إملأ الفراغ بالمهارة المناسبة…
} رامزا صادق
جائحةٌ تنتشر، دولارٌ يختفي، تدريس يبتعد وشباب يبحث عن طريق الخروج من متاهة الملل والقلق والفراغ. فامتلأ الفراغ بمهارات «تيك توكية» تعكس شخصية مزيّفة للمراهق يخفي معالم شخصيته الحقيقية من خلال الإيماءات والرقصات على الإيقاع والموسيقى أو من خلال محتوى فارغ بعيد عن البيئة المجتمعية التي يعيش فيها، ومن خلال ذلك يتأثر بشخصيات الكترونية يسعى إلى تحقيق شهرة أو حلم الشهرة رغماً عن زيفها.
هذا كلّه نتاج لمجموعة من الأسباب تتفاعل وتتراكم مع بعضها تدفع لخروج المراهق من النظام الأسري والاجتماعي بمفهومه الطبيعي.
تصنّف أسباب انتشار هذه الظاهرة في أربعة مجالات رئيسية.
ـ الأسباب التربوية من خلال عدم ارتباط المناهج بميول الطلاب وهواياتهم، عدم احترام شخصية التلميذ واهتماماته المختلفة، ضعف المرشدين التربويين في المؤسسات التعليمية الذين مهمّتهم الأساسية مساعدة الطلبة في حلّ مشكلاتهم الدراسية والاجتماعية.
ـ الأسباب الاقتصادية عند انشغال الأسرة بتغطية متطلّبات الحياة المعيشية الأساسية، سوء الوضع الاقتصادي للعائلة، ضعف الغطاء الاقتصادي المتمثّل بالمدعومات المالية المناسبة والتسهيلات.
ـ الأسباب الاجتماعية المتمثّلة في تصدّع وانهيار التركيبة الاجتماعية والقيمية للعائلات، تدهور الأوضاع الصحية وانتشار الأمراض، انعدام الرعاية الاجتماعية لذوي الإعاقات العقلية.
ـ الأسباب السياسية فالأنظمة السياسية لا تمارس دورها في إعادة إحياء القيم الأخلاقية والاتجاهات الاجتماعية العامة.
من هنا، كلّ هذه الأسباب كان لها الدور الأبرز في سيطرة تطبيق «تيك توك» على المراهقين، فهو الوسيلة الأقلّ تكلفة والأسرع في الإنتشار.
يتحتّم علينا كتربويين اكتشاف المهارات والمواهب الحقيقية لدى الأطفال والمراهقين والعمل على تنميتها.. فنحن في سباق لا ينتهي مع تطبيقات إلكترونية وظاهرات مستجدة تجنّد أطفالنا إفتراضياً.
من المؤكد أنّ هذه الظاهرة هي إهدار تربوي هائل وتأثيرها سلبي على جميع نواحي المجتمع وبنائه. فهي تؤدّي إلى تحوّل الإهتمام من البناء والإعمار والتطور والازدهار إلى الاهتمام بمراكز الإصلاح والعلاج النفسي، وما تسبّبه أيضاً هذه المشكلة التنمّر على المراهق وتعطّل مشاركته الفعاّلة والمنتجة في المجتمع. عسى وعلّ أن لا تتحقق نبوءة أيشتاين بأن تتسبّب وسائل التكنولوجيا الحديثة بفقدان التفاعل بين البشر وضهور جيل من الحمقى في العالم.