مدير «الطاقة الذريّة» في طهران.. فما الرسائل السياسيّة التي تحملها الزيارة؟
حسمت طهران على لسان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذريّة بهروز كمالوندي، أن انفجار منشأة «نطنز» النوويّة ناجم عن عمل تخريبي من دون تفاصيل إضافيّة، تاركاً للمسؤولين الأمنيين الإعلان في الوقت المناسب عن كيفية وقوع الانفجار وتفاصيله.
تزامن الإعلان الإيراني الرسميّ، مع زيارة مهمة، للمدير العام للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة رافائيل ماريانو غروسي، إلى طهران لمدة يومين يلتقي خلالها كبار المسؤولين الإيرانيين.
وتطرح الزيارة العديد من التساؤلات عن الرسائل السياسيّة التي تحملها الزيارة، في ظل عزلة دوليّة تعيشها الإدارة الأميركيّة وثبات الموقف الإيراني الذي عبّر عنه بشكل واضح وزير الخارجيّة محمد جواد ظريف، حين أكد أن العمل مع الوكالة «يقوم على مبدأ الشفافيّة»، وأنّ بلاده «لن تسمح للكيان الصهيوني الذي يمتلك الأسلحة النوويّة والنظام الأميركي الذي استخدم هذه الأسلحة، ويعملان ضد أهداف الوكالة، بزعزعة السلام والأمن في منطقتنا».
ربما تبدي طهران مرونة أكبر مع الوكالة الدوليّة في الملفات العالقة لسحب كلّ الذرائع من أمام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تسعى جاهدة لإعادة فرض العقوبات الدوليّة على إيران من جهة، ولتأكيد حسن نياتها أمام المجتمع الدوليّ الرافض لخرق الإدارة الأميركيّة القوانين والاتفاقيّات الدولية من جهة أخرى.
فيما تعتبر هذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها منشأة «نطنز» لهجمات ترمي إلى تعليق عمليّات التخصيب فيها أو إبطائها في أقلّ تقدير.
فبعد 10 سنوات من هجمات «ستاكس نت» السايبيرية، تعرضت المنشأة مرة جديدة لهجمات ناتجة عن عمل تخريبيّ مباشر، لكن ذلك لم يُعطّل عمليات تخصيب اليوارنيوم فيها التي تجري على قدم وساق، بعد تحرر إيران من القيود التقنيّة التي فرضها الاتفاق النووي عام 2015، رداً على انسحاب أميركا من الاتفاق عام 2018 وتقاعس الأوروبيين.
وتطرح العديد من التساؤلات حول طبيعة هذا العمل التخريبي، أنه عمل من الخارج مسؤولة عنه الولايات المتحدة أو «إسرائيل»؟ أم هجمة سايبيريّة؟ أم من تنفيذ عناصر داخليّة، أو عمل ناتج عن عبوّة ناسفة؟ والإجابة عن هذه التساؤلات قد تعطي صورة واضحة عن طبيعة الرد الإيراني، الذي من المتوقع أن يكون مشابهاً للهجوم على المنشأة.
كما قد تقدّم إيران في حال وصلت لأدلة وإثباتات واضحة عن الجهة المسؤولة عن هذا العمل التخريبي، شكوى للمنظمات الدوليّة خاصةً الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة، كما أشار المتحدث باسم الخارجيّة الإيرانيّة سعيد خطيب زادة اليوم الإثنين.
في السياق، ربما تمثل زيارة غروسي إلى إيران، جزءاً من المساعي الأميركيّة للضعط على طهران، من خلال إظهارها كطرف غير متعاون مع المجتمع الدولي، بالإضافة إلى محاولة القفز على آلية الوكالة في عملها.
ويبدو أن عدم امتثال إيران للشروط الأميركيّة وغياب الحماسة الأوروبيّة أدّت إلى عرقلة هذه الجهود. كما ترتفع أصوات من داخل الحزب «الجمهوري» الأميركي، غير راضية عن أداء وزير الخارجية مايك بومبيو، في الملف الإيراني، لأنه زاد من العزلة الأميركيّة دولياً.
الوكالة فتحت مؤخراً اشكاليتين حول الملف النووي الإيراني، إحداهما تتعلق بمركز نووي في أصفهان، والآخر على أطراف طهران، فيما تسعى إيران لرفع هذه الإشكالات لإثبات حسن نيّتها تجاه المجتمع الدولي والدول التي وقفت إلى جانبها في مجلس الأمن وفرضت عزلة على أميركا.
ومن المؤكد أنّ إيران معنيّة حالياً في رفع كل الذرائع التقنيّة التي قد تستغلها الولايات المتحدة الأميركيّة، علماً أنّ معظم المنظمات الدوليّة تخضع للإدارة الأميركيّة وشروطها.
زيارة مدير العام للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة تعتبر فرصة لإيران التي وجهت إليه الدعوى، بهدف تعزيز التعاون معها وحل القضايا العالقة، وقطع الطريق أمام الولايات المتحدة تحديداً قبل تشرين الأوّل المقبل، وهو موعد رفع الحظر التسليحيّ من قبل مجلس الأمن الدولي عن إيران.
يذكر أنّ المتحدث باسم منظمة الطاقة النوويّة الإيرانيّة، بهروز كمالوندي، أعلن أمس الأحد، أن انفجار «نطنز» كان «عملاً تخريبياً»، مؤكداً أنه «تمّ إعداد قاعتين منفصلتين في مكانين مختلفين لمواصلة العمل».
وكشفت إيران نهاية تموز الماضي، أن «عناصر داخليّة» في الغالب وراء الانفجار في مبنى تابع لمحطة «نظنز» النووية في 2 من الشهر نفسه.