بغداد تعلّق كل زيارات المسؤولين الأتراك إلى العراق بعد استشهاد 5 ضباط وجنود عراقيين.. والبرلمان العربي يدعو إلى تحرّك فوريّ لإيقاف «العدوان السافر»
زيارة الكاظمي المرتقبة لواشنطن.. مطالب وضغوط مبكّرة
بينما يستعدّ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإجراء زيارة الى الولايات المتحدة في العشرين من شهر آب أغسطس الحالي لبحث جملة من القضايا المشتركة بين بغداد وواشنطن بمجالات الأمن والطاقة والصحة والاقتصاد والاستثمار، وسبل تعزيزها، يتقدمها مصير التمركز العسكري الاميركي وجدولة الانسحاب، ناهيك عن ملفات أخرى تتعلق بمواجهة تبعات خطر جائحة كورونا وضبط إيقاع التوازنات في المنطقة، بدأت كتل وقوى سياسية بوضع شروط ومطالب مسبقة يتعين على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الالتزام بها أثناء تلك الزيارة..
فبين طموح بعض القوى السياسية والنيابية بجلاء أميركي تام مبني على ايديولوجيات خاصة تؤمن بها وتصنف التواجد الأميركي كقوة محتلة عززها استهداف سليماني والمهندس وتكرار الهجمات على مواقع عسكرية عراقية، وتعويل قوى سياسية أخرى على البقاء لأسباب تبدأ من فلسفة نوع العلاقة مع واشنطن والتي تعرف على أنها صداقة، وتنتهي بشبح داعش الذي لا يفارق التصريحات، تبرز مخاوف بعض الفصائل المدعومة من إيران من تحجيم منظومة الحشد الشعبي، مخاوف يعززها الدعم الأميركي للكاظمي والتزام الأخير بمسك طرف الحبل الوثيق مع طهران بقوة..!
كتل طالبت الكاظمي علانية، من خلال تصريحات وبيانات صحافية تزامنت مع العد العكسي للزيارة إلى تطبيق قرار مجلس النواب القاضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق، معتبرة المطلب بمثابة «الرسالة» التي على الكاظمي إيصالها إلى واشنطن خلال زيارته المرتقبة للولايات المتحدة، بينما تأخذ الاطراف الاخرى موقف الصمت حتى اللحظة من إبداء آراء او تحليلاتٍ عن نتائج الرحلة المرتقبة الى واشنطن..
وبين هذا الجدل القائم بين القوى السياسية، جاء استشهاد الجنود العراقيين بعدوان تركي جوي على شمال العراق، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، أمس، إن بلاده ستعلّق كل زيارات المسؤولين الأتراك، وذلك على خلفية استشهاد الجنود العراقيين.
واستدعت وزارة الخارجية العراقية، السفير التركي في بغداد، وسلّمته رسالتي احتجاج شديد اللهجة بسبب قصف مواقع في شمال العراق.
وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية، في تصريحات صحافية: «سلمنا السفير التركي رسالتين احتجاجيتين، ونسعى دبلوماسياً واقتصادياً لمواجهة العدوان التركي على أراضينا».
وأضاف: «تركيا تشن اعتداءات استفزازية شمالي العراق، وسنعلق كل زيارات المسؤولين الأتراك لبغداد».
وتابع: «ما زلنا نعطي فرصة للحوار الدبلوماسي مع تركيا، ونحتفظ بحق الردّ على العدوان التركي».
جاء ذلك فى أعقاب هجوم شنته تركيا بطائرة مسيرة على الحدود العراقية، أسفر عن استشهاد 5 عراقيين، بينهم قادة من حرس الحدود العراقي.
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية، في وقت متأخر مساء الثلاثاء، إلغاء بغداد زيارة وزير الدفاع التركي التي كانت مقررة هذا الأسبوع، واستدعاء سفير أنقرة لتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، فيما قالت الرئاسة العراقية إن استهداف تركيا لمنطقة «سيد كان» يعدّ انتهاكاً خطيراً للسيادة العراقية.
من جهتها، استنكرت حركة عصائب أهل الحقّ القصف التركي، مطالبة بردّ قويّ وحاسم في حال فشلت الطرق السلمية.
الحركة دانت الاعتداء واصفةً إيّاه بالسلوك العدوانيّ الذي يدلّ على نيّات مبيّتة ويمثّل انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية.
وطالبت في بيانٍ لها الحكومة العراقية باتخاذ موقف جريء وواضح، واستخدام أوراق الضغط التي تمتلكها ضدّ الحكومة التركية، وعرض ملف الانتهاكات التركيّة على المجتمع الدوليّ لمساءلة أنقرة.
وتعليقاً على الانتهاكات التركية، قال النائب عدنان فيحان إن سيادة الأجواء العراقية أصبحت للطائرات الأجنبيّة التي يتكرر انتهاكها يومياً وبشكل سافر وعلني، لافتاً إلى أن «هذه الانتهاكات يقابلها صمت مريب لقوى سياسيّة صدعت رؤوسنا بالشعارات الوطنية»، بحسب تعبيره.
وأكدت الرئاسة العراقيّة أنّ استهداف تركيا لمنطقة «سيدكان» شمال البلاد، «يُعدُ انتهاكاً خطيراً للسيادة العراقيّة».
الرئاسة العراقيّة، دانت في بيان الهجوم التركي بطائرة مسيّرة الذي استهدف قوّة لحرس الحدود العراقي بمنطقة «سيدكان» في إقليم كردستان شمالي البلاد.
كما أدان رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السلمي، أمس، الاعتداء السافر الذي قامت به تركيا بقصف منطقة سيدكان بمحافظة أربيل العراقية بطائرة مسيرة الأمر الذي أدى إلى قتل وإصابة بعض عناصر حرس الحدود العراقي.
وشدد رئيس البرلمان العربي، في بيان رسمي، على أن «هذه الأعمال العدائية السافرة والخروقات العسكرية المتكررة التي تقوم بها القوات التركية على الأراضي العراقية تعد تعدياً خطيراً على سيادة جمهورية العراق، وانتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والأعراف الدولية، وخرقاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، وعدم احترام لعلاقات حسن الجوار».
كما أكدت جامعة الدول العربية، أمس، دعمها لأي تحرك من الحكومة العراقية على الساحة الدولية ضد ما وصفته بالانتهاكات التركية على الأراضي العراقية، وذلك في أعقاب مقتل عدد من قوات حرس الحدود في العراق في هجوم بطائرة مسيرة تركية في إقليم كردستان.
وفي بيان للجامعة نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط «الانتهاكات التركية المتكررة للسيادة العراقية، مستنكراً بأشد العبارات القصف التركي في 11 آب/ أغسطس الحالي على منطقة سيدكان على الحدود التركية العراقية، والذي أسفر عن استشهاد ضابطين وجندي من القوات المسلحة العراقية وعدد آخر من المدنيين».
واعتبر أبو الغيط الاعتداءات التركية «انتهاكاً لسيادة العراق ومبادئ ومواثيق القانون الدولي ومبدأ حسن الجوار».
وكانت تركيا قد أعلنت، في 14 يونيو/ حزيران الماضي، بدء عملية عسكرية في مناطق شمالي العراق، باسم «مخلب النمر»، بزعم ملاحقة الأكراد من عناصر «حزب العمال الكردستاني».