فلسطين ويوحنا المعمدان!
} نصار إبراهيم
يُوحَنَّا الْمَعْمَدَان أو يحيى المعمداني، هو مُهيّئ طريق المسيح، وابن زكريا الشيخ وزوجته أليصابات (لو 1: 5 – 25 و57 – 85). ويستدلّ من (لوقا 1: 26) أنّ ولادته كانت قبل ولادة المسيح بستة أشهر. وقد عيّنت الكنيسة يوم ميلاده في 24 حزيران (يونيو)، وكان أبواه يسكنان يوطة، «يطا» الحاضرة اليوم بقرب الخليل. والمعمودية التي كان يوحنا يقوم بها هي رمز للاغتسال من الخطايا، وبالتالي شكلت طقساً عملياً لرسالته القائمة على التوبة والإصلاح، كما نادى بقوله الحق في وجه الفريسيين والكهنة، وهو أيضاً من عمّد يسوع المسيح في نهر الأردن.
وحينما كان الجميع يسائلون أنفسهم عن يوحنا: «هل هو المسيح؟» كان جوابه واضحاً: بأنه ليس هو «المسيح»، وأنه «صوت صارخ في البرية» وأنّ المسيح حينما يأتي من بعده، لا يستحق «أن يحلّ رباط حذائه».
تزوج الملك هيرودس من هيروديا زوجة أخيه. وكان هيرودس يخاف يوحنا إذ قال له «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأَةُ أَخِيكَ! فَحَنِقَتْ هِيرُودِيَّا عَلَيْهِ، وفي عيد ميلاد هيردوس أرسلت هيروديا ابنتها الجميلة سالومي لتؤانس ضيوف الملك. فسرّ هيرودس الملك والمتكئين معه برقصها وقال لها أطلبي ما تشائين وسوف يتحقق حتى ولو نصف مملكتي، وأقسم على هذا أمام الجمع فخرجت الصبية لعند أمها وتشاورت معها، فطلبت رأس يوحنا المعمدان على طبق. فأرسل الملك سيافاً وأمره أن يأتي برأس يوحنا، فأتى برأس يوحنا لسالومي التي أعطته لأمها. ودفن الرأس في دمشق.
قبل أيام تابعنا ذات المشهد المؤلم والحزين، حين تمّ تقديم رأس فلسطين في ما يسمّى «جامعة الدول العربية» مقابل ابتسامة وهزة خصر من «سالومي».
يبدو أنّ هذه هي أقدار فلسطين أن يدفع أبناؤها رؤوسهم وهم يلازمون خط الحق والواجب والكلمة الحرة في مواجهة الظلم والقهر والدفاع عن الحق. على هذا الطريق مضى يوحنا المعمدان، وعلى ذات درب الآلام في القدس مضى السيد المسيح حاملاً صليبه إلى أن توّج على خشبة في الجلجثة.
ومع ذلك ستبقى فلسطين كما بقي صوت يوحنا صارخاً في البرية، وكما بقيت كلمة ابنها المسيح ذروة الحق والإشراق.