جرداق وحاوي تحت بيرق سعاده
} محمود شريح
حليم جرداق (2020-1927) الذي غاب عرّفني عليه أستاذي الطيّب الذكر خليل حاوي (1919-1982) منذ أربعة عقود، وحليم الذي انتسب إلى الحزب القومي عام 1946 تعرّف إلى حاوي عام 1959 فصادقه قرابة ربع قرن.
وعن تجربة حاوي في الحزب رأى جرداق أنها «أهم حدث في حياته لجهة تكوينه الروحي النفسي المعنوي والشعري» (من رسالته إليّ من بيروت بتاريخ 1992.11.11 إلى ڤيينا)، وأضاف «أن تجربة خليل في الحركة القومية وسمت شخصيته في أعماقها وكان لها الأثر الفعّال في يقظته الفكرية والشعورية وفي نظرته إلى الإنسان والحياة والفن» (من رسالته بتاريخ 1993.5.13).
يروي جرداق أنه لمّا تعرّف إلى حاوي في أواخر 1959 عرف منه أنه كان مهتمًّا بالأبحاث الفكرية التي تتناول عقيدة الحزب وموقفه من سائر التيّارات الفكرية المعاصرة. وبدءًا من 1966 كان جرداق يلتقي بحاوي كل يوم تقريبًا في فصل الصيف من كلّ عام. كانا يتنزهّان في الأماسي في بلدتهما الشوير ويصعدان إلى الضهور ويتّجهان إلى أحراج الصنوبر حتى يصلا إلى موقع العرزال الذي ابتناه سعاده فيعبّئان رئتيهما «من الهواء النقي الصفيّ برائحة الأرض» (من رسالته 1993.5.13). ويؤكد جرداق أن حاوي «الذي انسحب من الحزب لم يستطع أن يسحب سعاده من نفسه ولا أن يسحبَ نفسَه من سعاده كفكر وقدوة ونهضة روحية ونَبَالة (من رسالته 1993.5.13)، و»أن في كل مما ورد في شعر خليل من ذكر للفارس البطل وللمنقذ وللمخلّص وللمحرّر كان سعاده هو الحاضر في فكره وفي وعيه» (من رسالته 1993.5.13).
على هذا النحو، جرداق في لوحته، وحاوي في قصيدته، أسهما في إرساء مدماك سعاده الهندسي والسامي إلى إشادة النفسية السورية على مبادئ الأعمال والأخلاق والمناقب لإحداث نظرة فلسفية جديدة إلى الكون والحياة والفنّ ينشأ عنها مجرى الحياة ومظاهرها.