هل في الحب إعاقة…؟!
} د. سلوى شعبان
في عرف المواطنة والانتماء هناك معايير وأحكام تطبّق على الأشخاص في مفهوم تطبيق وتجلي المواطنة فيهم، لطالما كانت عند اليونان والفرنسيين والإنكليز مشتقة من كلمة مدينة، إذاً هي حق مشروع من حقوق المواطن بالسماح له في شؤون بنائها.
وعند العرب اشتقت من كلمة الوطن ذلك المنزل الذي يقيم فيه الفرد… أيّ هي صفة المواطن الذي ينتمي إلى وطن.
فيترتب عليه واجبات كالولاء للوطن والدفاع عنه وأداء العمل بمحبة وإخلاص والانغماس في خدمته وحمايته والتضحية لأجله، وله حقوق كالتعليم والرعاية والصحة والحرية في الاعتقاد الديني وممارسة الشعائر التي تتناسب مع ذلك. كما حرية التنقل والتعبير عن الآراء حول مشاكل الوطن والمشاركة في وضع الحلول الممكنة… كما يشمل حرية المشاركة في المؤتمرات والحوارات وتشكيل الأحزاب لخدمة المجتمع أو شريحة منه وإمكانية الانتخاب والترشح للانتخابات العامة، وفي المظاهرات السلمية المسموح بها دون عنف أو تخريب أو إساءة لأيّ حرمة من حرمات الوطن.
وفي التأييد والمعارضة حتى لو كانت لا تتفق مع الحكومة، وهذا خير مثال حصل لدينا في سورية ولمسناه وعشناه منذ بداية الحرب وحتى الآن… إذ سمحت الدولة واستوعبت كلّ تحرك لأيّ حق بتوفير كافة السبل المعيشية والعمل للتغيير نحو الأفضل.
اذاً هي علاقة وطيدة محدّدة بدستور وقوانين وأحكام…
وكيفية تجسيد هذه القيمة العظمى ضمن أخلاقيات من ينضوي تحت المواطنة بالفعل والقول والمعتقد…
إذاً المواطنة أن أكون حراً في الرأي قوياً في الكلمة…
وكما لنا في الوطن حقوق فعلينا واجبات… وواجبات تكاد تكون مفرزة من ثوابتنا الوطنية وتربيتنا الأساسية بدءاً من رحم أمهاتنا… وترسيخاً لمبادئ القيم والأعراف…
ورأينا الجموع التي جيّشها من أسموا أنفسهم معارضة في مظاهرات واعتراضات مشينة تحوّلت إلى التخريب والدمار والتركيز على البنى التحتية للبلاد، بخطة جهنمية عدوانية تكفيرية للهلاك… فنحن نعرف ما من منطقة موجودة بأقصى سورية إلا وكانت فيها مدرسة للتعليم ومستوصف للطبابة وخدمات الكهرباء والماء وخدمات أخرى متنوّعة… وكانت الحياة تسير وفق منطق المعقول والسلام والأمان الذي كنا نُحسد عليه بين دول المنطقة.
حتى استغلّ أعداؤنا بعض نقاط الضعف والخلل في كينونة الوطن واندسّوا بيننا واستوطنوا في عقول استأجروها في لحظة عصبية وانحدار مقيت… وفعلوا فعلتهم…
ومع ذلك والحكومة بكافة أركانها تسامح وتستوعب وتعطي فرصة للرجوع عن الخطأ لأنّ المخطئ هو ابن من داخل العائلة السورية… كما أنّ باب التسويات مفتوح وتحت مسمّى الحقوق الإنسانية والمسمّيات الدولية والمصالحات الوطنية، وشكلت وزارة لذلك ومن ثم جعلتها هيئة ترعى أمور من جرفهم تيار العقوق بالوطن وعادوا عن عقوقهم. فكم هي الفرص التي أعطيت… وكم هي المساحات التي تركت لهم ليعودوا عن دمار حياتهم وعائلاتهم قبل أوطانهم. هذه الفرص التي ما زالت متاحة حتى الآن، وبرعايات دولية، لكن في المقابل نرى في الواقع العكس تماماً من اختراق للعهود والمواثيق وبالعودة للقتل والتفجير والدم.
فبين الحين والآخر نسمع انّ تلك الخلايا النائمة وخفافيش الظلام تعاود إرهابها وتنصب كمائنها للنيل من جنودنا ومن الآمنين وتعود إلى سراديب كهوف جهلها وتخلفها…
تعب الوطن من ابنه العاق… كما تتعب الأمّ من حملها الذي يسيء لجسدها ويضرّ بها، فما لها إلا أن تتنازل عنه ويلفظه رحمها النقي… أما آن الأوان أن نرتاح؟!
دماء هؤلاء الشباب الشهداء يومياً في مناطق التسويات تنادينا لإبادة الكفر والإرهاب والتخلص من بقايا الدمار.
إلى متى سنبقى ننظر إلى بعضنا ونحن قد فقدنا الثقة بأنفسنا وبمن حولنا…؟ والوطن يئنّ على جراحه وعلى أبنائه وخبراته وعلمائه ورجالاته المميّزين الذين فقدهم… فلتستوعبوا أين أنتم من أماكنكم؟
ماذا فعلتم وتفعلون…؟!
نحن بلد الشمس وغصن الزيتون وحمامة السلام… وللأسف شوّهتم جمال شروق الشمس على أرض سورية وأحرقتم زيتونها وشجرها… وقتلتم حمامات سلامها. كفى… ألم تتعلّموا وتروا بأمّ أعينكم من دروس جهلكم ومن ثمنكم البخس الذي وصفوكم به… فأنتم مجرد أرقام مباعة مأجورة وبطاقات زمنية تنتهي مدة استهلاكها وصلاحيتها ليأتي من بعدها بمهمات أخرى… فلا قيمة لكم سوى في أوطانكم حتى لو جار الزمان عليكم… فالحب والحياة في الوطن وللوطن والعتب على قدر المحبة.