الكورة الخضراء تستعيد أعراس الفداء وزفات الشهداء وتودّع «ثالوثها» بحضور شعبيّ وحزبي مهيب ستبقى أزكى شهاداتنا فداءً شهادة الدم في معارك الواجب القوميّ
كفتون ـ الكورة / تصوير: مخايل شريقي
عرس الكورة لم يكن عادياً، فالحدث طال كلّ بيت فيها، حيث ترقرقت العيون تحت شمس آب الحزينة، وخفقت القلوب على إيقاع غصة مهيبة أطبقت على حناجر الجميع ولم يفكّ صمتها إلا هتاف والد الشهيد علاء وهو يستقبل جثمان ابنه: «يا أبناء الحياة، لمن الحياة؟». وردّد الجميع تحية الحياة بمشهد عجيب لا يفهمه إلا من يرى في الحياة عزاً وجمالاً وتضحيات عظيمة ترقى بالنفوس إلى ذرى المجد والضياء.
بمشاعر الحزن والغضب والفخار، شيّع الحزب السوري القومي الاجتماعي في الكورة شهداءه الثلاثة الذين ارتقوا على تراب بلدتهم كفتون.
انطلق موكب الشهداء المهيب من مستشفى الكورة في عابا ومستشفى البرجي في أميون، حيث توزّع عليهما الشهداء الثلاثة، مروراً بقرى الكورة التي انحنت إجلالاً وذرفت كلها دموعاً غاضبة على هذه الخسارة الجسيمة.
في كفرحزير
المحطة الأولى كانت في كفرحزير، حيث استقبل الشهداء استقبال الأبطال ونثرت على نعوشهم الورود والأرز وسط هتافات تشيد بوقفات العز، قبل أن يتابع الموكب طريقه الى منطقة القاطع في الكورة عابراً ذرى التلال الكورانية التي عرفها وألفها وأحبها الشهداء الثلاثة، مروراً بكفرحاتا بتعبورة وكفتون مسقط رأسهم، حيث استقبلتهم حشود الرفقاء والأصدقاء الوافدين لإلقاء تحية الوداع على أبطال كفتون والكورة، فرفعت اللافتات التي تشيد بشهادتهم وتعتزّ بها، وامتزجت أصوات الهتافات بالزغاريد بصوت المفرقعات والتصفيق وزفة العرس في جو عابق بشتى أنواع المشاعر وأكثرها توهجاً وإشراقاً على الرغم من الخسارة الكبيرة التي لا تعوَّض.
..وفي كفتون الجريحة نسور الزوبعة
وإلى ساحة كفتون التي ارتوت بدمائهم الزكية، في باحة نادي كفتون الرياضي التقى الجميع حول الأبطال الثلاثة ينظرون إلى النعوش الملفوقة بعلم الزوبعة والتي كان الدم فيها يستصرخ ضمير كل حي.
وقد تقدم موكب التشييع مجموعة من الفصائل القومية (نسور الزوبعة) الذين حملوا النعوش والأكاليل والأعلام الحزبية، في مشهد مهيب يعبر عن أصالة القوميين الاجتماعيين وعهدهم للشهداء على الاستمرار في مسيرة الصراع والمقاومة.
وقد شارك في التشييع إلى جانب عائلات الشهداء، رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، نائب رئيس الحزب القائم دستورياً بمهام الرئاسة وائل الحسنية، نائب الكورة عضو الكتلة القومية الاجتماعية النائب سليم سعاده، وعدد كبير من أعضاء مجلس العمد والمجلس الأعلى والمكتب السياسي والمسؤولين، إضافة الى منفذ عام الكورة وأعضاء الهيئة.
كما حضر عضو المجلس السياسي لحزب الله ووفد من حزب الله، وعدد كبير من رؤساء البلديات والمخاتير والنوادي الرياضية والجمعيات التربوية والاجتماعية، وحشد قوميّ وشعبي.
المطران موسى: صار لزاماً أن نتعلّم العطاء لأجل هذا الوطن
ترأس الصلاة مطران جبل لبنان سلوان موسى، ومجموعة من الآباء، والقى المطران موسى عظة قال فيها: «إنها وقفة مجيدة التي نقفها اليوم، إنه مجد كبير موجود بيننا وفينا والحزن يمنعنا أن نراه ولكن كلام الله ووعده يجعلانا نلمسه، حين يقتنع الإنسان أنه يقدّم نفسه لله وفداء عن كثيرين فإنه يلامس المسيح، وذخائر الشهيدين اللذين حملا اسم فوقا اللذين أتوا الى كفتون في الامس، أصبح لديهم الآن رفاق شهداء مثلهم هم فادي وجورج وعلاء..».
وأضاف: «جورج وفادي وعلاء قدّموا حياتهم لخدمة الآخرين، ودمهم لم يذهب هدراً لأنهم شركاء آلام المسيح، وبالتالي هم حققوا كلمة الإنجيل ببساطة ومحبتهم وشجاعتهم وبساطتهم ومروءتهم وثقتهم بأنهم موجودون لحماية هذه البلدة وسكانها».
هذه اللحظة صعبة لنا على الأرض، ولكنها مباركة لأهل السماء، لأنهم يرون كيف يعيش الإنسان إنجيله وفي لحظة الوفاة يتذكر في طريقة عطائه وفدائه لسواه ونكرانه لذاته..
نطلب لجورج وفادي وعلاء هذه البركة ليكونوا عرابينها، وليكونوا شفعاء هذه البلدة الى جانب الاسقف فوقا والبستاني فوقا.. هم باقون معنا ونشكر الله على عطائهم المبارك من الله».
وختم: «يجب أن نتعلّم أن نعطي لأن بلدنا بحاجة لهذا العطاء في الوقت المناسب فداء الكل ولأجل الكل، جميعنا بحاجة لنفدي بعضنا البعض. وهذا ما فعله جورج وفادي وعلاء ولا نملك إلا أن نشكرهم ونشكر الله على عطيته.
جميعنا متألمون في هذا الوطن وصار لزاماً ان نتعلّم العطاء لأجل هذا الوطن..».
نغم خليل: لشهدائنا قسمُ الدم والشرف والانتماء أن دماءكم ستزهر قمحاً وولادة ورصاصة..
وبعد الصلاة قدمت الخطباء نغم خليل وألقت كلمة جاء فيها:
الجرح ينطق يا فمُ، دمُ الفدى يتكلّمُ
فاسكت.. فإنّك إن تكلّمتِ الجراحُ.. لأبكمُ
ماذا يقول الحرفُ في الشّفتين إن قال الدمُ؟
وطني.. سألتك ماذا أقولُ.. وأنت أنت الملهِمُ
كفتون، يا كل الأرض اليوم،
يا جرح الأحياء فينا،
ويا كل الأوفياء والشهداء.
كفتون يا ثكلى تبكي أبناءها
كفتون يا وقفات العز أرضها،
وهؤلاء النسور الثلاثة يملأون الدنيا
أصواتهم هدير نهر الجوز، زنودهم سنديان القويطع، وعيونهم شموس ستشرق كل صباح.
كيف نرثيكم ماذا نقول؟
أنتم الشهداء الخالدون في سجل كفتون والكورة ولبنان والأمة.
بماذا نرثيكم أيها الأبطال الشجعان الذين ركبوا الخطر وتحدّوا الموت وانتصروا بدمائهم على برابرة هذا الزمان.
بماذا نرثيكم وأنتم الجرح الذي يطيب جراحنا والكتف التي تسند أكتافنا.
فادي علاء وجورج أقمار من وطني ذنبهم أن الذئاب كثيرة والرعاة نيام.
ذنبهم أنهم تربّوا على محبة الأرض والإنسان ذنبهم أن الدماء التي تجري في عروقهم لم تكن ملكاً لهم وذنبهم أنهم فهموا الحياة: حرية واجباً ونظاماً وقوة.
الحزن اليوم كبير، على مساحة وطن، وأكبر وطن لا يمكن أن يستمر بإعدام أبطاله واحداً تلو الآخر.
الحزن اليوم كبير ويد الغدر السائبة لم تزل سائبة ونحن بين نائبة ونائبة نخسر أعزاءنا وأبناءنا.
لا يسعنا إلا أن نقول لأبطالنا الذين أحبّوا كفتون والكورة حبهم لأمة تنزف،
لفادي وعلاء وجورج قسمُ الدم وقسم الشرف وقسم الانتماء ستزهر دماؤكم قمحاً وولادة ورصاصة.
نادر: مسيرة الفداء القوميّ المكللة بقامات مئات الشهداء تتواصل وحزبنا ينهض بعد كل تجربة وكبوة
وألقى كلمة أسر الشهداء، الأمين كمال نادر وجاء في كلمته: قدري قدر عمري أني مشيت في طريق الحزب باكراً فسرت مع آبائهم ومع عائلاتهم ومع أجدادهم حتى… فمنذ خمسين سنة جئت إلى الكورة وما زلت فيها الى اليوم وقد عرفتُ كل هؤلاء وشاركتهم في أحزانهم وأفراحهم وفي معاركنا وبطولاتنا، في شهادات شهدائنا وما أكثرهم، فكلفني أهلهم أن أتكلّم باسمهم وأن أقول كلمة العز في موقف الحزب والعز.
لا الشدائدُ تميتنا ولا الأهوال تخيفنا، فنحن نهضة كانت تعرف منذ تأسيسها أن طريقنا صعب وشاقّ وأن أمامنا تحديات كبيرة وأن الفداء شرط لانتصار هذه القضية العظيمة التي تساوي وجودنا. ومنذ شهادة معلمنا سعاده سنة 49 ومعه ثمانية أبطال في الثورة القومية الاجتماعية الأولى التي لو انتصرت ما كان لبنان ولا كل أمتنا وصلت الى هذا المصير الأسود. منذ ذلك الزمن ومسيرة الفداء تتواصل والحزب ينهض بعد كل تجربة وكبوة. ويوم استشهد عميد الدفاع المقدّم غسان جديد على يد المكتب الثاني الشامي المشؤوم قال عبد الحميد السراج اللعين الذكر، «لقد انتهى نصف الحزب القومي والنصف الباقي يساوي صفراً فإذا بالحزب ينهض ويقاتل ويهزم مشروع السراج في معارك شملان وعدبل والنبي عثمان وبيروت والكورة سنة 1958. ثم كانت الثورة الانقلابيّة ودفعنا فيها خمسةً وثلاثين شهيداً عدا عن الذين تعذّبوا وتكسّرت ضلوعهم وظهورهم، ونهضنا وصعدنا جيلاً بعد جيل ثم فوجئنا بالحرب الأهلية في لبنان فقاتلنا وقدمنا مئات الشهداء ثم خضنا غمار المقاومة الوطنية ضد العدو وقدمنا مئات الشهداء أيضاً وأكملت المقاومة الإسلامية النضال حتى النصر والتحرير…
فادي وجورج وعلاء هجموا على الموت ولم يهابوا لأنهم مؤمنون بواجبهم في الدفاع عن القرية والمجتمع وعن الوطن. كانوا عزلاً، ولو كانوا في وضعيّة قتاليّة لما كانوا غدروا هكذا، أعرف شجاعتهم في معارك سابقة وأعرف هذه البلدة منذ أيام الأمين خليل فارس وجورج فياض وأبو الهول نبيل قصاص وناهض سويد والياس حنا وكل الشباب الذين قاتلوا وصنعوا معارك وانتصارات.
منذ تلك الأيام ونحن نخوض معارك ونغيّر مجرى الأحداث كما حصل سنة 1984 عندما فوجئنا بمعركة لم نكن نريدها وليس لها أيّ مبرر، يومها وصل الى الكورة 3000 مقاتل يشكّلون قوة ضاربة كانت عندما تدخل أي معركة تربحها وتفرض نصرها. في تلك المعركة قدّمنا خمسة شهداء وثلاث ضحايا وفي معركة طرابلس سنة 85 قدّمنا 35 شهيداً وفي المتن الشمالي سنة 86 قدّمنا 36 شهيداً وفي مجزرة عينطورة 21 شهيداً وفي مشغرة 8 وحلبا 11 شهيداً وبرغم كل ذلك لم ينكسر ظهرنا.
هذه حياة العز والكرامة والإيمان بقضية كبيرة. وهكذا ننهض ونتخذ من شهادة الشهداء زخماً ودماً جديداً يحفّزنا للصعود الى الأعلى. وأن هذه المنطقة التي اعتنقت روح النهضة ومبادئها من زمان وتمركزت في وديانها وقراها قيادة الحزب سنة 1943 تحت ضغط وقمع الانتداب الفرنسي، ما زالت ترفع راية الحزب وتولد أبطالاً مثل كل مناطق الوطن.
وختم الكلمة بالقول إنه منذ استشهاد كمال خير بيك وبشير عبيد ونحن نردّد أبياته «هذي جراحي كل جرح يرتمي درباً لهبة جيشنا الجبارِ… سأظلُ أشعلُ للكفاح قصائدي وأقود في جمر اللظى تياري…. وعلى صليب الشعب أرفع جبهتي، ما همّ جسمي قسوةُ المسمار. إن قطّعوا مني يميني أسرعت لتعيد ملحمة النضال يساري.»
أيّها الشهداء فادي حضرة المفوّض، وعلاء بيك هكذا كان يلقب نفسه، وجورج الصامد الذي رفض أن يهاجر، لأرواحكم الخلود ووقفة العز. البقاء للأمة ولتحي سورية.
الحسنية: نثق بالدولة لكن لن نسمح أن تذهب دماءُ رفقائنا هدراً فقوتنا موجودة ونحن قادرون
كفتون الحزينة على أبطالها الشهداء افتدت الكورة لا بل الشمال وقد يكون كل الوطن من فتنة كانت تدبّر لها في ليل مظلم.
كنتم وما زلتم الرجال الرجال القادرين على تخطي الصعاب وتحويل آلامكم وجراحكم إلى بلسم لمداواة جراح الوطن والأمة.
أيها الأبطال تحمون بلدكم بالصدر العاري في ظل دولة تطلب من أبنائها كلّ شيء ولا تستطيع أن تقدّم شيئاً، تطلب الضرائب ولا تستطيع مساعدة جائع.
ونحن الذين نؤمن بأن العقل هو الشرع الأعلى نؤكد بأن أسباب أزمات البلد ومصائبه، هي مواطن يقترع لأمير مذهبه الذي يوهمه بأنه حامٍ له وللمذهب ويؤمّن لقمة عيشه.
الأزمات التي تعصف ببلدنا لأن الدولة تضع إمكاناتها لخدمة الطوائف لا لخدمة مواطنيها.. وتعزّز الولاءات المذهبية على حساب الولاءات الوطنية.
أعجوبة هذه الدولة أنها تعزّز إدارة الطوائف الخاصة لتصبح كل طائفة دويلة ضمن الدولة.
الحل هو بالتخلص من هذا النظام الطائفي العفن وقيام الدولة القادرة وإلغاء الامتيازات التي تعطى لكل طائفة. الحل بقيام دولة المواطنة وبمحاربة الفساد عبر إزالة النظام الذي يحميه.
وألقى نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية الكلمة المركزيّة وجاء فيها:
اكفهرّ وجه الوطن.. البروق تخترق السحاب.. الرعود تنفجر غاضبة.. وينصهر فيض الدماء ويندفع سيل جارف يطهّر ثرى الوطن.. وتنعم الأرض بدفء شمس تموز. والأرض عطشى إلى الدماء فنادتكم إليها ولبّيتم النداء وانسلختم عن أفئدة أسركم واحتضنتم وجهها وعلا الصوت متفجراً: الأرض تشدّكم إليها وتطلب المزيد فأشبعتموها دماً حاراً ملتهباً لا يلبث أن ينفجر كالبركان يزلزل الأرض بالطارئين ليتأكد لأولئك أن سماء أمتنا تنطق بعزّتها وعنفوانها وأن أرضنا تروي حكايات المجد والبطولة فعلى كل حجر نقطة دم، وعلى كل صخرة حكاية غازٍ يموت.
وثمّن الحسنية افتداء الشهداء للكورة والشمال بالدم الغالي: ما كنّا نأمل أن نزور كفتون الوادعة ونلتقي شيبها وشبابها في هذا الجو الحزين لأن كفتون لا تستحق الأحزان. فهذه القرية الحزينة على أبطالها الشهداء افتدت الكورة لا بل الشمال وقد يكون كل الوطن من فتنة كانت تدبّر لها في ليل مظلم. فأنتم يا أبناء كفتون ويا أبناء القويطع كنتم وما زلتم الرجال الرجال القادرين على تخطي الصعاب وتحويل آلامكم وجراحكم إلى بلسم لمداواة جراح الوطن والأمة.
وتوجّه إلى الشهداء الأبطال وأسرهم مثمناً وجعهم والمهم فقال: يا أبطال بلادي يا أغلى الغوالي، كان باستطاعتكم أن تناموا في منازلكم وتتركوا حال بلدكم لأبناء الأفاعي، لكن حسكم وواجبكم الوطني دفعكم لتواجهوا الجناة باللحم الحي، بالصدر العاري، في ظل دولة تطلب من أبنائها كلّ شيء ولا تستطيع أن تقدّم شيئاً، تطلب الضرائب ولا تستطيع مساعدة جائع.. تطلب التضحية من عناصر الشرطة البلدية لحراسة بلداتهم وهم عزّل.. تطلب الإقدام من عناصر الدفاع المدني ولا تؤمن لهم التجهيزات اللازمة.. تطلب الصبر من المواطنين وقد أخذت منهم كل الصبر.. تطلب الوفاء وهي العاجزة عن وفاء أبسط حقوق مواطنيها.
رفيقي فادي ستغادرنا ولن نرى وجهك بعد اليوم وتركت خلفك زوجة جريحة ولم تودع باسم وجاك وميشال ولم تدَع والدتك تقبّل جبينك للمرة الأخيرة، لكن طيفك يا فادي سيبقى حاضراً في لقاءاتنا واجتماعاتنا في كل نبض حياتنا ونشاطاتنا مع كل أمسياتنا وصباحاتنا.
أما أنت يا علاء لقد بكّرت الرحيل وتركت زوجة مفجوعة ودمعة حزن نرى مايك وأليسار يسألان متى يعود إلينا البابا ليعيد الفرحة إلى منزلنا، ووالدة لا تستطيع الصبر على فراقك وأباً جريحاً قدم فلذة كبده قرباناً على مذبح الوطن.
أما أنت يا جورج أيّها القومي الذي لم يدخل إلى المؤسسة، لكنك كنت واحداً منا في مسيرتك وحياتك في أخلاقك وقيمك القومية.
وتابع الحسنية: إن هذا البلد مكتوب عليه لو كنا قدريّين أن ينتقل من أزمة إلى أزمة ومن مصيبة إلى أخرى، لكن ونحن الذين نؤمن بأن العقل هو الشرع الأعلى نؤكد بأن أسباب أزمات البلد ومصائبه، هي مواطن يقترع لأمير مذهبه الذي يوهمه بأنه حامٍ له وللمذهب ويؤمّن لقمة عيشه، لكنه في الحقيقة يستعمل الطائفية وسيلة لتسلطه على رقاب العباد. الأزمات التي تعصف ببلدنا لأن الدولة تضع إمكاناتها لخدمة الطوائف لا لخدمة مواطنيها.. وتعزّز الولاءات المذهبية على حساب الولاءات الوطنية.. وتشرّع لكل طائفة مدرستها وجامعتها ومستشفاها ووسيلة إعلامها وقضاءها وإعفاءها من الرسوم لا بل تعزز إدارة الطوائف الخاصة لتصبح كل طائفة دويلة ضمن الدولة.
وإذ شدّد الحسنية على أن الحل هو بالتخلص من هذا النظام الطائفي العفن وقيام الدولة القادرة وإلغاء الامتيازات التي تعطى لكل طائفة، الحل بقيام دولة المواطنة وبمحاربة الفساد عبر إزالة النظام الذي يحميه. الفساد ليس كلمة ولا فرداً بل هو منظومة كاملة من قيادييه إلى موظفيه، أكد أن حماية لبنان بتعزيز جيشه الوطني، بمساندة مقاومته، وبالانخراط الكامل في الصراع مع أعداء أمتنا من محتلين صهاينة وإرهابيين وشذاد آفاق، وليس عبر الحياد عن مسائلنا القومية، وليس بالمطالبة بسحب سلاح مقاومتنا التي هي عزّنا وشرفنا.
المطلوب وضع سياسة اقتصادية ومالية جديدة للخروج من المأزق الاقتصادي، المسؤولة عنه السياسات المالية والاقتصادية للحكومات السابقة المتعاقبة، وليست هذه الحكومة التي لا يزيد عمرها عن سبعة أشهر تتحمل وزر الفشل.
وأكد نائب رئيس الحزب بقوله إن هذه الجريمة هي اعتداء موصوف على أمن البلد واستقراره وإن أجواء الفوضى التي يمرّ بها البلد وثقافة التحريض هي التي تدفع القتلة إلى إعداد جريمتهم وتصفية كل مَن يقف في طريقهم من هنا لا بدّ أن نشكر الأجهزة الأمنية الجيش قيادة وضباط وقوى الأمن الداخلي وفرع المعلومات والأمن العام وأمن الدولة لأنهم وضعوا كل إمكاناتهم في سبيل كشف هذه الحقيقة مشكورين، وهذا واجبهم. ونحن كحزب لن نتوانى عن القيام بدورنا ومسؤوليتنا من أجل تحصين مجتمعنا ومواجهة الفتنة، ولكننا لن نسمح أن تذهب دماء رفقائنا هدراً لأن قوتنا موجودة، ونحن قادرون، ولكننا وضعنا ثقتنا بالدولة التي يجب أن تعطينا وتعطي أهل الشهداء حقهم.
وختم الحسنية: باسمي وباسم رئيس المجلس الأعلى والمجلس الأعلى ومجلس العمد وقيادة الحزب ومسؤوليه وكل القوميين في الوطن وعبر الحدود والمواطنين والأحزاب الصديقة، نعزي أنفسنا وأسر الشهداء، ونشكر كل من شاركنا أو اتصل هاتفياً معزياً ونقول لهم نحن الآن لسنا في ساعة حزن ولا نأتي من أجل التعازي بل نحن في حالة فرح لأننا فدينا لبنان بثلاثة شهداء أبرار.. لهم الخلود والبقاء للأمة.
فارس: لتأخذ الدولة حقنا كي لا نأخذه بأيدينا ونحن في ساحة الميدان
وألقى رئيس بلدية كفتون نخلة فارس (والد الشهيد علاء) كلمة قال فيها:
نطالب الدولة اللبنانيّة بأخذ حقنا كي لا تجبرنا على أخذه بأيدينا، لأن لدينا أبطالاً وقدّمنا أبطالاً ولا يزال لدينا أبطال ومستعدّون للتضحية في أي وقت، كما قال رئيس الحزب.
أضاف: قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي وعدت بمتابعة هذه القضية وأنا أطلب من قيادة الحزب متابعة القضية حتى النهاية، لأننا لا نرضى أبداً أن تذهب دماء فادي وعلاء وجورج هدراً.
وقال: باسم عائلات الشهداء سنكلف محامي الحزب وسنقيم دعوى قضائيّة.
وختم: أشكر جميع من واسانا من كل لبنان وأشكر أبناء قويطع أهلنا وأحبابنا ونحن على العهد باقون ولن نتخاذل. بعد استشهاد الشبان الثلاثة نحن موجودون في ساحة الميدان. ولتحي سورية.
ثم أعقبت الكلمات مواراة الشهداء الأبرار الثرى في مدافن القرية.