استراتيجيّة سياسات جديدة للاحتياطي الأميركيّ ترجّح إبقاء الفائدة منخفضة لسنوات
أعلن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول أول أمس، أن «البنك المركزيّ سيسعى إلى تحقيق تضخم يبلغ متوسطه 2 في المئة مع مرور الوقت»، وهي استراتيجية سياسات جديدة من المرجح أن تبقي أسعار الفائدة قصيرة الأجل قريبة من الصفر لسنوات».
وقال باول في تصريحات أدلى بها أمام مؤتمر «جاكسون هول» السنوي للأبحاث الذي يعقده بنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس، والذي يعقد افتراضياً هذا العام بسبب الوباء، إنه «في أعقاب الفترات التي كان فيها التضخم أقل من 2 بالمئة، من المرجّح أن تهدف السياسة النقدية المناسبة إلى تحقيق تضخم معتدل يتجاوز 2 بالمئة لبعض الوقت».
وأضاف أنه «يمكن اعتبار نهجنا شكلاً مرناً لمتوسط التضخم المستهدف. وستظل قراراتنا بشأن السياسة النقديّة المناسبة تعكس مجموعة واسعة من الاعتبارات ولن تمليها أي صيغة».
وجاء النهج الجديد بعد أن وافقت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وهي لجنة صنع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي، يوم الخميس رسمياً على تجديد بيان البنك المركزي بشأن الأهداف طويلة المدى واستراتيجية السياسة النقدية عقب مراجعة استمرت لمدة عام لإطار سياسته النقدية.
وأشار باول إلى أن «البيان المعدّل يظهر أيضاً أن قرار سياسة المجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتمّ إبلاغه بتقييمات النقص في التوظيف من مستواه الأقصى بدلاً من الانحرافات عن المستوى الأقصى في البيان السابق».
وأفاد «قد يبدو هذا التغيير طفيفاً، لكنه يعكس وجهة نظرنا بأن سوق عمل قوي يمكن أن يستمرّ من دون التسبب في تفشي التضخم».
وكتب سام بولارد ومايكل بوجليس، وهما خبيران اقتصاديان في شركة «ويلز فارغو» للأوراق المالية، أول أمس، في تحليل، إن «متوسط التضخم المستهدف يشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيتسامح مع تضخم معتدل يتجاوز 2 في المئة للتعويض عن تقصيرات سابقة، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الفائدة الحقيقية وسياسة نقدية أكثر تيسيراً، وكل شيء آخر على قدم المساواة».
وكتبا أنه «من الناحية العملية، ومع ذلك، فإن هذه الخطوة أقل ضخامة مما تراه العين: لأكثر من ثلاث سنوات، شددت لجنة السوق المفتوحة على الطبيعة المتناظرة لهدفها المتمثل في 2 بالمئة في بياناتها»، مضيفين أنهما ينظران إلى «تحوّل الاحتياطي الفيدرالي إلى متوسط التضخم المستهدف كتقنين لسياسة كان البنك المركزي قد تبناها بالفعل بحكم الأمر الواقع».
وأشارا إلى أن «هناك أمراً واحداً يبدو مؤكداً إلى حد ما في خضم هذه التغييرات: يبدو من غير المرجّح أن يشدّد الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية لفترة طويلة جداً».
من جهته، ذكر جوزيف بروسولاس، كبير الاقتصاديين في شركة «RSM US LLP» للمحاسبة والاستشارات، أنه في حين أن هذا قد يبدو تعديلاً فنياً صغيراً للسياسة، إلا أنه يحمل عواقب كبيرة طويلة المدى على الاقتصاد الأميركي».
وقال بروسولاس إنه «يمنح البنك المركزي قدراً هائلاً من المرونة للاستجابة للظروف الملحة مثل موجة ثانية هائلة من الوباء في الشتاء المقبل أو لمعالجة فشل سياسة أخرى من قبل السلطة المالية إذا استمرّ الاستقطاب الحالي في السياسة في واشنطن العاصمة».
وفي حين انتهت إعانات البطالة الفيدرالية الإضافية لنحو 30 مليون أميركي في نهاية شهر تموز، لا يزال المشرّعون في الكونغرس وإدارة ترامب في طريق مسدود بشأن حزمة الإغاثة التالية من كوفيد-19.
وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في موديز للتحليلات، «كلما طال الوقت الذي يستغرقه إقناع المشرعين بأن الاقتصاد لا يشهد انتعاشاً على شكل حرف V، وأنه بدون دعمهم من المحتمل أن يكون على شكل W، من المرجح أن يعاني من انتعاش على شكل حرف W»، في إشارة إلى الركود المزدوج.
وذكرت وزارة التجارة الأميركية أول أمس، أن «الاقتصاد الأميركي انكمش بمعدل سنوي قدره 31.7 في المئة في الربع الثاني وسط تصاعد تداعيات كوفيد-19».
وأبقى الاحتياطي الفيدرالي في الشهر الماضي على سعر الفائدة القياسي من دون تغيير عند مستوى قياسي منخفض بالقرب من الصفر بينما حذر من أن «عودة ظهور حالات كوفيد-19 مؤخراً في جميع أنحاء البلاد بدأت تؤثر على الانتعاش الاقتصادي».
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفّض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر في اجتماعين غير مجدولين في آذار وبدأ في شراء كميات هائلة من سندات الخزانة الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من قبل الوكالات لإصلاح الأسواق المالية. كما كشف النقاب عن برامج إقراض جديدة لتوفير ما يصل إلى 2.3 تريليون دولار أميركي لدعم الاقتصاد استجابة لتفشي فيروس كورونا الجديد.