمنة والكريمة».
أضاف “أيها الضباط الخريجون، أيها العسكريون، إن إسرائيل تخرق بوتيرة متصاعدة القرار 1701، وتتوالى اعتداءاتها على لبنان، ومع تأكيد حرصنا على التزام هذا القرار وبحلّ الأمور المتنازع عليها برعاية الأمم المتحدة، إلا أننا ملزمون أيضاً بالدفاع عن أنفسنا وعن أرضنا ومياهنا وسيادتنا، ولا تهاون في ذلك. واجبكم أن تظلوا العين الساهرة على السيادة اللبنانية في وجه الأطماع الإسرائيلية، وعين أخرى على الحدود كافة والداخل منعاً من تسلّل الإرهاب إلينا مجدداً، فمن طرد الإرهابيين من سهولنا وجبالنا يجب ألاّ يسمح لهم بالعودة إليها متنكرين بلباس آخر ومسمى آخر”.
وتابع: “أيها اللبنانيون، أنا ابن هذه المدرسة، تعلمت منها أن الاستسلام ممنوع، تعلمت منها أن نحفر الصخر لنفتح طريقاً، تعلمت أن نسير بين الألغام لننقذ جريحاً. الجريح اليوم هو الوطن، وعهدي لكم أن أبقى سائراً بين الألغام، وأن استمر في حفر الصخر لفتح طريق إنقاذه، والأكيد أن الاستسلام لا مكان له في مسيرتي».
وختم عون “أيها الضباط، لطالما كانت البذلة المرقطة عامل ثقة وطمأنة لكل اللبنانيين، فكونوا المثال والقدوة، بالمناقبية العسكرية، بالتعاطي الأخلاقي مع رفاقكم ومع المواطنين، وبالولاء للوطن، وله وحده. وفقكم الله وحماكم. عشتم وعاش لبنان”.
واستقبل عون في قصر بعبدا، قائد الجيش العماد جوزاف عون على رأس وفد من القيادة، ضم: أعضاء المجلس العسكري، نوّاب رئيس الأركان، مدير التوجيه، رئيس مكتب القائد، وأمين سر المجلس العسكري.
وهنأ قائد الجيش، باسم الوفد، رئيس الجمهورية لمناسبة عيد الجيش، وألقى كلمة قال فيها “فخامة الرئيس، خمسة وسبعون عاما من الشرف والتضحية والوفاء، مسيرة مكلّلة بالإنجازات والتضحيات. مسيرة سطرها جنود أبطال، ايماناً بقدسية الدفاع عن الوطن أرضاً وشعباً، ولأجله بذلوا الدماء والارواح”.
أضاف “يتزامن عيدنا الماسي هذا العام مع مئوية لبنان الكبير، وفي ذلك الكثير من الدلالات والعبر، خصوصاً في ظل هذه الظروف الدقيقة والاستثنائية التي يمرّ بها وطننا، والتي تتطلب منا العودة إلى جوهر قيامة لبنان ونشأته لنستقي منها ما يعزز ارتباطنا وإيماننا به”.
وتابع “منذ تأسيس الجيش العام 1945 وحتى يومنا، لا تزال ثوابته متجذرة فيه، لم تنل منه حروب ولا سياسات، وكان لكم شرف قيادته في واحدة من أدق مراحله. وما أشبه الأمس باليوم، حيث ينحو الاحتقان الذي يعيشه الوطن حالياً إلى مزيد من التأزم، لكن الأمل يبقى معلقاً على فخامتكم، لأن الحكمة هي ميزتكم، ومنكم نستلهم هذه الحكمة في كيفية إدارة الأزمات ومواجهتها بما يحفظ كرامة المواطن واستقرار الوطن”.
وأشار إلى أنه “منذ اندلاع التحركات الاحتجاجية في تشرين الماضي وما تبعها من أزمة اقتصادية وانتشار لوباء كورونا، لم يألو الجيش جهداً في المحافظة على الأمن والاستقرار وتحمّل المهمات الشاقة بكل شرف وفخر، لأن ما نقوم به هو واجب تجاه وطننا وأهلنا. لم تنل من عزيمته اتهامات، ولا من معنوياته أي مس بأبسط حقوقه المعيشية”، مؤكداص أنه “مهما كثرت التأويلات وحملات التخوين والاتهامات بالتقصير لتشويه صورته، سيبقى جيشنا الضمانة والركيزة الأساس لبنيان الوطن. عشتم، عاش الجيش، عاش لبنان”.
ورد رئيس الجمهورية مهنئاً الوفد بالمناسبة، شاكرا لقائد الجيش والوفد المرافق التهنئة بعيد الجيش، منوهاً بـ”الدور الذي يقوم به العسكريون، ضباطاً ورتباء وأفراداً، في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد، ولا سيما خلال الظروف الراهنة التي تمر بها”.
وأكد أنه سيواصل العمل من أجل إيصال البلاد الى شاطئ الأمان من خلال إيجاد الحلول المناسبة للأزمات المطروحة.
وأعرب رئيس الجمهورية عن أسفه لعدم تمكنه من تسليم الضباط المتخرجين السيوف كما جرت العادة، بسبب تفشي وباء كورونا والحجر الصحي المفروض، متمنيا على قائد الجيش نقل تهانيه الى الضباط المتخرجين فردا فردا.