هل نحن مهدّدون بالعيش أذلاء أو مذبوحين وأشلاء!
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
ما من كلمة تعكس الألم الخارج من صورة يوم أمس الأسود. قدرنا أن نواجه رياح اليأس ونحلم بوطن آخر غير هذا الذي يتقاسم فيه السياسيون والطائفيون وزعماء الأزمات خير الناس وتعبهم. ما هو المطلوب من الناس حتى تتحنّنوا عليهم بالأمن والسلم والعافية والازدهار؟ ما هو المطلوب حتى يكون للناس مستشفى ومدرسة وماء وكهرباء وطريق وما يُعتبر من أساسيات العيش الكريم؟
الحادث لم يكن بسبب خطأ تقني وإهمال بشريّ، بل بفعل تقاعس السياسيين وتجاذبهم ورمي المسؤوليات على بعضهم بعضاً، وبفعل الطائفية هذا المرض الخبيث الذي يقتلنا كلّ يوم ومع ذلك لا أحد يريد أن يتخلّى عن حصونه الوهميّة تلك، ويعتبر الطائفة هي الأساس والوطن فندقاً.
لماذا على اللبنانيين أن يتجرّعوا كلّ هذا النحيب وهذا الذلّ وهذا الانحدار إلى مهاوي الخوف والغربة والخيبات المتتالية؟
الكلّ كان يعلم أنّ هذا المسار يودي إلى الانهيار الكبير في الاقتصاد والسياسة والأمن؟ ولكن مع ذلك هناك إصرار على عدم الإصلاح وعلى إبقاء الطائفية كركن لنظامنا الأرعن.
يا إلهي، كم على اللبنانيين أن يتحمّلوا ليعرفوا أنّ علة العلل هي الطائفية! نعم. الطائفية التي تأكل رزق اللبنانيين وأحلامهم وكراماتهم ومستقبلهم وأطراف جسد الوطن وقلبه وروحه. فلمَ لا تفعلون شيئاً لهذا المواطن الذي يفتح عينيه كل يوم على مزيد من الخراب وتدفعونه للجري وراء سراب حتى التهلكة!
هل ما زلنا على الحافة أم دخلنا القعر، وليس أمامنا إلا المزيد من الغموض والمعابر والاستحالات المعقدة!
كلما ركن المواطن إلى قليل من الراحة جاءت ضربة جديدة لتفتح شهية السياسيين الفاسدين إلى استعمال كلّ الحيل لمراكمة النفوذ الزائف على حساب الوجع الذي يصيب اللبنانيين.
نحن مهدّدون إما بالعيش أذلاء أو بالعيش مذبوحين وأشلاء من اللحم الدامي على الطرقات. ما هذه المعادلة. متى تقوم قيامة هذا البلد بالحريّة والكرامة والعيش الآمن؟ متى يصبح كيان البلد قوياً في وجه العواصف نظيفاً من الفاسدين؟
متى يحاسب الفاسدون والناهبون وتجار الفتنة والحروب؟
متى نستفيق على وطن لا تكون فيه الطائفية موجودة في النفوس والنصوص؟
بعد أن تشرّبنا همّ الغربة والنزوح والتشرّد والجوع والخوف والنقص من الثمرات والأنفس طويلاً. ألا يحين وقت الحق والصلاح والأمن والوطن الذي يلّف أبناءه بوشاح العزة والكرامة والأمان!
الرحمة للشهداء والعزاء لذويهم والشفاء للجرحى ولكل الفاسدين الجزاء المناسب!