من مناطقنا السليبة لواء الإسكندرون
الأمينة د. ماري شهرستان
“اذكروا فلسطين وسيناء والإسكندرون وكيليكيا وقبرص”، هذا النداء نقرأه كثيراً في طلب الانتماء، وفي كثير من أدبيات الحزب.
إنما من قرأ عن الإسكندرون وانطاكية، ومن يعرف عنها تاريخاً وحضارة ومؤامرة حبكت ليتم سلخها عن الوطن السوري؟
هنا ما كانت أعدّته الأمينة الدكتورة ماري شهرستان، وجرى تعميمه بتاريخ 2/10/2009 عن عمدة شؤون عبر الحدود، على أمل أن نعمّم لاحقاً ما نحقّقه، أو نعثر عليه، من معلومات عن مؤامرة سلخ اللواء، الضالعة فيها فرنسا في مرحلة انتدابها على الشام ولبنان، وقوى أخرى مرتبطة بالصهيونية، وأدمنت التآمر على أمتنا خدمة للأغراض اليهودية – الصهيونية. وأيضاً ندعو رفقاء مطّلعين كي يكتبوا، فننشر لهم ذلك.
ل. ن.
* * *
يقع “لواء اسكندرون” (تطلق تركيا اسم ولاية “هاتاي” عليه) في شمال غرب سوريا، ويطلّ على البحر المتوسط من جهة الغرب، وعلى سهول حلب من الشرق، وسهول كيليكية وجبال طوروس من الشمال، واللاذقية وجبل الأقرع من الجنوب. تبلغ مساحتها 4800 كيلومتر مربع، فيها أربعة جبال شامخة هي: الأمانوس، الأقرع، موسى والنفاخ.
بين هذه الجبال ينبسط سهل واسع أخضر هو سهل العمق، كما تجري فيها عدة أنهار غزيرة عذبة المياه هي:
العاصي الذي يمرّ بمدينة أنطاكية، فيسقي سهولها ويسرح تحت جسورها العتيقة الخالدة، ثمّ يمضي إلى خليج السويدة ليصبّ ماءه في البحر.
نهر الأسود القادم من كيليكية إلى بحيرات سهل العمق.
نهر عفرين القادم من حلب إلى بحيرات سهل العمق أيضاً.
إضافة إلى بعض الأنهار الصغيرة الصافية. طبيعتها جميلة، تضاريسها متنوّعة، تربتها خصبة وجوّها صافٍ عليل. تتمتّع هذه المنطقة بثروات طبيعية غنية، مثل الذهب والنحاس والبترول والكروم والنيكل، بالإضافة إلى دورها السياحي، نظراً لاحتوائها على مدن تاريخية وسط الطبيعة الغنّاء. يمكن للمسافر ملاحظة خصوبة المنطقة، حيث تمتدّ حقول القطن والحبوب والتبغ والمشمش والتفاح والزيتون على مدى المساحات.
من أهم مدن اللواء: أنطاكية، الاسكندرون، عنتاب، أضنة، مارسين، جبل موسى والريحانية، كما يوجد مدن السويدية وأرسوز وبياس.
يسكن الإقليم حالياً حوالى مليون نسمة، ولا يوجد أي تعداد للنسبة السورية ويعمل معظمهم بالزراعة وصيد الأسماك وصناعة الزجاج والنسيج، ويعملون كذلك في التجارة عبر البر والبحر.
في الحقيقة، لواء الإسكندرون ومنطقة كيليكية مرتبطان عضوياً بجغرافية سورية الطبيعية. هذا ما يلاحظه الزائر للمنطقة، حيث يرى تشابه التضاريس بين منطقة طرطوس ومنطقة إسكندرون، أو ما يُعرف تاريخياً بإسكندرونة. يعزّز ذلك علاقات النسب والقرابة بين منطقة حلب السوريّة على الخصوص، وهذه المنطقة التي تدفع السلطات في البلدين في الأعياد والمناسبات لتسهيل الزيارات المتبادلة بين الأقرباء من دون تأشيرة دخول. وتؤكّد سوريا أنها قد أصدرت بعد اتفاقياتها التي وقّعتها مع جارتها بشأن تعزيز التجارة والعلاقات الاقتصادية والاستثمارات، خرائط لا تتضمّن لواء الإسكندرون كما في السابق، كما سارعت إلى حذف “عروبة” اللواء من المناهج المدرسية السورية.
تاريخياً:
في العهد العثماني كان اللواء يتبع ولاية حلب.
عام 1915 احتوت مراسلات الشريف حسين مع مكماهون على إشارات واضحة بتبعية المناطق الواقعة جنوب جبال طوروس إلى الدولة العربية الموعودة (تعيين للحدود الشمالية للدولة على خط يقع شمال مرسين – أضنة الموازي لخط 37 شمالاً، الذي تقع عليه المدن والقرى بيره جوك، أورفة، ماردين، فديان، جزيرة ابن عمر، عمادية، حتى حدود فارس). مع بدء الانتداب الفرنسي لسوريا ولبنان تبع اللواء ولاية بيروت.
كان لواء إسكندرون في اتفاقية سايكس – بيكو داخل المنطقة الزرقاء التابعة للانتداب الفرنسي، بمعنى أنّ المعاهدة اعتبرته سورياً.
في معاهدة سيفر عام 1920 اعترفت السلطة العثمانية بعروبة منطقتي الاسكندرون وكيليكية، أضنة ومرسين وارتباطهما بالبلاد العربية) المادة 27.
بعد توحيد الدويلات السورية التي شكّلها الانتداب الفرنسي، ضُمّ لواء الاسكندرون إلى السلطة السورية المركزية.
لكن بعد اتفاقية أنقرة الثانية في 23/6/1939 م المستندة إلى معاهدة الصداقة التركية – الفرنسية، المنعقدة في 4/7/1938 م تمّ بموجبها إلحاق اللواء بتركيا والإحاطة بحكومته المحلية وبمجلسه التشريعي.
بعد أن أشرفت الإدارة الفرنسية على استفتاء حول الانضمام إلى تركيا، فاز فيه الأتراك، ثمّ قامت تركيا بتغيير كافة الأسماء من عربية إلى تركية بعد انسحاب القوات الفرنسية منه، وإعادة رسم حدود جديدة لسورية مع تركيا، حيث ضمّته إليها بالقرار من البرلمان التركي، ليصبح اللواء بعد ذلك الولاية الـ36 من الجمهورية التركية بِاسم ولاية هاتاي وعاصمتها أنطاكية.
مدينة الاسكندرونة
يعود تاريخ مدينة الاسكندرون العريق إلى الزمن الفينيقي، حيث كانت قد بنتها الملكة السورية الفينيقية “حيرا” فوق بروز صخري يمتدّ في مياه البحر المتوسط، وكانت هذه المدينة تسمّى “ميريا ندروس”، وكانت محطة للقوافل ومرفأ تجارياً للسفن الفينيقية التي تفرغ حمولتها القادمة من المتوسط لتأخذ طريقها ثانية إلى أسواق بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس، ثمّ دمّرها زلزال عظيم فاختفت عن وجه الأرض زمناً قصيراً، إلى أن عادت منتصبة جميلة بعد أن أعاد بناءها لاحقاً أنتيغون، وهو أحد ضباط الإسكندر المقدوني، وحيث سمّاها تخليداً لذكره وانتصاراته.
في العصور القديمة، كانت المدينة ومرفأها مركزاً للتجارة بين الشرق والغرب. فقد استخدمها السوريون كمنفذ بحري لسكان مدينة حلب وللشمال السوري كلّه.
ولمدينة الإسكندرون موقع استراتيجي، حيث تتحكم بمضيق “بوابة سوريا”، الذي يسيطر على الطريق الساحلية المتجهة إلى كيليكية، وبمضيق “بيلان”، الذي يسيطر على الطريق المؤدية إلى سوريا الداخلية. وتُعتبر المدينة ثاني مرافئ بلاد الشام، بعد بيروت، من حيث الأهمية.
ومدينة الإسكندرون اليوم هي من أهم الموانئ البحرية التي تعتمدها تركيا لتصدير النفط. وتشهد المحافظة بأكملها حركة صناعية في قطاع النسيج والزجاج، كما رفدتها أنقرة بالعناصر البشرية والصناعية وحوّلتها إلى مناطق صناعية كبرى بإقامة مصانع الحديد والمعادن، التي يمكن ملاحظتها على طريق ساحل البحر المتوسط، فضلاً عن كونها منتجعاً سياحياً هامّاً.
مدينة أنطاكية:
تقع مدينة أنطاكية التاريخية على الضفة اليسرى لنهر العاصي على بعد 30 كم من شاطئ البحر المتوسط، فيها بساتين وبحيرات ومياه متدفقة من شلالات دفنة، ساحاتها مزيّنة بأجمل آيات الفن السوري من مسرح وتماثيل ولوحات فسيفساء، وأعمدة قصور ومعابد. أنطاكيا باليونانية Αντιόχεια، بالتركية Antakya، بالإنكليزية Antioch، قال عنها ياقوت الحموي في معجم البلدان: “وكانت العرب إذا أعجبها شيء نسبته إلى أنطاكية.
بنى سلقوس نيكاتور هذه المدينة سنة 301 ق.م، وسمّاها أنطاكية على اسم أبيه أنطيوخوس. أحبّ سلقوس مدينة أنطاكية، فأمر بأن ينقل إليها كلّ ما له قيمة من أنقاض مدينة أنتيغونا المهدمة، ومنح سكان المنطقة حقوقاً مساوية لليونانيين ليشجّعهم على الانتقال إليها، فعاشت المدينة سنين ازدهار طويلة حتى صارت درّة الممالك السلوقية وعاصمتها من البحر المتوسط إلى حدود الهند.
الأزمنة الحديثة:
استولى العثمانيون على المدينة عام 1489، أضحت بعدها أنطاكية مجرد قرية بعيدة عن الطرق التجارية التي أصبحت تتمركز باتجاه حلب. وفي القرن السابع عشر صارت السفن القادمة من أوروبا ترسو في الإسكندرونة وتأخذ البضائع والسلع طريق حلب، حيث كان فيها قناصل يمثلون فرنسا والدول الأوروبية، ولم يعد أحد يتوقّف في أنطاكية بل يسير باتجاه آخر. عام 1932 احتلّها إبراهيم باشا، حيث كان معظم سكانها من السوريين، ونسبة من الأتراك والأرمن واليونانيين. هذا التنوّع الإثني – الديني كان وراء تمزّق أنطاكية في بداية القرن العشرين. عام 1918 احتل الجيش الفرنسي سنجق الإسكندرون وكيليكية وسوريا، وعزمت جمعية الأمم على ضمّ أنطاكية إلى سوريا الواقعة تحت الانتداب الفرنسي آنذاك، لكن الاستفتاء الذي حصل كانت نتيجته 63 % للأتراك، فسمحت فرنسا للجيش التركي بالدخول والتغلغل إلى اللواء في تموز عام 1938. وفي عام 1939 ضمّت أنطاكية ومنطقتها إلى تركيا بِاسم ولاية “هاتاي”.
أنطاكية المسيحية:
إنها من أوائل المدن التي نشأت فيها المسيحية وازدهرت، ووفق “أعمال الرسل” (11-26) فيها تمّ لأول مرة تسمية تلامذة المسيح بالـ”مسيحيين”. وأصبحت أنطاكية بوقت مبكر مقراً للعديد من البطركيات المسيحية في الشرق، حيث كانت مقراً لتبشير مار مطرس والذي جعل منه تراث المدينة أول أسقف لها. وحسب الأسطورة، يُقال إنّه سُمّي أسقفاً لها بعد أن هدى أميرها إلى المسيحية.
في بداية القرن الثاني كانت كنيسة أنطاكية قد تنظّمت بشكل كبير، وكان أسقفها القديس “إينياس” منذ أعوام 69 م. وفي أعوام 270 انقسم مسيحيو أنطاكية، منهم من ناصر الأسقف “بولس السميساطي” بينما أراد آخرون الالتحاق بالإمبراطور أورليان. وفي القرن الرابع اعتبرت كنيسة أنطاكية أهم كنائس المسيحية بعد روما والإسكندرية، وهي أول مدينة في الإمبراطورية بنت كاتدرائية فخمة (بين 327 – 341) مع قبة من الموزاييك. تناقصت أهمية أنطاكية تدريجياً مع صعود القسطنطينية وتشييد بطريركية القدس. وممّا زاد من ضعفها بروز الهرطقات الآريوسية (مجمع أنطاكية 324) ثمّ النسطورية وعقيدة الطبيعة الواحدة. في القرنين الرابع والخامس كان فيها مدرسة هامة لتفسير الكتب المقدسة، حيث شاركت في الجدالات اللاهوتية التي جرت في ذلك الزمن، داعمة التفاسير الحرفية للكتب، وكانت تعاكس مدرسة الإسكندرية.
لأنطاكية اليوم أهمية كبيرة لدى المسيحيين في الشرق، فهي أحد الكراسي الرسولية إضافة إلى روما والإسكندرية والقسطنطينية والقدس، وبطاركة الطوائف التالية يلقبون ببطريرك أنطاكية وسائر المشرق: السريان الأرثوذكس، الروم الأرثوذكس، السريان الكاثوليك، الروم الكاثوليك، السريان الموارنة.
محافظة أضنة: هي إحدى محافظات تركيا، عاصمتها مدينة أضنة.مساحة سطحية: 14.030 كم2 – عدد السكان: 1.849.478
محافظة غازي عينتاب: هي إحدى محافظات تركيا، عاصمتها مدينة غازيانتيب تبلغ مساحتها 7,194 كم2 ويبلغ عدد سكانها 1,285,249 نسمة، كما يبلغ معدل الكثافة السكانية 178 كم2 تقع في جنوب غرب تركيا، ويوجد في غازي عينتاب آثار تعود إلى العصور السحيقة في القدم.
مدينة عينتاب أو غازي عينتاب كما يسميها الأتراك، هي عاصمة محافظة غازي عينتاب يبلغ عدد سكانها 853.513 نسمة، تُعتبر سادس أكبر مدينة في تركيا. كانت المدينة تُعرف لدى العرب والسلاجقة والعثمانيين بِاسم عنتاب، لكن البرلمان التركي أضاف كلمة غازي لاسم المدينة يوم 8 شباط 1921، فأصبحت غازي عينتاب، وتعتبر من المدن الصناعية الهامة في تركيا خاصة، وفي المنطقة عامة. تشتهر بالكباب العنتبلي وبالفستق العنتبلي، كما تشتهر بصناعة حلوى البقلاوة. معظم سكان المدينة من العرب.
محافظة مرسين: هي إحدى محافظات تركيا. عاصمتها مدينة مرسين، تبلغ مساحتها 15,737 كم2 ويبلغ عدد سكانها 1,651,400 نسمة، كما يبلغ معدّل الكثافة السكانية 104 / كم2 تقع في جنوب تركيا.
مدينة مرسين: هي عاصمة محافظة مرسين، تقع في جنوب تركيا ولها ميناء على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ تعداد سكانها حوالى 537,842 نسمة.