لماذا أعشق بعدي عنك
بحجَّةِ طولي الذي يزيدُ قليلاً عن زملائي في الصّفّ،
كانت معلّمتي تأمرني بأنْ أجلسَ في المقعدِ الأخيرِ.
هكذا تعوّدتُ أنْ أرى المعلّمةَ من بعيدٍ
كما مرّنتُ عينيَّ لأرى جيّداً – من بعيدٍ – كلّ ما كُتِبَ على اللّوح الصّفّيّ مهما صَغُرَ حجمُ الكلماتِ.
وللسّببِ نفسه كان عليّ الوقوف في آخر الرّتل أثناء تأديةِ تحيّةَ العلمِ.
وأحببتُ مكاني هذا فأنا أستطيع من خلاله أن أرى جميعَ الموجودينَ في الباحة.
ومنذ ذلكَ اليومِ وأنا أهوى الصّفوفَ الأخيرة!
أدخل إلى السّينما ولا أقبلُ الجلوسَ إلّا في الصّفّ الأخير من القاعة.
أذهبُ إلى المطعمِ وأختارُ آخرَ طاولة فيه،
حتّى أنّي بتّ أكره الطّاولات المستديرة، لأنّ لجميعَ كراسيها البُعد نفسه عنها.
وأتذكّر مرّةً أنّي غادرتُ حفلةً موسيقيّةً قبل أنْ تبدأَ… فقط لأنّني اضطررتُ إلى أنْ أجلسَ في الصّفوفِ الأماميّةِ.
أتفحّصُ الحافلةَ قبل الصّعودَ إليها،
إنْ لم أجد كرسيّاً شاغراً ضمنَ المقاعد الأخيرة فأنا لا أصعد أبداً حتّى إنْ تأخّرتُ عن موعد امتحاناتي.
برضاي التّامّ أسمحُ لجميعِ مَن حولي في المحال التّجاريّة أنْ يتقدّموا ليدفعوا حسابهم قبلي
هكذا أكون آخرَ شخصٍ يدفعُ الحسابَ.
حقّاً – ولأسبابٍ لا أعرفها – أنا أهوى البُعدَ عن الجّميع وعن كلّ شيءٍ،
كما أنّني أهوى الصّفوفَ الأخيرة.
كلّ ما ذكرتُه سابقاً هو محضُ هراءٌ
أنا فقط أحاولُ أنْ أقولَ:
كمكانةِ الأنبياءِ للمعلّمين، وكقدسيّة عَلَم بلادي، وكضرورة العِلْمِ، وكسحرِ السّينما، وكتأثيرِ الموسيقا في روحي،
وكالزّادِ………… أنتَ!
كلّ ما ذكرتهُ سابقاً هو فقط محاولةٌ منّي لأقنعَ نفسي وأقنعكَ
بشيءٍ واحدٍ
هو:
لماذا أعشقُ بُعدي عنكَ!
ريم رباط