حضور لبنان في مهرجان الفارابيّ
} عباس خامه يار
الإثنين 17 آب كان لي شرفٌ عظيمٌ أن أكونَ حاضراً بين المرشحين والقائمين على الحفل الاختتامي لمهرجان الفارابي الدولي في دورته الحادية عشرة، التي اختصّت في أبحاث العلوم الإنسانية والإسلامية، والتي أقيمت بحضور وزير العلوم والأبحاث والتكنولوجيا الدكتور منصور غلامي، والمعاون العلميّ والتقنيّ لرئيس الجمهورية الدكتور سورنا ستاري، في صالة شهداء الجهاد العلمي في وزارة العلوم. تشرفتُ أن استنشقَ ساعةً من الوقت من الفضاء المليء بحضور مثقفي بلادي وعلمائها.
في هذه الدورة من المهرجان، تمّ تكريم أصحاب 19 مؤلَّفاً في الداخل (20 شخصاً) وسبعة أشخاص مرشحين من الخارج في مجال العلوم الإيرانية والعلوم الإسلامية من دول أندونيسيا، لبنان، إنكلترا، اليابان، كندا، جورجيا وأميركا، وكذلك ثمانية من شخصياتٍ حقيقيةٍ وحقوقيةٍ إيرانية بمن فيهم شخصان من روّاد العلوم الإنسانية والإسلامية الراحلين وشخصان من قدامى العلوم الإنسانية في إيران. بالإضافة إلى تكريم أفضل مترجمٍ، وصاحب نظرية بارز وتكريم الهيئة العلمية والمجلة العلمية. وقد تم ترشيحهم كأفضل من حاز مراتب علميةً أو ممن استحقوا التقدير.
في القسم الدولي، تمّ التعريف بجيمز وينستون موريس من أميركا، ليندا كلارك من كندا، حيدر باقر من أندونيسيا وعلي مهدي زيتون من لبنان، وذلك لما لديهم من مؤلفات في مجال الدراسات الإسلامية، ونوبوآكي كندو من اليابان، سوزان روف من إنكلترا وغريغول برادزي من جورجيا لما لديهم من مؤلفات في مجال الدراسات الإسلامية كذلك.
الأستاذ البروفيسور علي زيتون، كان أحد الشخصيات التي رشحتها المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، وكان لي شرف تسلم جائزتِه في هذا المهرجان في طهران اليوم. ولد زيتون عام 1947 في قرية حوش الرافقة وهو من بعلبك محافظة البقاع.
الأستاذ زيتون حصل على إجازته في اللغة والأدب العربي عام 1973، من جامعة دمشق. عام 1981، نال شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من جامعة القديس يوسف في بيروت، (جامعة سان جوزيف) وعام 1984 حاز شهادة الدكتوراه حيث كانت أطروحته بعنوان: «إعجاز القرآن وأثره في تطوير النقد الأدبي منذ القرن الخامس الهجري حتى نهاية القرن السابع الهجري»، حيث نال المرتبة الأولى على لبنان من تلك الجامعة.
إلى جانب عمله أستاذاً مدرساً، كان مدير جمعية اللغة والآداب في كلية الآداب الجامعة اللبنانية الفرع الرابع طوال أربع سنوات. كان أستاذاً مشرفاً على عشرات الرسائل والأطروحات حتى اليوم. تولى الدكتور زيتون على مدى سنتين مهمة تدريس أساتذة اللغة العربية وآدابها في دار المعلمين في مدينة زحلة. شارك في العديد من مؤتمرات اللغة العربيّة وآدابها في لبنان والعالم منها في جامعات طهران والزهراء، كما أقامَ عدداً من الورش الدوليّة في مجال الآداب والنقد. لديه الكثير من المؤلفات والكتابات في النقد الأدبي، تحليل النصوص، وكذلك في باب نهج البلاغة. يمكن الإشارة إلى البعض من مؤلفاته هنا:
– في مدار النقد الأدبي.
– الإعجاز القرآني وآلية التفكير النقدي عند العرب.
– أدبية الخطابة الإسلامية، مدرسة نهج البلاغة نموذجاً.
– الكناية ودورها الدلاليّ في نهج البلاغة.
تجدر الإشارة إلى أن اقتراحي ترشيح الراحل المسيحي المتخصص بالعلوم الإيرانية الدكتور الكبير فيكتور الكيك قبل سنواتٍ كذلك لاقى ترحيب إدارة المهرجان.
يُعَدّ مهرجانُ الفارابي أكبر المحافل العلمية والأدبية في البلاد، هدفه التعريف بأبرز المؤلفات الثقافية في مجال العلوم الإيرانية والعلوم الإسلامية. وقد بلغ هذا المهرجان من العمر عقداً كاملاً ورغم ظروف كورونا الصعبة في العالم، فإنه اليوم أكمل مسيرتَه الحادية عشرة بكل فخرٍ ونجاح.
يعتبر «أبو نصر الفارابي» قامةً عاليةً ونجماً ساطعاً في سماء العلم والمعرفة في إيران الكبرى وحضارتها. لذا فإنّ كل ما يتمّ تحت اسم الفارابي الذي عرف بعد أرسطو باسم «المعلم الثاني»، ينبغي أن يكون على مستوىً يليقُ بهذا الاسم.
ما أجمع عليه الحضور الكريم أمس، ضرورة إنعاش وإعادة بناء العلوم الإنسانية في بلادنا أكثر من ذي قبل، من خلال الإفادة من تجارب الآخرين وطبعاً حفظ الاستقلال الذاتي. إن الطفرة العلمية في هذا الميدان يجب أن تتزامن مع التقدم في سائر المجالات العلمية الأخرى في بلادنا.
إنّ دعمَ رواد العلوم الإيرانية والإسلامية في العالم وتأمين الحماية والتحفيز لهم اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، يُعدّ من الضروريات التي لا ينبغي أن تبقى خفيةً في أجواء التخويف من إيران والإسلام (إيرانوفوبيا وإسلاموفبيا). اليوم فإن الباحثين وعشاق الثقافة الإيرانيّة يسطعون في كافة أنحاء العالم حاملين هذه الحضارة وهذه الثقافة.
وأخيراً، فإن الهدف الأساس والمهم أمس في المهرجان، كان تطوير مجال العلوم الإنسانية حيث حملت إدارة مهرجان فارابي رايته عالياً.