معبد بل التدمريّ… تاريخٌ شرقيٌ حضاريٌ يخبئ آلاف الحكايات في العصور
} ميس العاني
تعتبر منحوتة أسطورة الخلق من أهم المنحوتات في معبد بل التدمري مجسّدة الصراع ما بين الخير المتمثل بالإله بل وما بين الشر المتمثل بالربة التيامات.
المنحوتة التي تشكّل أحد العوارض في سقف الرواق المحيط بحرم المعبد تروي كيف وصل الإله بل إلى رئاسة مجمع الآلهة عند التدمريين ويعرض الباحث الآثاري خليل الحريري للحكاية التي ترويها المنحوتة. فالربة الأم التيامات كانت تتحكم بأمور المياه الجوفية والينابيع وتقوم بتعكيرها وكان طريق الخلاص منها أن يقوم الإله بل بقتلها بحضور ستة من آلهة تدمر كشهود على هذه المعركة ليتربع بعدها كرئيس لمجمع الآلهة في تدمر.
وتروي هذه اللوحة حسب الحريري كيف يقذف بل التيامات بسهم في صدرها ومن ثم يقسمها بسيفه لقسمين واحد يخلق منه السماء والآخر الأرض.
وجسّدت التيامات في المنحوتة على شكل أخطبوط محرشف له رؤوس أفاعٍ بجانبها جرة يخرج منها أربعة ثعابين حيث ترمز الجرة إلى نبع أفقا غرب تدمر والثعابين ترمز إلى تعكير وتخريب المياه الجوفية من قبل التيامات.
ويشير الحريري إلى أن المنحوتة مستوحاة من قصيدة الخلق البابليّة المعروفة باسم اينوما ايليش، لكن صانع المنحوتة أضاف إليها بعض المشاهد الدينية ذات الطابع المحلي ما يعكس قوة العلاقة بين تدمر وبابل والتأثير البابلي الواضح على الحياة الدينيّة في تدمر.
يُذكَر أن معبد بل يعتبر من أهم المعابد في الشرق كله لضخامته وكثافة الدلالات التاريخية فيه، حيث قام هذا المعبد على أساسات معابد سابقة الأول يعود للألف الثالث قبل الميلاد والثاني لسنة 400 قبل الميلاد في الفترة الهلنستية أما المعبد الحالي فشيّد فوق تل ركامي ويعود بناؤه للقرن الأول ميلادي وشيّدته مجموعة من الأسر التدمرية وكان مكرّساً بصورة أساسية للإله بل.