أسئلة برسم اجتماع الإطار القياديّ المؤقت
رامز مصطفى _
رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، وبعد طول انتظار ومطالبات، استجاب أخيراً ودعا إلى اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي سيُعقد (اليوم) الخميس 3 أيلول الحالي في كلّ من بيروت ورام الله. وهو الإطار المُكوّن من الأمناء العامين للفصائل التي وقعت على اتفاق تطوير وتفعيل المنظمة في آذار 2005 في القاهرة، والذي كان قد سبقه اجتماع في القاهرة 2003.
اجتماع بيروت الذي يتطلّع إليه الكثيرون في الفصائل والنخب والمراقبين، وقبلهم أبناء شعبنا في الوطن المحتلّ والشتات، ارتياح مشوب بكثير من الحذر والتوجّس استناداَ إلى التجارب المريرة والعقيمة التي انتهت إليها كافة الاتفاقات السابقة، من خلال تمترس كلّ من حركتي حماس وفتح عند مواقفهما في ترجمة تلك الاتفاقات، وترافق ذلك مع عجز واضح من قبل باقي الفصائل إزاء اتخاذها المواقف الضاغطة على كلا الطرفين لتنفيذ تلك الاتفاقات، مكتفية بتوصيف الحالة، المشفوعة بمزيج من المطالبات والتمنيات عليهما ليس إلا.
وطالما أنّ الدعوة قد تمّت، وسيُعقد الاجتماع، من حق الجميع أن يطرح مجموعة من الأسئلة، ليست من باب التشكيك، بل لأنّ المجتمعين سيقرّرون جملة من المواقف والخطوات التي ستترك أثرها سواء الإيجاب أو السلب على جموع الشعب الفلسطيني، والتي نتمنّى أن تكون في مجموعها إيجابية! الأسئلة المطروحة لا تخصّ طرفاً دون آخر، بل هي موجهة لكافة الأمناء العامين وبما يمثلون، وفي مقدّمتهم رئيس السلطة السيد أبو مازن:
ـ لماذا اليوم أفرج السيد رئيس السلطة عن الاجتماع من دون التوصل إلى إنهاء الانقسام، وعودة قطاع غزة بالكامل إلى حضن السلطة؟
ـ إذا كان الاجتماع منطلقه الردّ على «صفقة القرن» وما تضمّنته، فإنّ الكلّ الفلسطيني الرسمي والشعبي قد أعلن صراحة رفضه لها قبل الإعلان الرسمي عنها من قبل الرئيس الأميركي ترامب في كانون الثاني 2020. وإذا كان المطلوب من المجتمعين في بيروت ورام الله مواقف في مواجهة خطوة الضّم، فإنّ المواقف قد اتخذت ولا داعي للتأكيد عليها، سوى اللهمّ خريطة طريق متفق عليها من أجل مواجهتها وإسقاطها. إذاً ما الذي تغيّر ليوافق أبو مازن على عقد الاجتماع وبهذه السرعة، هل الاتفاق الإماراتي مع كيان الاحتلال الصهيوني؟
ـ هل الاجتماع في أحد أبعاده استقواء بالفصائل للردّ على ما يُسرّب في وسائل الإعلام العبرية وغيرها، أنّ هناك خطة إقصاء ومن الإطاحة بالسيد رئيس السلطة واستبداله بمحمد دحلان؟ وخشية المحيطين برئيس السلطة من تلك الخطوة، التي بتقديري لن تجد طريقاً لها، خصوصاً بعد الاتفاق الإماراتي مع الكيان.
ـ هل عقد الاجتماع ينطلق من خلفية الطرفين العاملين على إنضاج عقد هذا الاجتماع، لحسابات تخصّ كلّ واحد منهما، أم من خلفية ما يتراكم من تحديات متعاظمة في وجه القضية الفلسطينية بعناوينها الوطنية كافة؟
ـ هل سيقود الاجتماع إلى خطوات عملية تنهي الانقسام السياسي والجغرافي؟ وهل بات الطرفان فتح وحماس على قناعة بأهمية التخلص من هذا الانقسام، بعد أن تبيّن للقاصي والداني ما استجلبه من كوارث بالمعنى السياسي والوطني على القضية والشعب الفلسطيني، بسبب توظيف حكومة العدو الصهيوني له على مختلف الصعد والمستويات؟ وعليه، هل حماس ستسلم القطاع وتنهي إدارتها له؟ وهل فتح ومن خلفها السلطة ستقبل بفتح الضفة أمام حرية عمل الآخرين من الفصائل، في إطار شراكة وطنية جامعة، وفق برنامج سياسي قائم على أساس التخلص من اتفاقات «أوسلو» ببعديها الاقتصادي والأمني (بروتوكول باريس والتنسيق الأمني)، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني وخيار شعبنا في المقاومة وبكلّ أشكالها؟
ـ جدول أعمال الاجتماع، هل سيتضمّن مناقشة كافة العناوين، وتحديداً التنظيمية المتعلقة بتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه في آذار 2005، لجهة تطوير وتفعيل منظمة التحرير؟ وما هي آليات التطوير والتفعيل؟ خصوصاً أنّ مجلس رام الله في نيسان 2018، كان قد نقل صلاحياته إلى المجلس المركزي. وعليه الموضوع المُلحّ والمستعجل هو إعادة تشكيل مجلس وطنيّ توحيديّ، بما يضمن مشاركة الكلّ الفلسطيني من دون فرض الفيتو على مشاركة أحد، وفق ما تمّ الاتفاق عليه في اجتماع الفصائل في بيروت برئاسة الأخ سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني في الأول من كانون الثاني 2017.
ـ وهل هناك إرادة لدى بقية الفصائل من خارج حماس وفتح، أن تصيغ رؤية تنظيمية على أساس ائتلافي في ما بينها؟ في حال أنّ الاجتماع لم يقُد إلى المرجو منه، وخصوصاً إنهاء الانقسام، والتحلل من الاحتلال والاتفاقات الموقعة معه؟
حجم المأمول كبير، وحجم التفاؤل ضئيل، استناداً إلى تجارب الماضي الذي راكم كمّاً هائلاً من الإحباط واليأس عند جموع شعبنا، من قدرة المرجعيات الفلسطينية على تجاوز خلافاتها وانقسامها. وهنا لا بدّ من التأكيد على أنّ فشل هذا الاجتماع ستكون له عواقب كارثية على قضيتنا وعناوينها الوطنية، وستدفعون شعبنا إلى مزيدٍ من اليأس والإحباط، وسمته الكفر بسائر مرجعياته…
*كاتب سياسي