سميرة غانم… عالقةٌ بين الشعر المحكيّ ولغة الإحساس الناطقة
بلال أحمد
لم تتعمّد تجاهل الشعر الموزون ولكن البوح العفويّ عند الشاعرة سميرة فاضل غانم جعلها ترتاح لقصيدة النثر التي منحتها مساحة واسعة وتفاعليّة مستمرة مع الحياة للإحساس بالآخر وللبحث عن ذاتها.
الشاعرة غانم أوضحت أنها وجدت نفسها مع قصيدة النثر حرة أكثر وغير مجبرة لتغير بوح روحها العفويّ بأي حرف لتعديل التفعيلة وخاصة أن أجمل ما في الشعر وصول الإحساس الناطق بعفوية مطلقة.
غانم التي تقرّ بأن لكل نوع من أنواع الشعر جماله ومريديه تجد أن قصيدة النثر تتسم بالغموض وكثافة الصور الشعرية العميقة والشفافة ودهشة المجاز والرؤية الجديدة للفكرة وخلوها من القافية فهي غير الخاطرة التي ليس بالضرورة أن تحوي غموض النثر بل ربما مباشرة الإيضاح حول الفكرة كما أن هذه القصيدة تختلف عن اليوميات وما فيها من سرد وتوثيق لحدث أكثر منه شعراً.
وحول دور الموسيقى في الشعر تصفها غانم أنها دغدغة للتفاعل مع الكلمات ما يجذب محبي الموزون والتفعيلة، أما قصيدة النثر فلا تخلو منها لكن بتخفف محبب يغني الكلمات داخلنا وبتناغم مع النبض.
الشاعرة غانم التي تتجه لكتابة المحكي تصفه بأنه النوع الأقرب لنا لأنه يحاكينا بلغة نطقنا الأول ولهجة بيوتنا العفوية والأكثر حرية، معتبرة أنه ليس بوسعي إنكار أن المحكي يوقعنا على حافة الدهشة أمام بعض الصور التي لا يمكن صوغها بكلمات الفصحى رغم أن البعض لم يعطه حقه كأحد أنواع الشعر التي لا تقل فصاحة عن الشعر الفصيح منوّهة بتراث الرحابنة في الشعر المحكي وشعراء القصيدة النبطية الذين أوصلوها لأقصى مدى.
وعن إصدارها الأول ثرثرة شفاه مطبقة أوضحت غانم أنه خواطر قصيرة عما يجول في وجدان فتاة شرقية من احتجاج على المجتمع والغدر والرحيل والعشق خلف شفاه الخوف من البوح، أما الإصدار الثاني فهو ديوان شعر محكي بعنوان عمر هربان وتنوّعت قصائده بين بوح عاشقة وأناشيد الغياب وعتب عشاق التراب على زمن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت مع مواويل العتابا وقصائد مغناة إضافة إلى مجموعتها الأخيرة بعنوان تيه الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب
وهي خواطر شعرية مهداة للأرواح المنذورة للتراب تحاكي معاناة الشعوب من جراح الحرب والأزمات وانكسارات الروح من خيبتها بمستقبل مقلق.
وعن إصدراتها الجديدة بينت غانم أنه لديها خمس مخطوطات من الشعر المحكي والمنثور والأدب الوجداني والخواطر الذاتية وكلها تنتظر الوقت المناسب للطباعة.