رفيق سلوم.. الشاعر السوريّ الذي حارب بقصائده الاحتلال العثمانيّ
رشا محفوض
لا تزال قصيدة الشاعر رفيق رزق سلوم التي نظمها أمام مشانق شهداء 6 أيار تستصرخ الضمائر الحيّة وتستنهض الهمم وتحث على المقاومة فكأن هذه القصيدة التي كتبها قبل أكثر من 100 عام تصلح لزماننا وتنطق بلساننا.
وتوثيقاً لسيرة حياة هذا المناضل والشاعر قامت مؤسسة تاريخ دمشق بإعداد دراسة لموقع ويكيبيديا لينشرها على صفحاته بناء على الاتفاق الموقع بين الطرفين في حزيران الفائت القاضي بأن تزوّد المؤسسة الموقع بسير حياة 100 شخصية سورية موثقة ومدققة.
الشاعر الذي خاطب أبناء وطنه وأمته قبيل إعدامه داعياً إياهم إلى الثأر من المحتل العثماني عندما قال: لا العرب أهلي ولا سورية داري إن لم تهبوا لأخذ الحق والثار، ولد في مدينة حمص سنة 1891 وتعلّم في مدارسها وبينما كانت أسرته تتوسم فيه أن يصبح رجل دين خلع ثوب الرهبنة مبكراً واتجه إلى بيروت للتعلم في الكلية السورية البروتيستانتية «الجامعة الأميركية في بيروت» وكتب وهو لا يزال طالباً فيها أولى رواياته «أمراض العصر الحديث».
وبعد أن أنهى دراسته في بيروت سافر إلى اسطنبول لدراسة الحقوق وهناك راسل كبرى الصحف والمجلات العربية مثل «المقتطف والمقتبس والمفيد ومجلة لسان العرب» التي كان يصدرها النادي الأدبي في اسطنبول وعمل محرراً في جريدة الحضارة التي يصدرها الشيخ عبد الحميد الزهراوي.
في هذه الفترة من حياته وضع كتاباً جامعاً في الاقتصاد بعنوان «حياة البلاد في علم الاقتصاد» ولما أنهى دراسة الحقوق كان قد أجاد اللغات الروسية واليونانية والتركية.
كان لسلوم ولع وهواية بالموسيقا فأتقن العزف على آلات القانون والعود والكمان والبيانو كما كان من أشد المساهمين في إنشاء النادي الأدبي الذي كان يهدف إلى ائتلاف العرب وصيانة حقوقهم واستقلال بلادهم.
في عام 1914 ساقت سلطات الاحتلال العثماني سلوم إلى الخدمة مع قواتها المشاركة في الحرب العالمية الأولى؛ وهنالك تسنى له الاتصال والتنسيق مع الفئات المعارضة لهذا الاحتلال وكان بمثابة ضابط الاتصال بينها وبين ما تجسده من آمال الشعوب الرابضة تحت نير الاحتلال.
وفي عام 1915 اعتقل سلوم بعد أن وشي به وبنشاطاته للاحتلال العثماني ونقل إلى الديوان الحربي في عاليه حيث حكم عليه بالإعدام شنقاً ووقتها بعث برسالة مؤثرة إلى والدته وصف فيها ما ذاقه من تعذيب خلال مدة توقيفه واستجوابه وذكر أسماء الأشخاص الذين وشوا به وسامحهم.
وفي صبيحة يوم السادس من أيار نفذ حكم الإعدام بسلوم وهو لا يزال شاباً في الخامسة والعشرين من العمر وكان معه عدد من الأحرار مثل شفيق مؤيد العظم ورشدي الشمعة وشكري العسلي وأستاذه عبد الحميد الزهراوي حيث وصفت مذكرات ضابط في جيش الاحتلال العثماني اسمه فؤاد أردن موقف سلوم أمام الموت وكيف سار له بخطوات ثابتة سريعة وحيّا جثمان الشهيد الزهراوي واصفاً إياه بأبي الحرية وارتجل قصيدته التي يدعو فيها السوريين والعرب للثأر لشهداء 6 أيار وللتحرّر من نير الاحتلال.
وفي الوصية التي تركها سلوم دليل بالغ على مشاعره وحس انتمائه للوطن وللأمة، حيث أوصى أن تكتب على قبره أبيات من قصيدة الشاعر المقنع الكندي الشهيرة «إن الذي بيني وبين بني أبي» لتعبر عن إيمانه بسوريته وبعروبته ودفاعه عن أبناء جلدته حتى الذين خانوه وسلّموه للموت.