مقالات وآراء

المسرح الهوليودي العربي…

} سايد النكت

عندما سأل ترامب ابنته، إيفانكا، زوجة اليهودي جاريد كوشنر، الفاتنة الجذابة، أثناء عودتهم من زيارتهم إلى المملكة العربية السعودية، كأول زيارة خارجية له ، بعيْد انتخابه سنة 2017، وأتت خارج المألوف، وامتشاقه السيف العربي المذهّب الذي أهداه إليه ملكها «المبّجل» إيذاناً منه لمبايعته الخلافة مقابل ان يحتفظ بالكرسي الملكي، مع قدر كاف من خزانة المملكة والتي كانت كافية للشروع بتمويل حملة لتحرير فلسطينسألها هل من أحد يا بُنيّتي من أمراء العرب وقادتهم قد لمسَك؟ فأجابته ضاحكة والطائرة سابحة في الفضاء العربي الهادئ، كطبيعة الشعوب العربية الساكنة، بنظراتي ومفاتني يا والدي حصلت على ما أنت عليه ولو لمسني أحدهم لكانت بوارجك تأتي لتقطر كلّ ما يملكون من خزانات نفط تحت أرضهم وما يملكون من خزائن وثروات فوق الأرض.

فاطمأنّ الوالد، صاحب الوجه الهوليودي، الغيور على ابنته، بأنّ خطوة إخراجه لـ «صفقة القرن»، المبطّنة يومها، تحت مظلة صفقات 460 مليار دولار والتي عقدت مع أولياء العهد وشركاتهم، إضافة لما غنم من هدايا لا تقدّر بثمن، وما غنمت ابنته من 200 مليون دولار لمؤسستها الإنسانية لأعمال السيدات، قد بدأ.

فمع هبوط طائرته على أرض مطار بلاده مضى إلى خطواته المتتالية، نحو تطبيق صفقة أرض الميعاد، بتسليم اليهود «ميثاق ملكية» الأرض ما بين الفرات والنيل، بدءاً من فلسطين، مقابل كرسي الرئاسة لولاية ثانية، متماهياً شخصية الله الواعد في مسرحيته الهوليودية، فكيف سار مشهدية الدور الهوليودي للرئيس الأميركي بخطواته، المتسارع لإنجازها ما قبل الاستحقاق الرئاسي المقبل، التي استسهلها للغاية:

بشحطة قلم، شطب القدس كعاصمة لفلسطين ورسّمها عاصمة لـ «إسرائيل» معتدياً على الحقوق الفلسطينية والقومية والمشاعر الإنسانية والدينية وشرعة الأمم وتشريعاتها وبالقلم عينه وقّع على مرسوم نقل سفارة بلاده الى القدس متحدياً بذلك الأعراف والمعاهدات والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والاتفاقات وقرارات الشرعية الدولية وبأخرى وبالقلم عينه وهب الجولان للكيان الموعود كمستعمر متحدياً الإرادة السورية وبالبصمة ذاتها وقّع صفقة القرن بينه (وهو الذي لا يملك) وبين (من يدّعي الحق بالملكية ولا حق له) لكن هذا ما ورد في رواية التوراة التي يخرجونها متحدياً إرادة الحياة لفسلطين ولأمتنا في الوجود على خشبة مسرح ترامب الهوليودي وجوه عربية، تخرّجت من الكونسرفتوار الصهيوني، اعتلت المنصة لتؤدي دورها في العزف بإتقان على معزوفة التطبيع، إمارات عربية وبحرانية وخليجية وقبلها مصرية ومن زال يلبس القناع جاء له الدور لينزعه ليبان الوجه السعودي الصحراوي، تهلل جميعها للبطل الهوليدي الأميركي وتفتح الأبواب للصقر الصهيوني والجمهور مئات الملايين من المتفرّجين ما بين المحيط الى الخليج مصفقين ومذهولين لـ «لروعة» الرواية و«بداعة» الإخراج و«دقة» الأدوار متغافلين عن مشهد الفاتنة القاطرة لمرتدي العباءات الملكية وهي تتكئ باكية عند حائط المبكى ترتدي قلوسة معتقدها الجدبد واعدة يهوه بتحقيق مشيئته، وسوْقهم وشعوبهم الى العبودية، ودموع الفتى محمد الدرة لحظة استشهاده ووالده يصدع بحنجرة التاريخ ونهر الدماء الفلسطينية التي غطت وجه الأرض وجوفها.

الامراء والحكام العرب مصفقين للقدّ الفاتن وللفستان المزركش والشعر الذهبي الهادل والعيون البراقة الباهرة والشعب يستمع بإعجاب إلى آخر «مؤذن» للعرب في تل أبيب

السلام مقابل السلام

والاقتصاد مقابل الاقتصاد

حذفت الأرض «فطارت» فلسطين

لكن على الأرض من هم شلوشهم أعرق من التاريخ، وقبضاتهم أصلب من الجبال وأيقونتهم فلسطين لا تُزال إلا إذا أزيلت الأرض والسماء

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى