اتفاقيّة مصر واليونان البحريّة في قانون البحار
أثارت اتفاقيّة ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان الكثير من التساؤلات، خاصة في ظل التوتر السائد في المتوسط، وما يمكن أن ينتج عنها.
حسب الخبراء في الجانب المصري، فإن الاتفاقية تقطع الطريق على الاتفاقية الموقعة في وقت سابق بين تركيا وحكومة الوفاق، إلا أن رد الفعل الأول من الجانب التركي قال إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية – اليونانية، تعتبر “باطلة”.
من ناحيته قال اللواء إيهاب البنان مستشار رئيس هيئة قناة السويس السابق، إن “الاتفاقية التي وقعت مع اليونان كان من المفترض أن توقع العام الماضي”.
وأضاف في حديثه أن “تركيا غير موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وأن مصر أرجأت تعيين الحدود مع اليونان العام الماضي بسبب الأزمات التي كانت بينها وبين اليونان”.
وأوضح أن “مصر وقعت الاتفاقية مع اليونان خاصة أن هناك تقابلاً بين الحدود المصرية اليونانية وجزيرة كريت اليونانية”، مشيراً إلى أن “الاتفاقيات البحرية توقع مع الدول الجارة أو الدول المواجهة، في حين أن المقابل للساحل الليبي هي الجزر اليونانية، ما يعني أنه لا حدود متقابلة بين تركيا وليبيا الأمر الذي يبطل اتفاقية تركيا والوفاق”.
ومضى بقوله إن “المياه الاقتصادية حدها الأقصى 230 ميلاً، إلا انها لا تنطبق على المتوسط لمحدودية عرضه، وأن المسافة بين مصر واليونان هي مياه اقتصادية خالصة لمصر واليونان”.
وشدّد على أن “ترسيم الحدود بين مصر واليونان يقطع بعدم جدوى اتفاقية تركيا والوفاق، من الناحية القانونية أو الجغرافية”.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قال خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بالقاهرة الخميس 6 آب، إن هذا الاتفاق يتيح لكل من مصر واليونان المضي قدماً في تعظيم الاستفادة من الثروات المتاحة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما، خاصة احتياطات النفط والغاز الواعدة ويفتح آفاقاً جديدة لمزيد من التعاون الإقليمي في مجال الطاقة في ظل عضوية البلدين في منتدى غاز شرق المتوسط.
فيما قال وزير الخارجية اليوناني، إن “الاتفاق قانوني على عكس أي شيء مخالف وغير شرعي مثل ما تم توقيعه بين تركيا وطرابلس، وهي اتفاقية ليس لها وجود”.
يعني الجرف القاري أن “تحصل كل دولة على 200 ميل بحري، لكن الأمر لا يمكن تطبيقه في المتوسط، خاصة أن عرض المتوسط أقل من 400 كيلومتر”.
وفي العام 2010 أعلنت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، أن “حوض شرق البحر المتوسط، يحتوي على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، و1.7 مليار برميل احتياطي من النفط، وبعد استمرار الاكتشافات يبلغ الآن احتياطي الغاز الطبيعي فيها إلى 200 تريليون قدم مكعب من الغاز”.
في العام 2013، وقعت مصر وقبرص لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين فيما سعت تركيا للتنقيب عن الغاز في مياه قبرص بالتنسيق مع حكومة شمال قبرص.
وبحسب الخبير فإن “الاتفاق يعني من الناحية القانونية أن مصر واليونان التزمتا بالاتفاقيات والأحكام الحاكمة لتعيين الحدود البحرية المشتركة وفق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1902، والتي أوجبت على الدول عدم القيام بأي أعمال كالبحث عن الثروات وغيرها من أنشطة إلا بعد التوافق وفق قواعد العدل والإنصاف مع الدول المتقابلة معها أو المتلاصقة معها في الحدود البحرية”.
من ناحيته قال محمد معزب عضو المجلس الأعلى للدولة، إن “الاتفاق المصري اليوناني كان متوقعاً حدوثه للوصول إلى حل”.
وأضاف: “بالتأكيد ستكون مسيرة طويلة ومعقدة، لكن من الناحية السياسية، تفقد مصر كثيراً من وزنها لدى النخب الليبية، لأن هذا الاتفاق يعني فقدان ليبيا لجزء من مجالها البحري، الذي استردّه بفضل الاتفاقية البحرية مع تركيا، كما أن مصر ستفقد جزءاً من مجالها البحري لصالح اليونان”، بحسب قوله.
في الإطار ذاته قالت وزارة الخارجية في حكومة الوفاق الليبية، أول أمس، إنها تابعت “باهتمام شديد” إعلان مصر واليونان بشأن البحر المتوسط، مجدّدة دعوتها إلى جعله منطقة “سلام”.
وجاء في بيان للوزارة نشرته عبر صفحتها على “فيسبوك”: أنه “في حين تؤكد أن ليبيا دعت ولا زالت تدعو إلى أن يكون المتوسط بحيرة سلام، وأن تسلك الدول المتشاطئة سلوكا يسمح بتحديد الحدود البحرية بينها على أساس قائم على التوافق وعلى مبادئ القانون الدولي المعتبرة”، فإن الوزارة تؤكد:
“عدم السماح لأي جهة كانت، الاعتداء على حقوقنا البحرية وتكرر تأكيدها على تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا بشأن تحديد المناطق البحرية والتي لا تتعارض مع القانون الدولي للبحار والاتفاقيات والمواثيق الدولية بالخصوص”.
وحدد قانون البحار المناطق البحرية للدولة انطلاقاً مما سمّى “خط الأساس”، وقسمها إلى مياه داخلية وتشمل كل أشكال المياه من بحيرات وممرات مائية داخل خط أساس الدولة، والمياه الإقليمية التي تطبق فيها الدولة قوانينها وتضع فيها قواعد المرور البريء ومداها 12 ميلاً أو 22 كيلومتراً.
أما المنطقة المتلاصقة فهي تشكل 22 كيلومتراً إضافية، ولا توجد سيادة مطلقة للدولة عليها، لكنها تتعلق بأربعة موضوعات هي “الجمارك والضرائب والهجرة والتلوث”، والمنطقة الاقتصادية وتبلغ 230 ميلاً أو 370 كيلومتراً من خط الأساس، حيث يكون للدولة الحق الخالص في استغلال الموارد الطبيعية.