لافروف في دمشق… وصواريخ على مطار بغداد العسكريّ… ومطار أبها السعوديّ
رسائل تحت الطاولة توحي بتعقيدات التأليف... وأديب متفائل بتخطّيها / مليار دولار أنفقت على دعم المستوردات الغذائيّة... ووزير الاقتصاد يتنصّل
كتب المحرّر السياسيّ
تبدو المنطقة مشرّعة على رياح تخلط أوراقها في إجازة الشهور الرئاسية الأميركية، فكما يسعى الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون للاستثمار على فرصة حجز مقعد لبلاده على شرق المتوسط خلال هذه الإجازة برضا وتفهّم أميركيين، تبدو كل من سورية والعراق واليمن على موعد مع متغيّرات، فعلى جبهة اليمن تصعيد مثلته غارات الطائرات المسيَّرة التي وصلت إلى مطار أبها، وفي العراق الصواريخ تتساقط على مطار بغداد العسكري الذي تتوسّطه قاعدة أميركية، وفي سورية توقعات لخطوات سياسية أمنية اقتصادية تحملها زيارة الوفد الحكومي الروسي برئاسة نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف وعضوية كل من وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف، حيث تقول مصادر متابعة للزيارة إن تفاهمات اقتصادية نوعية ستوقع خلال الزيارة كترجمة للالتزام الروسي بالوقوف بوجه العقوبات المفروضة على سورية. وتضيف المصادر أن الوضع في إدلب وشرق الفرات سيحتل حيزاً رئيسياً في المباحثات، ومن ضمنه سياق العلاقة بكل من تركيا والجماعات الكردية، ومناقشة مسار عمل اللجنة الدستورية.
على المسار الحكومي لم تشهد العطلة أية نشاطات تشير إلى تحرك عجلة التأليف، فيما تتضارب المعلومات حول سلاسة وتعقيدات تنتظر مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى أديب. فالحوار الذي ضمّه مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل بقي في العموميّات، وإعلان النيات المتبادلة بالتعاون لتسريع ولادة حكومة فاعلة تتولى إنجاز الإصلاحات المتفق عليها ضمن سلة مؤتمر سيدر، وفقاً للتعهدات التي قطعت بحضور الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، والتنسيق بين مكوّنات الغالبية النيابية خصوصاً حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وفقاً للأطراف الثلاثة قائم، والرئيس السابق للحكومة سعد الحريري يواكب مع الرئيس المكلف مسار مهمته وتؤكد أوساطه عدم وجود نية لديه لتسمية وزراء سياسيين، بل تقديم بعض الترشيحات لاختصاصيين مقربين يترك لرئيس الحكومة الاختيار منهم وفقاً لمتطلبات الحكومة وتوازناتها، مع حذر حريري من وجود تطلعات كامنة لدى التيار الوطني الحر يتم تبنيها كتوجهات رئاسية في بعبدا، وفقاً لحصيلة ما أظهرته الجلسة الأولى بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف مصطفى أديب.
من جهتها، أكدت مصادر رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، أنه يملك تصوراً حكومياً أولياً يتناسب مع طبيعة المرحلة يعمل على أساسه مع الأفرقاء الأساسيين، لافتة إلى أن أديب يعمل على تثبيت النقاط المتفق عليها قبل البت بنقاط التفاوض.
وكشفت المصادر أن أديب مرتاح إلى اللقاء الذي عقده مع المعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» حسين الخليل والمستشار السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، لافتة إلى أن مهلة الأسبوعين كافية من أجل تشكيل الحكومة والعملية سالكة. وشددت المصادر على أن أديب هو من يتولى عملية تأليف الحكومة بالتعاون مع القوى السياسية الأساسية ورئيس الجمهورية ميشال عون.
مصادر متابعة للملف الحكومي أبدت خشيتها من تعقيدات تحت الطاولة تنتظر مهمة الرئيس المكلف، وقالت إن المناخ الذي يُوحي بتوتر غير معلن رسمياً بين بعبدا وعين التينة ومحوره وزارة المال، ليس بالأمر الذي يسهل تخطيه إذا دخلت الأمور حيز البحث بالتشكيلة الحكوميّة، فالمداورة في الحقائب لا تطال وزارة المال وفقاً لرؤية عين التينة، لأنها مع رئاسة مجلس النواب وتقع في كفة موازية لكل من رئاستي الجمهورية والحكومة في التوازن الطائفي، والمداورة التي تطال وزارة المال يجب أن تطال الرئاسات، بينما باقي الوزارات قابلة للمداورة ولا مشكلة فيها، بينما تقف مقاربة بعبدا عند السعي للمداورة في وزارة المال بصورة مباشرة قبل سواها، ويخشى أن يكون السعي لتسمية وزير مالية مقرّب من رئيس الجمهورية مدخلاً لتجاذبات تؤخر ولادة الحكومة.
في الشأن الاقتصاديّ تزامنت حملة التمهيد لرفع الدعم عن السلع الأساسية من قبل مصرف لبنان مع فضيحة إنفاق ما يقارب مليار دولار خلال الشهور الماضية على دعم السلع الغذائية المستوردة ليتبين أن الدعم كان عرضة للتلاعب، ومصدراً لأرباح غير مشروعة لشركات مدعومة سياسية حظيت بالدعم المالي لغير أغراض تخفيض الأعباء عن المواطنين، وكان لافتاً كلام وزير الاقتصاد الذي وضع لوائح الشركات المستفيدة من الدعم عن مساوئ وأخطاء وثغرات أفقدت الدعم مبرراته ليستخلص الدعوة لوقفه بدلاً من قيامه يوم كان وزيراً بكامل صلاحياته بمراقبة الأسعار وملاحقة المرتكبين والمخالفين وشطبهم عن لوائح المستفيدين من الدعم.
صيغة حكوميّة الأربعاء
ومع مرور أسبوع على تكليف الرئيس أديب لتأليف الحكومة الجديدة والأسبوع الأول من المهلة الفرنسية الممنوحة للقوى السياسية لتسهيل ولادة حكومة «المهمة»، لم تسجل المفاوضات التي يجريها الرئيس المكلف بعيداً عن الأضواء أي جديد، فالمفاوضات لا زالت تتركز حول حجم الحكومة بين مصغرة من 14 وزيراً من الاختصاصيين كما يصر الرئيس المكلف وبين الحكومة الموسعة من 20 الى 24 وزيراً كما يصرّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أي لكل وزير حقيبة لرفع إنتاجية الحكومة.
إلا أن المعلومات المتوافرة تشير الى أن الرئيس المكلف يستمع الى كل الآراء ويأخذ بعين الاعتبار ملاحظات كافة الأفرقاء لمن يريد حكومة قوية ومنتجة وبعيدة عن الحسابات السياسية والتعطيل، مع معلومات عن أن أديب لوّح بالاستقالة في حال أصرّت الأطراف السياسية على مطالبها. إلا أن مصادر مطلعة على ملف التأليف نفت وجود عراقيل أمام تشكيل الحكومة الجديدة، موضحة لـ«البناء» الى أن الرئيس المكلف يحتاج الى وقت ليضع التصور الأولي للحكومة ومن ثم عرضها مع الكتل النيابية ومناقشتها مع رئيس الجمهورية»، مستغربة الحديث عن شروط أو مطالب تضعها الكتل على الرئيس المكلف. وكشفت المصادر أن «الرئيس المكلف يعمد حالياً الى وضع صيغ لتوزيع الحقائب وإذا تمّت الموافقة على أي صيغة سيتمّ حينها اختيار الأسماء». فيما تساءلت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر: «كيف أنه في بلد فيه رئاسة حكومة و23 وزارة كل واحدة باختصاص معيّن نطالب بحكومة مصغّرة من رئيس و13 وزيراً قبل أن يتم دمج بين الوزارات؟»، مشددة على ضرورة تأليف حكومة منتجة ومنسجمة هدفها اقرار الاصلاحات الضرورية ومعالجة تداعيات تفجير مرفأ بيروت وإعادة الإعمار.
ومن المتوقع أن يزور أديب بعبدا الأربعاء المقبل كما أشارت مصادره حاملاً صيغة أولية للحكومة ليعرضها على الرئيس عون.
«المداورة» و«ميثاقيّة المراسيم»
وفيما لم يعرف موقف الرئيس المكلف من مسألة المداورة في الحقائب التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، أوضحت أوساط نيابية في تكتل التنمية والتحرير لـ«البناء» الى أن الجميع مع مبدأ المداورة في الحقائب، لكن وزارة المالية مستثناة من هذا المبدأ لأنها لا تتعلق بحصة أو مكسب سياسي بل ارتبطت بعد اتفاق الطائف بمبدأ الشراكة في الحكم وميثاقية المراسيم أما باقي الحقائب فليست حكراً على أحد»، مضيفة أن «وزارة المالية هي عُرف كما عُرف توزيع الرئاسات على الطوائف الثلاث لم تكرّس بمادة دستورية».
وتوقعت مصادر مطلعة ولادة الحكومة خلال أسبوعين على أبعد تقدير. وأضافت لـ«البناء» أن القوى السياسية ملزمة بتسهيل ولادة الحكومة في أقرب وقت لأسباب عدة: الأول تردي الاوضاع الاقتصادية والمالية لا سيما بعد تفجير مرفأ بيروت وتداعياته والحديث عن رفع الدعم عن السلع الأساسية، والثاني وجود المبادرة الفرنسية التي لا يستطيع أحد الوقوف في وجهها خشية العقوبات المالية، وثالثاً الدعوة الفرنسية لعقد مؤتمر مالي لدعم لبنان منتصف تشرين المقبل. وهذا يتطلب وجود حكومة لذلك يجب تسريع تشكيلها لتضع البيان الوزاري وتنال الثقة في المجلس النيابي وتعقد أولى جلساتها لتكون مستعدة لهذا المؤتمر».
لودريان
وأشار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان رداً على سؤال حول تدخّل الدولة الفرنسية في الشؤون اللبنانية، خلال مقابلة مع «راديو إنتر» الفرنسي، الى أنه «عندما لا يقوم هذا البلد بإصلاحات في زمن الانهيار، ويطلب في الوقت نفسه المساعدة الدولية، من الطبيعي أنّ تكون فرنسا في طليعة الدول التي ستقوم بمساعدته». ولفت إلى أن «الرئيس إيمانويل ماكرون كان رئيس الدولة الوحيد الذي زار بيروت في اليوم التالي لانفجار مرفأ بيروت»، لافتاً إلى أنه على «كل فريق أن يقوم بدوره، وعلى اللبنانيين تنفيذ الإصلاحات وعلى فرنسا التأكيد عليها»، مؤكداً أنّ «المجتمع الدولي ثمّن جهود الرئيس ماكرون ودعمها، إن كان على مستوى الأمم المتحدة أو حتى الفاتيكان».
هجرة الى قبرص
وقد دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة عدداً من اللبنانيين والسوريين الى الهجرة غير الشرعية الى قبرص اليونانية عبر البحر، إلا أن السلطات اليونانية اعترضتهم وقامت بإرجاعهم الى لبنان على متن قارب يحمل 33 شخصاً (30 لبنانياً وثلاثة سوريين). حدث رأت فيه مصادر نموذجاً مصغّراً عما سيكون عليه الوضع في حال حصل انهيار مالي اقتصادي اجتماعي أمني كبير في لبنان، حيث ستتضاعف حملات الهجرة من اللبنانيين والنازحين السوريين في لبنان الى سواحل أوروبا.
تداعيات رفع الدعم
في غضون ذلك، بدأت مفاعيل التسريبات عن قرار قريب لمصرف لبنان لرفع الدعم عن السلع الأساسية بالظهور في الاسواق، الى جانب اعلان وزير الاقتصاد المستقيل راوول نعمة عن إلغاء قرار دعم المنتجات الحيوانية بسبب عمليات الغش التي يقوم بها التجار، وبحسب معلومات «البناء» فإن بعض موزعي المنتجات الحيوانية على أصحاب المزارع تعمل الى توزيع هذه المنتجات وتفرض على الزبائن التوقيع على استلام 2400 كيلوغرام فيما الوزن الحقيقي لا يتعدّى الـ 900 كيلوغرام تحت طائلة عدم التسليم. ويشير خبراء اقتصاديون لـ«البناء» الى أن «الدعم الذي أقرته حكومة الرئيس حسان دياب للمنتجات الحيوانية والسلة الغذائية من 300 سلعة لم يستفد منه المواطنون بل عاد بأرباح كبيرة لحساب خمس شركات استيراد وتوزيع كبرى محسوبة على سياسيين نافذين في البلد». وعلمت «البناء» أن بعض شركات استيراد المواد الغذائية الكبرى في لبنان ستتوقف عن شحن واستيراد المواد الغذائية من الخارج بسبب عدم فتح الاعتمادات من مصرف لبنان اضافة الى ارتفاع أسعارها، وفي حال تحسن الوضع المالي والاقتصادي بعد تأليف الحكومة الجديدة فإن هذه الشركات تحتاج الى ثلاثة أشهر لتنظيم اعادة الاستيراد».
وحذر الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان من أن رفع الدعم عن السلع الأساسية سيرتفع سعر ربطة الخبز من 2000 ليرة إلى حوالي 10000 ليرة، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية»، وأوضح أبو سليمان لـ«البناء» إلى أن «الاحتياطيّ النقديّ في مصرف لبنان المسموح استخدامه، هو مليارا دولار، تكفي لأقل من 3 أشهر، وإلا سيضطر المركزي لاستعمال الاحتياطي الإلزامي. وهذا ما لن يقوم به الحاكم رياض سلامة كما قال».
سلامة
وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنه طلب من وزارة الطاقة تحديد حاجات البلد من فيول وغيره وعلى أيّ شركات يجب أن توزّع من أجل تلبية حاجات المواطن إلى أن تصبح هناك خطة واضحة. وأكد سلامة في حديثٍ تلفزيوني أن هناك جهداً لترشيد موضوع السلة الغذائية، وقال: «لا يُخفى أنّ استغلالاً وتهريباً يحصلان ونعمل على أن تكون هناك بطاقة لكلّ لبناني للشراء بقيمة 1515 للدولار بهدف دعم المواطن». وشدّد على أنه «لن يفلس أيّ مصرف واتّخذنا قراراً مفاده أنّ المصرف الذي لا يمكنه تأمين المتطلّبات من حيث السيولة أو رأس المال سيقوم مصرف لبنان بتملّكه والحقوق تبقى محفوظة».
تجاذب حول التدقيق الجنائيّ
ودخل ملف التدقيق الجنائي في دائرة التجاذبات السياسية، وسط اتهامات لوزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني بتزوير العقد مع شركة Alvarez.
ونفى مكتب وزني في بيان، التسريبات «التي تولتها جهات رسمية حول قيامه بتعديلات جوهرية وأساسية في عقد التدقيق الجنائي»، وأكد أن «هيئة التشريع والاستشارات هي هيئة تتولى إبداء الرأي في عقود الدولة ورأيها غير ملزم». مضيفاً أن «وزير المالية أخذ بغالبية ملاحظات هيئة التشريع والاستشارات باستثناء الملاحظة المتعلقة بمجموعة إيغمونت لأن الحكومة فوّضت وزير المالية توقيع عقد التدقيق الجنائي مع شركة Alvarez ولم تطلب منه التفاوض مع طرف ثالث اي مجموعة Egmont. ولم يأخذ المطالبون بزج مجموعة إيغمونت في العقد برأيها أو موافقتها اذا ما كانت تود المشاركة في العقد».
وفي هذا السياق أعتبر ابو سليمان أن «عقد التدقيق الجنائي يصطدم بالقوانين اللبنانية كالسرية المصرفية، الى جانب عدم نشر العقد رسمياً، متسائلاً عن عدم تطبيق قانون الوصول الى المعلومة، داعياً الى التمحيص بالعقد وتفاصيله وحدوده القانونية، وتحديد الهدف الأساسي وهو الوصول الى مواقع الهدر في مصرف لبنان، ويجب أن يشمل كافة المؤسسات العامة».
جمعيّات منتحلة الصفة
ودعا السفير المفوض لـ«هيومن رايتس» في لبنان رومانوس رعد في بيان، اللبنانيين جميعاً وأهالي المنطقة المنكوبة من انفجار مرفأ بيروت خصوصاً، الى «التيقظ والتنبّه والتعامل فقط مع الجمعيات الأهلية والمدنية والمؤسسات المرخصة رسمياً من السلطات المختصة أو تلك التي تعمل بإشراف الجيش والإدارات الرسمية». وحذّر من شركات وجمعيات «ينتحلون صفات جمعيات أهلية وأسماء جمعيات مجتمع مدني وغيرها الذين يستغلون وجع وحزن الناس من أجل تنفيذ أهداف خاصة أخرى كالاحتيال والسرقة».
على صعيد التحقيقات في تفجير المرفأ، بلغ عدد الموقوفين بحسب المعلومات 31 موقوفاً من موظفين إداريين وضباطاً أمنيين لهم علاقة بإدارة المرفأ، ومن المتوقع أن يستدعي قاضي التحقيق العدلي فادي صوان وزراء العدل والداخلية والأشغال السابقين وعدداً من الضباط الأمنيين السابقين.
جريمة كفتون
على صعيد آخر، بقيت جريمة كفتون ـ الكورة التي قضى فيها ثلاثة قوميين اجتماعيين هم الشهداء: جورح سركيس وعلاء فارس وفادي سركيس، في واجهة الاهتمام، بعدما تبينت هوية عدد من مرتكبي الجريمة لديهم سوابق إرهابية، ما عزز فرضية العمل الإرهابي عن سابق تخطيط.
وفيما استمرت التحقيقات في الجريمة، أكدت مصادر خاصة ومتابعة للملف لـ«البناء» أنه يتقدّم في أكثر من اتجاه، وسيفضي في نهاية المطاف إلى إماطة اللثام عن مخطط إرهابي كبير، أنيط تنفيذه بخلايا إرهابية تتوزّع المهام في ما بينها، وهي ثلاث: الأولى تنفذ عمليات سطو وسلب وسرقة، ليس بهدف التمويل وحسب، بل لتحديد المناطق الرخوة أمنياً، والثانية تولّت الانغماس في التجمعات والتظاهرات التي تمارس أعمال العنف والتخريب والاعتداء على القوى العسكرية والأمنية، والثالثة مهمتها تنفيذ عمليات إرهابية».
ولفتت المصادر أنّ «جريمة كفتون مكّنت القوى العسكرية والأمنية من الإمساك برأس الخيط الذي أوصل إلى كشف عدد من الخلايا الإرهابية». وكشفت «أنه بعد ساعات قليلة على وقوع جريمة كفتون، تمّ وضع رسم تشبيهي لمسرح الجريمة، كما تمّ وضع أكثر من فرضية، وكان العمل الإرهابي متقدّماً على كلّ الفرضيات الأخرى، لكن ما جرى تعميمه علناً هو فرضية السطو والسرقة، ما ساعد القوى العسكرية والأمنية في تنفيذ سلسلة من الاعتقالات التي طالت عدداً من المتورّطين». وتابعت المصادر: «التحقيق يتمّ بسرية تامة، والحزب السوري القومي الاجتماعي، كجهة متضرّرة، ليس بوارد استباق نتائج التحقيقات، فالملف مفتوح، وهناك متابعة حثيثة، لأنّ القضية توسّعت ولم تعد محصورة في نطاق المجموعة التي نفذت جريمة كفتون».
ولفتت قيادة الجيش في بيان إلى تمكّن مديرية المخابرات في الجيش «من توقيف عناصر خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي كانت في صدد تنفيذ أعمال أمنية في الداخل اللبناني، وأظهرت التحقيقات أنّ أمير تلك الخلية هو الإرهابي المتواري عن الأنظار خالد التلاوي الذي استخدمت سيارته من قبل منفذي جريمة كفتون التي وقعت بتاريخ 21 /8 /2020».
وأكدت المصادر الخاصة أنّ بيان قيادة الجيش، أشار بوضوح إلى أنّ ما حصل في كفتون هو عمل إرهابي، وهذا ما بات مؤكداً، خصوصاً بعد أن اتخذ الحزب القومي صفة الادّعاء في القضية، وطالب بإحالة الجريمة الى المجلس العدلي نظراً لطبيعتها الإرهابية، مع التشديد على الثقة الكاملة بالتحقيق الجاري حالياً والذي بنتيجته تمّ اعتقال خمسة متورّطين، وإصدار مذكرات توقيف بحق ثمانية آخرين.
ولفتت المصادر إلى أنّ عدد الذين تمّ إلقاء القبض عليهم قليل جداً، قياساً إلى عدد المتورّطين، وأنّ عمليات التعقب والتتبّع للعناصر الإرهابية مستمرة، والآتي من الأيام سيشهد وقوع العدد الأكبر من هؤلاء. وأضافت أن ما هو مؤكد أنّ شهداء الحزب القومي جورج وعلاء وفادي قد افتدوا كلّ البلد، لأنّ الخلايا الإرهابية كانت تدبّر عملاً إرهابياً كبيراً، وهذا ما سيتكشف لاحقاً. وختمت المصادر: «لو أنّ جريمة كفتون، حصلت في غير منطقة لبنانية تخضع لنفوذ القوى الطائفية والمذهبية، لكانت استدرجت فتنة كبيرة، وجرت التعمية على المجرمين الإرهابيين، غير أنّ كفتون القومية، دلّت الأجهزة الأمنية والعسكرية على الخلايا الإرهابية المهدّدة لأمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي».
على صعيد أمني آخر، أفادت وسائل اعلام اسرائيلية انّ «مجهولين دخلوا إلى قاعدة كبيرة في الجليل قرب الحدود مع لبنان وسرقوا الكثير من الأسلحة، بعد أن عُثر على ثغرة في جدار مركز اللواء المناطقي 796». ولفتت الى انّ «من بين ما سرق 23 بندقية رمي قنابل و15 بندقية أم – 16 والجيش الإسرائيلي يحقق في الحادثة».
وشهدت بعض مناطق الجنوب أمس تحليقاً مكثفاً للطائرات الحربية الإسرائيلية وعلى علو منخفض.
وأفادت الوكالة الوطنية أن «طائرة «درون» إسرائيلية خرقت مساء أمس، الأجواء اللبنانية لمسافة كيلومتر واحد عند نقطة «البلان» في خراج بلدة ميس الجبل.
لقاء نصرالله – هنيّة
في غضون ذلك، التقى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، إسماعيل هنية.
واستعرض الطرفان تفصيلياً مجمل التطورات السياسية والعسكرية في الأراضي الفلسطينية ولبنان والمنطقة، بما في ذلك صفقة القرن وتطبيع الدول العربية علاقاتها مع «إسرائيل»، وفقاً لقناة المنار. وأكد الجانبان على «ثبات محور المقاومة وصلابته في مواجهة كل الضغوط والتهديدات والآمال الكبيرة المعقودة عليه». وشدد نصرالله وهنية على «متانة العلاقة» بين حزب الله وحركة حماس.
وكان هنية قد التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، في إطار الزيارة التي يجريها إلى لبنان.