37 يوماً على انفجار المرفأ …
بيروت لم تزَل تلملم ركامها ومناطق مغيّبة إعلامياً ورسمياً واستنسابية في التعاطي نهلا رياشي: تداعيات الكارثة كبيرة.. والأثر طال كل لبنان وليس بيروت وحسب ميرا عجمي: الناس حفظوا وجوهنا كوننا كل يوم معهم وبينهم ولو أنهم لم يعرفوا خلفيتنا الحزبية... والعمل الإنساني فوق أي اعتبار
تحقيق ـ عبير حمدان
بعد أكثر من شهر على الانفجار الكارثي، وبيروت لا تزال تلملم ركامها. إنها مدينة مجربة في الصعاب، تنبض حياة، بعد كل ويل. هكذا كانت في مواجهة الاحتلال الصهيوني ودحره، وهذا ما ستكون عليه في مواجهة الانفجار الكارثي.
ولكن، ما يؤلم بيروت جداً، هي تلك الاستنسابية التي اعتمدها بعض الاعلام لجهة التمييز بين مناطق بيروت المتضررة، وهذا أمر غير مبرر على الأقل مهنياً. فهواء القنوات التلفزيونية البارعة في الاستعراض غاب عن الكرنتينا وزقاق البلاط والخندق الغميق وحتى عن برج حمود التي تضررت اسواقها التجارية. وآخر «مآثر» الاعلام الاستنسابي هي اختصار نبض بيروت، بالسير خلف كلب يتبع لفريق البحث التشيلي، دلّ على «نبض» تحت انقاض مبنى منهار، لكن سرعان ما أكدت آلة المسح الفرنسية عدم وجوده على الاطلاق.
منذ الساعات الاولى التي تلت الانفجار وبعيداً عن الحسابات الفئوية والسياسات خرج الناس بعفوية من المناطق كافة لتقديم ما امكنهم من مساعدة لكل المتضررين في محيط مرفأ بيروت، وحضرت الجمعيات بقوة على الأرض، جزء منها استعرض ما اعتبره انجازات حققها، وجزء آخر لم يبحث عن وسائل ترويجية تسّوق له حيث أنه يرى في العمل الانساني رسالة عطاء بنيوية وليس استعراضاً مصوراً.
الحزب السوري القومي الاجتماعي كان حاضراً من خلال مؤسساته والجمعيات الرديفة، وقد شكل لجنة من قيادته لمتابعة عمل الجمعيات والمؤسسات الصحية والاجتماعية والشبابية، مؤسسة الرعاية الصحية الاجتماعية، اتحاد النهضة النسائية، جمعية نور، مؤسسة رعاية اسر الشهداء، اتحاد شباب النهضة، جمعية كشاف النهضة، وهذه المؤسسات والجمعيات أدت دوراً أساسياً، سواء من خلال جولات الفرق الطبية، أم من خلال توزيع المساعدات واعمال ازالة الركام.
«البناء» كانت اضاءت على هذا الدور في تحقيقات سابقة، لكن في زمن الاستنسابية الاعلامية، جرى تسليط الضوء على جمعيات لا تعد ولا تحصى، معظمهما تأسس مع الانفجار، واستطاعت أن تستحوذ على معظم المساعدات التي وصلت إلى لبنان، في ظل ارتفاع الصوت من قبل المتصررين التي تسأل عن مصير المساعدات.
على كل، فإن بعض الاعلام الذي كان يروج لهذه الجمعيات على قاعدة أن لا ثقة بمؤسسات الدولة، بدأ يطرح علامات استفهام كبيرة ويسأل هذه الجمعيات ماذا فعلتم بالمساعدات.
نعود إلى «القومي» والجمعيات الرديفة، فهم نزلوا الى الارض وبين الأهل للمساعدة، وما قدموه من مساعدات وأعمال ترميم، تم بامكانيات ذاتية، وبتبرعات من القوميين أنفسهم وأصدقاءهم.
«البناء» عادت وواكبت المؤسسات والجمعيات الرديفة، وزارت مجموعة من المواطنين الذين تضررت بيوتهم، وتولت الجمعيات الرديفة الاهتمام بهم. واللافت أنّ أحداً من هؤلاء المواطنين لم يعرف اسم الجمعية التي قدمت له كل ما يلزم من مساعدة، لكنه عرف الوجوه ورحب بها.
وخلال جولتنا في الكرنتينا وثقنا توصيف الناس للحدث وتداعياته وكماً هائلاً من الشكر والدعاء لشباب وشابات طرقوا الابواب بما يملكون من عزيمة وعزم وازالوا الركام والزجاج واصلحوا الخراب ضمن امكانياتهم ووفروا مستلزمات طبية ومساعدات غذائية لمن يحتاجها.
الكرنتينا… المغيبة اعلامياً ورسميا
بدت الكرنتينا خارج دائرة الاهتمام الرسمي والاعلامي، لكن ناسها حفظوا وجوه من قدم لهم كل ما يلزم من مساعدة، حيث ظهر جلياً حجم امتنانهم لمرافقتنا في الجولة ميرا عجمي المسؤولة في كشافة النهضة والملفت أنهم لا يعرفون شيئاً عن انتمائها الحزبي وهي التي كانت حاضرة على الارض منذ اللحظات الاولى التي تلت الانفجار وعملت بالتنسيق مع الجمعيات الحزبية الرديفة ضمن مجموعات بإطار منظم بدءً برفع الركام وبناء ما تهدم مروراً بتأمين الادوية والفحوص الطبية وحليب الأطفال وصولاً إلى توفير الملابس والحصص الغذائية، كما ركزت عجمي على حفظ الحق القانون لكل المستأجرين الذين حاول بعض مالكي الابنية استغلال الظرف لاجبارهم على ترك بيوتهم دون أي تسوية منصفة.
منزل العم اميل يشهد ورشة عمل لاعادة ترميم ما تهدم بوتيرة سريعة نسبياً وهو تحدث إلى «البناء» بشكل عفوي عن المبادرات الفردية التي يقوم بها أهل الخير في ظل غياب الجهات الرسمية المعنية، فقال: «ما شهدناه في الرابع من شهر آب لم يحصل في أي مكان من العالم، تلك الدقائق القليلة اختصرت حروباً، للوهلة الاولى اعتقدنا أن بيروت يضربها زلزال قبل أن ندرك ما الذي حصل بالفعل كل شيء حولنا اصبح خراباً، ولم نرَ أي أحد من الجهات الرسمية يطرق بابنا للكشف عن الاضرار وكل ما قاموا به هو تسجيل الاسماء فقط دون أي نية فعلية للتعويض».
وأضاف: «اهل الخير قدموا لنا يد العون كمبادرة فردية حيث قاموا باصلاح الاضرار وترميم الابواب والنوافد وصدقاً لا أعرف من هم وكل ما أعرفه انهم تصرفوا بناء على انسانيتهم قبل اي اعتبار آخر وقد لا تكفي كلمات الامتنان والشكر أمام مبادرتهم الكريمة في ظل الواقع الاقتصادي الذي نعيشه والذي يحول دون تمكننا من إصلاح الخراب الذي اصاب منزلنا».
محاولة لتهجير الناس قسراً..
بدا يحيى غير عابىء بتكرار الكلام وكأنه لا يريد استعادة تلك اللحظات التي دمرت نصف منزله واصابت الشارع كله بنكبة فعلية، وقال: «المنطقة كلها منكوبة ومن الصعب توصيف لحظات الانفجار وما نتج عنه من خراب، امي واختي كانتا في المنزل الذي نال النصيب الأكبر من الدمار كونه في الطبقة العليا من المبنى ومواجه بشكل مباشر للمرفأ ولم اصدق حين رأيتهن بخير لوهلة اعتقدت العكس والمصابون في الشارع جراء تحطم زجاج الابنية، باختصار المشهد لا يوصف المنطقة اصيب بنكبة فعلية».
وأضاف: «انا لا أعرف ما يسمونه الهيئة العليا للاغاثة ولم يأتِ أحد من الجهات الرسمية، حتى البلدية لم ترسل من يسأل الناس عن حاجاتهم، الذين قدموا لنا المساعدة اشخاص خلفيتهم هي الانسانية ولا شيء سواها ولولاهم لم تمكنا من اصلاح ما تهدم».
وأشار يحيى إلى أن مالك المبنى الذي يسكنه مع والدته وشقيقته حاول افتعال مشكلة آملاً أن نترك المنزل، وقال: «حين بدأنا العمل على اصلاح الاضرار التي لحقت بالمنزل اتى صاحب المبنى معترضاً ولكن أهل الخير تدخلوا مثبتين حقنا القانوني في البقاء وترميم المنزل الذي دُمر جزء كبير منه، نحن لا ننتظر من الجهات الرسمية أي شيء ويبقى الامل معقود على اشخاص مثلنا ساهموا في العطاء والمساعدة دون أن يعمدوا إلى تسجيل الاسماء ضمن لوائح وهمية».
تروي أم بلال ما سمعته قبيل الانفجار، فتقول: «كنت مع ابنتي في المنزل وسمعت اصوات تشبه المفرقعات بعده كان الدوي مرعباً ولم استوعب ما حصل فقط كنت اسمع صوت ابنتي تصرخ طالبة المساعدة من الجيران لرفع الخزانة التي وقعت عليّ، الغرفتين في مواجهة المرفأ نالتا النصيب الأكبر من الخراب لكن رغم ذلك لم اترك بيتي فقط نمنا اول يومين في حديقة المبنى وبعدها عدنا لاصلاح البيت».
وأضافت: «حتى هذه اللحظة وبعد مرور أكثر من شهر على الانفجار لم يزل صوت الطنين في أذني ولا استطيع نسيانه، رغم كل ما عشناه من حروب إلا أننا رأينا الموت امام اعيننا في الرابع من آب».
وبعفويتها أكدت أم بلال أنها لا تعرف من قدم لها يد المساعدة وهي لا تملك الا الدعاء لهم بالصحة وطول العمر، فهي لا تملك المقدرة المادية على ترميم المنزل قبل فصل الشتاء.
«بيروت ما بتموت»
في نفس المبنى اطفال تهجروا قسراً من سورية جراء الحرب الكونية التي شُنت عليها، ليشهدوا على نكبة بيروت فكان تعبيرهم الصادق من خلال قلوب صغيرة رسموها على ورقة بيضاء وكتبوا «بيروت ما بتموت» و»بيروت… نحبك» ولعل هذه العبارات تكسر الحدود التي وضعها المستعمر وتمسك بها البعض من الذين يتعاملون بمنطق عنصري مع مواطنين سوريين بلغ عدد شهدائهم 45 جراء انفجار مرفأ بيروت.
لحظة مغادرتنا منطقة الكرنتينا نسمع قصة «معمل الشمع» الذي كان يُشّغل معظم السيدات الكبار في السن والذين ليس لديهم مردود مادي بديل، هذا المعمل نال نصيبه من الدمار وهو تابع للكنيسة الموجودة هناك والتي قررت ازالته وبالتالي يبقى مصير جزء كبير من العاملات فيه معلقاً في مهب العوز…
زقاق البلاط … خارج دائرة الكشف واقتناص مشبوه للفرص من بعض المستثمرين
لم تنل منطقة زقاق البلاط حصتها من الاهتمام الاعلامي وغابت عنها فرق المسح خاصة حين يتعلق الأمر بالمنازل القديمة فيها والمهددة بالسقوط مقابل رفض كامل من قبل مالكيها بالعمل على ترميمها في محاولة لاخراج من يستأجرها منذ عقود، وتكرر مشهد الاحتفاء بميرا عجمي التي اصبحت رفيقة يوميات أهل المنطقة ينتظرون منها وعداً قاطعاً بأن حقهم في التعويض من قبل الجهات المعنية لن يضيع، وهي التي حملت شكواهم إلى المراجع المختصة كي يتم الكشف عن حجم الاضرار وتقييم الخسارة.
احمد الخليل أحد الشبان الذين يعملون في المرفأ ويسكن في زقاق البلاط قال: «دوامي في العمل من الصباح الباكر حتى الساعة السابعة لكني كنت في استراحة الغذاء لحظة وقوع الانفجار الذي ترك آثاره المدمرة على كل لبنان وليس على بيروت وحسب فالشهداء من كافة المناطق، ولكن في ما يتصل بنا لم يشملنا المسح الذي قامت به الجهات الرسمية واليوم وبعد مرور اكثر من شهر على الانفجار يرفض مالك المنزل اصلاح الاضرار بهدف إجبارنا على الاخلاء، مع العلم ان المنزل مهدد بالانهيار كونه بناء قديم وترددات الانفجار زعزعت اساساته بالاضافة إلى اننا اصبحنا نرى السماء من خلال تشققات السقف الذي كان يدلف طوال الشتاء في جزء منه، ناهيك عن زجاج النوافذ الذي استبدلناه بالنايلون»
وأضاف: «نشأت في هذا المنزل واهلي مستأجرين قدامى ولو كان لدينا امكانية على الانتقال الى مسكن آخر لفعلنا ولكن من المستحيل إيجاد بديل في ظل الواقع الاقتصادي الحالي، كل ما نريده أن يتم مسح الاضرار التي اصابت منزلنا من قِبل الجهات المعنية رغم ادراكنا ان الدولة لن تقدم لنا شيئاً».
آل الخليل يقيمون في المنزل منذ العام 1968 وهم يدفعون إيجاره بريدياً لورثة المالك الاصلي الذين يسعون مع معظم الملاكين في المنطقة إلى اخلاء كل المنازل القديمة معتبرين أن هذه الكارثة هي فرصتهم الوحيدة لتحرير عقود الايجار القديمة.
لا يختلف المشهد في منزل ناهد السيوفي التي اعتقدت لوهلة ان الرابع من آب هو نهاية الكون، وقالت: «جميع مقتنيات المنزل تضررت كل ما بقي هو هذه الحيطان المتشققة التي ترينها، حتى ادوات المطبخ تلفت بالكامل، ورغم حجم الخسارة احمد الله أن اولادي بخير حيث أن الاشياء المادية يمكن تعويضها والأهم ان تسلم الارواح، وكل الشكر لمن قدم لنا المساعدة بعيداً عن أي تمييز واستنسابية في التعاطي».
يتعلق سكان الحي المهددة ابنيتة القديمة بالانهيار بأي عابر سبيل وكأنهم ينتظرون املاً معلقاً على سؤال، حيث استقوفنا جيران آل الخليل كي نوثق بالصورة ما اصاب منزلهم الصغير ذو السقف المتهالك وهو عبارة عن لوح من «التوتيا» وقد نال نصيبه من التشققات ليصبح شبح فصل الشتاء مسيطرا بشكل سلبي على قاطنيه.
المصري: الجهات الرسمية لم تقدم شيئاً للناس
مدير مديرية زقاق البلاط في الحزب السوري القومي الاجتماعي بسام المصري قال: «الانفجار الذي حدث لا يشبه أي انفجار، ما شهدته بيروت في الرابع من آب لا يُقارن بأي حدث أمني أو حرب. إصابتي اقعدتني في المنزل على مدى ثلاثة اسابيع تقريباً، ومن الصعب توصيف الحالة بكلمات عابرة.»
وأضاف: «تركيبة لبنان قائمة على الاستنسابية بالتعاطي وفعلياً غابت الجهات الرسمية عن منطقة زقاق البلاط، والهيئة العليا للاغاثة لم تكشف على الاضرار التي اصابت المنطقة، نحن كمديرية قدمنا كل ما هو ممكن من مساعدة للناس».
وتابع: «الأثر الذي تركه الحدث المدمر في نفوس المواطنين كبير وباعتقادي سيمر وقت طويل قبل ان يتم استيعابه، خاصة أن الدولة غائبة ولم تجهد تجاه مواطنيها حتى بالسؤال او التعويض، المطلوب ان يكون حضور فعلي للجهات المعنية كيف لا نكرر السؤال المعتاد حول فعالية الدولة ودورها في معالجة الأزمات».
ويروي المصري ما حصل معه لحظة الانفجار، قائلا: «بعد الصوت الاول اقتربت لافتح الباب الزجاجي وللوهلة الاولى لم الحظ انه تحطم وتطايرت شظاياه لتصيبني في يدي وقدمي وتصيب زوجتي وكما ترين آثار الدماء لم تزول كلياً عن حائط الغرفة، قصدت مشفى الجامعة الاميركية وكان مًحالاً الوصول الى الطوارىء جراء العدد الهائل للمصابين، فتابعت السير الى مستشفى نجار التي نالت نصيبها من عصف الانفجار، وهناك تم معالجة اصابتنا وزوجتي وبعدها عدنا الى المنزل ومن البديهي أن القوميين بالدرجة الاولى هم من سألوا عنا مقابل غياب تام للجهات الرسمية المعنية بشكل مباشر بأحوال المواطنين».
عجمي: العمل الانساني فوق أي اعتبار
المسؤولة في كشافة النهضة ميرا عجمي قالت: «نزلنا الى الشارع منذ اللحظة الاولى لتقديم كل ما يلزم من مساعدة وتم ذلك برعاية مركزية وبتنسيق بين المؤسسات الحزبية والجمعيات الرديفة. شكلنا مجموعات بإطار منظم لتحقيق الفارق المطلوب في مواجهة تداعيات الكارثة والتنسيق قائم بين المديريات في الحزب للاحاطة بكل التفاصيل، الناس حفظوا وجوهنا كوننا كل يوم معهم وبينهم ولو أنهم لم يعرفوا خلفيتنا الحزبية لكننا حضرنا بزي كشافة النهضة وطبعا مؤسسة الرعاية الصحية الاجتماعية، اتحاد النهضة النسائية، جمعية نور، مؤسسة رعاية اسر الشهداء، اتحاد شباب النهضة كانت حاضرة لتؤمن كل ما احتاجه الناس من اساسيات»
وأضافت: «ركزنا بالدرجة الاولى على توزيع الادوية في منطقة الكرنتينا حيث علمنا أن هناك حاجة ملحة للعديد من الادوية التي فُقِدت لذلك عمدنا الى تأمينها لكل من يحتاجها، وكان هناك مجموعة كشفت عن حجم الاضرار وضمت نجارين وحدادين عملوا بوتيرة سريعة وبشكل تطوعي، والملفت في الأمر أن المسؤول عن المجموعة التي تؤمن حاجيات الناس مصاب بالسرطان وبعد كل جلسة علاج له كان يأتي ليشرف على توزيع الاغراض للناس، كما أن النجار ضمن هذه المجموعة وولديه لديهم حالة مرضية».
وتابعت: «حاولنا تأمين كل ما هو اساسي للناس مثل حليب الاطفال والحفاضات، كما شاركنا في تنظيف الكثير من البيوت في منطقة الاشرفية، ونظفنا مستشفى الكرنتينا والوردية ومررنا ايضاً على مستشفى الروم، واحضرنا فرق طبية الى البيوت لمزيد من الاطمئنان على صحة الناس سواء كبار السن او الاطفال».
وأشارت عجمي إلى نقطة اساسية متصلة بموضوع مالكي البيوت والمستأجرين، فقالت: «هناك مشكلة فعلية لم يتم الاضاءة عليها حتى الآن من قبل وسائل الاعلام كما يجب، وهي محاولة بعض الجهات الاستثمار الرخيص واستغلال الفرص لتهجير الكثيرين من الابنية المتضررة، حيث علمنا أن معظم مالكي المباني القديمة في منطقتي زقاق البلاط والكرنتينا اعلنوا انهم لا يريدون اصلاح ما تهدم وحاولوا إجبار المستأجرين على ترك منازلهم في ظل غياب أي تسوية قانونية».
ولفتت الى غياب الاهتمام الاعلامي والرسمي عن منطقتي الكرنتينا وزقاق البلاط، وقالت: «في ظل الغياب الرسمي التام عن الكرنتينا وزقاق البلاط والخندق الغميق حاولنا ان نغطي هذا التقصير ضمن امكانياتنا، ولا أخفيك حين أؤكد أن التضارب واقع بين الجمعيات التي يبرع معظمها بالاستعراض الاعلامي ونحن نعرف الخلفية السياسية لها، وكما لاحظتِ الناس لا تعرف ما هي خلفيتنا الحزبية لأننا منذ البداية اخترنا ان نكون بينهم بعيداً عن أي تسميات لقناعتنا أن العمل الانساني فوق أي اعتبار آخر».
نهلا رياشي: واجبنا القومي أن نكون بين الناس
أكدت نهلا رياشي رئيسة مؤسسة رعاية أشر الشهداء في الحزب السوري القومي الاجتماعي أن تداعيات الكارثة التي حلت في بيروت نفسية ومعنوية وليست مادية وحسب، وفي اتصال مع «البناء» لفتت إلى أن المؤسسة كانت حاضرة منذ اليوم الأول لتقديم كل ما يلزم للمتضررين، وقالت: نحن في مؤسسة رعاية أسر الشهداء في الحزب السوري القومي الاجتماعي كنا بين الناس منذ اللحظات الاولى التي تلت الانفجار الكارثي، وقمنا بتأمين المواد الغذائية والطبابة لمن يحتاجها والادوية والملابس والالعاب للاطفال، بالاضافة إلى المفروشات في الاشرفية والكرنتينا، وعملنا على تقديم الزجاج للنوافذ في الخندق الغميق والبسطة الفوقا والاشرفية أيضاً وقدمنا مساعدات مالية متواضعة لاصحاب البيوت التي لا نملك المقدرة على ترميمها بالكامل».
وأضافت: «الهدايا وزعناها في الكرنتينا والخندق الغميق وبرج حمود وكذلك الحصص الغذائية، وحتى الآن قمنا بترميم ما يقارب العشرين منزلاً ومستمرون ضمن امكانياتنا انطلاقا من واجبنا الوطني والقومي الذي يحتم علينا ان نكون مع الناس خاصة أن تداعيات الكارثة لن تزول بسهولة وليس فقط على مستوى الخسائر المادية انما هناك الأثر النفسي والمعنوي الذي أرخى بثقله على كل لبنان وليس فقط على بيروت والمناطق المتضررة.»