في الألم والافتراضات واللغة…
} مصطفى بدوي
نكاية في الألم ووشايات الفيلة:
ماذا لو فكرت في أن أصير مهاجراً سرّياً هنا في أراضي الله المنخفضة وأدوزن التيه على سجيته والحلم على شهيته وأغسل لوثة في الخلايا ببحر الشمال؟ فيمَ سيفاجئكم قراري؟ أليست ارض الله واسعة إلا على المرتاحين لأحوالهم؟
ألن تتعاطف معي الجهات التي تدّعي عنايتها بحقوق الكائن المنفي طوعاً والكتاب والمقهورين والحثالات وضحايا الجغرافيات العتيقة والتعيسة؟
لماذا سيستكثرون عليّ بطاقة إقامة وعيشاً محترماً ههنا في هذه الدنى الراقية وأنا القادم من أدغال القهر والغبن والظمأ الرجيم؟
ماذا لو فكرت في أن أتلاشى أو أتبدّد في هذه الأمداء وأترك للقارب المخمور أن يأخذني إلى جهة ما وينثرني لأكنس أوهامي وأصير ورداً وخطاي ناياً….
ماذا لو قلبت على أفكاري الطاولة؟ وأسلمت للخطى أن ترتق خطوتي القادمة؟ ماذا عليّ اذا أنتخبت العاصفة؟
***
2ـ مفارقات ممكنة :
انا لا أعربد في مروج الخيال بل أزوج اللوز بالشمس وأروض التيه على منسوب التيه.. أستفز الحكاية في نبعها وأرمم الأوهام بفرشاة الغيم… وأزهو مقترفاً ممكنات الوجود..
انا لا أرتاد منصات الغبن وخرائب تجثو على ركبتيها لتغازل أشواقاً كاذبة ونساء طاعنات في البشاعة والبصل.. بل أسبح في ملكوت النزق العالي حتى أسبل أمواجي على الأنداء.
أنا لا يغريني أن تكتظ مسامي بعناوين الأخبار.. فالأخبار كما الإحبار ومواعيد النشرة: إحبار.. إحبار.. إحبار.
***
غالباً ما أفترض أن مهمة الليل مرهونة بالجنون، فيما النهار جحش نثري لا يصلح إلا لتقارير المخبرين ونمائم البدينات وغنج التافهات …
غالباً ما أفترض أن الغابة بحر مسخته يد الآلهة بفرشاة خضراء وابتلعت أسماكه ذات أملاق…
غالباً ما أفترض أن الزمن محض عجلات ترقعها الريح بأصابع محمومة بالدخان في مقصورة مجنونة باللهاث..
غالباً ما أفترض أن الحشود يومها الطوفان وأن الصحراء تمعن في التهام الجثت بشراهة دموية لا تحدّ ..
غالباً ما أفترض أن نيتشه مرّ يوماً بالأغبر الأشعث الذي لو أقسم على الله لابره فكان ان تكلم زرادشت…
***
3ـ اللغة :
ربما شيء ما نائم في رأسك
قد أسميه لغة أمك
فاللغة يمكنها النوم مراراً يا روتخر كوبلاند
اللغة يمكنها التحفّظ من عيون المتلصصين
والتخفّي تحت القبعات والشتاءات الباردة
يمكنها الضلوع في سبات طويل
والثأر من الألسنة
يمكنها أيضاً الرقص بالزانة فوق أحراج الذاكرة
والتسكع في ظهيرة الصمت
يمكنها إنجاب أبناء أتقياء وآخرين سفلة
يمكنها الذهاب مبكراً الى حانة في شوارع خلفية
كما يمكنها أن تسهر ليلة السبت في مسامرة القتلة!