اتفاق قادة الصين وألمانيا والاتحاد الأوروبيّ على تعزيز التواصل والارتقاء بالعلاقات إلى مستوى أعلى
اتفق قادة الصين وألمانيا والاتحاد الأوروبي، على تعزيز التواصل والتعاون لضمان نجاح السلسلة المقبلة من الأجندة السياسية الرئيسية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وتعزيز الثقة المتبادلة، والسعي لتحقيق فوائد مشتركة على أساس المنفعة المتبادلة ودعم التعدّدية، وتعهّدوا بالارتقاء بالعلاقات إلى مستوى أعلى.
جاء ذلك خلال مشاركة الرئيس الصيني شي جين بينغ في استضافة اجتماع قادة الصين وألمانيا والاتحاد الأوروبي مساء الاثنين، في بكين عبر رابط فيديو، مع كل من: المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تتولى بلادها حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وأعلن القادة عن التوقيع الرسميّ على اتفاقية المؤشرات الجغرافية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وأكدوا التزامهم بتسريع مفاوضات معاهدة الاستثمار الثنائية بين الصين والاتحاد الأوروبي لتحقيق هدف اختتام المفاوضات خلال هذا العام، وقرروا إقامة حوار بيئي ومناخي رفيع المستوى بين الصين والاتحاد الأوروبي، وحوار رفيع المستوى بشأن التعاون الرقمي بين الصين والاتحاد الأوروبي، وإقامة شراكات خضراء ورقمية بين الجانبين.
وأشار بينغ إلى أن «أزمة تفشي مرض فيروس (كوفيد-19)، تسرّع حالياً من وتيرة تغييرات لم يشهدها العالم منذ قرن، وأن البشرية تقف عند مفترق طرق جديد في مواجهة تحديات مشتركة متعددة». وأضاف أنه «من المهم للغاية بالنسبة للصين والاتحاد الأوروبي، كقوتين وسوقين وحضارتين رئيسيتين، أن يدركا بشدة الاتجاه العام المتمثل في الدعم المتبادل والتعاون الموحّد في مواجهة مثل هذه الأوضاع، ويعززا بثبات التنمية السليمة والمستقرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والاتحاد الأوروبي، من أجل ضخ المزيد من الطاقة الإيجابية في جهود الاستجابة لمرض (كوفيد-19) وتحقيق التعافي الاقتصادي ودعم العدالة».
واقترح بينغ أربعة مبادئ يجب على الجانبين الالتزام بها لتنمية العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي.
أولاً «التمسّك بالتعايش السلمي ونظراً لعدم وجود أنظمة سياسية متطابقة في العالم، فإن التعايش بين الحضارات المتعددة يمثل الوضع الطبيعي». وقال بينغ إنه «كلما زادت القوة التي يقوم عليها التعايش السلمي بين الصين والاتحاد الأوروبي، زاد ضمان تحقيق السلام والازدهار في العالم».
ثانياً، «التمسك بالانفتاح والتعاون. حيث تعمل الصين في الوقت الراهن على تحقيق هدف إنشاء هيكل تنموي جديد مزدوج الدورة، تكون الدورة المحلية فيه الدعامة الأساسية، مع تعزيز التنمية المحلية والدولية بعضها البعض». وأكد بينغ على أنّ «الصين ستسعى إلى تعزيز الارتباطية والفعالية بين السوقين والموارد في الجانبين، لتعزيز التنمية المشتركة بطريقة أكثر قوة واستدامة».
ثالثاً، «التمسك بالتعددية». وشدد بينغ على أن «الصين مستعدة للعمل مع الاتحاد الأوروبي لتكثيف الحوار والتنسيق على المستويات الثنائية والإقليمية والعالمية، والبقاء على الالتزام برؤية حوكمة عالمية تتسم بالتشاور والمساهمة والمنفعة المشتركة والدفاع عن النظام الدولي وفي القلب منه الأمم المتحدة، وتعزيز التسويات السياسية للقضايا الساخنة الدولية والإقليمية».
رابعاً، «الالتزام بالحوار والتشاور». وقال بينغ إنه «يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي أن يبقيا ملتزمين بالتوجه العام القائم على التعاون، وحل سوء التفاهم من خلال الحوار، والتغلب على الصعوبات من خلال التنمية وإدارة الخلافات بشكل صحيح «.
وفي إشارة إلى أن الصين وأوروبا شريكان تجاريان واستثماريان مهمان لبعضهما البعض، قال بينغ إنه «يتعين على الجانبين تعزيز التنسيق بين سياسات الاقتصاد الكلي، واتخاذ المزيد من الإجراءات وإطلاق المزيد من فرص التعاون»، ومشيراً إلى توقيع اتفاقية المؤشرات الجغرافية بين الصين والاتحاد الأوروبي، رسمياً يوم الإثنين، أكد بينغ بأنه «يتعين على الجانبين تبني موقف إيجابي وعملي، وتسريع المفاوضات بشأن اتفاقية الاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي، لتحقيق هدف استكمال المفاوضات بحلول نهاية هذا العام، والعمل لرفع مستوى التعاون، وتسهيل التعافي الاقتصادي العالمي بعد تفشي مرض فيروس كورونا (كوفيد-19)، وحماية بيئة تجارية واستثمارية مفتوحة بشكل مشترك».
وتابع بينغ «السوق الصينية لا تزال مفتوحة أمام الاتحاد الأوروبي ونحن نرحّب بقدوم المزيد من المنتجات الزراعية عالية الجودة والآمنة من الاتحاد الأوروبي إلى الصين».
وأكد بينغ أنه «يتعين على الجانبين تدشين شراكات خضراء بين الصين والاتحاد الأوروبي»، مضيفاً أن «الجانبين بحاجة إلى المشاركة البناءة في العملية العالمية متعددة الأطراف لمواجهة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي العالمي، ودعم بعضهما البعض في إدارة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في جلاسكو العام المقبل، وتشجيع المؤتمر الخامس عشر لأطراف اتفاقية التنوع البيولوجي في كونمينغ لتحقيق نتائج إيجابية، والمساهمة في التنمية المستدامة العالمية».
كما لفت بينغ إلى أن «الجانبين بحاجة إلى إقامة شراكات رقمية بين الصين والاتحاد الأوروبي»، مضيفاً أن «الصين طرحت مبادرتها العالمية بشأن أمن البيانات»، معبراً عن أمله في أن «يعمل الاتحاد الأوروبي مع الصين لصياغة معايير وقواعد المجال الرقمي العالمي وتعزيز التطوير السليم للحوكمة العالمية في الاقتصاد الرقمي».
وأوضح بينغ أنه «يتعيّن على الجانبين معالجة الشواغل المشروعة لدى كل منهما بشكل صحيح»، مضيفاً أن «الصين تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في الاتحاد الأوروبي في مجال شبكات الجيل الخامس ومراجعة الاستثمار الأجنبي والمشتريات الحكومية وسياسة المنافسة».
وأعرب بينغ عن أمله في أن «يُبقي الاتحاد الأوروبي سوقه التجارية والاستثمارية مفتوحة، ويعزّز بيئة أعمال مفتوحة وعادلة ونزيهة وغير تمييزية، ويحمي الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية».
وأشار بينغ إلى أنه «منذ تفشي مرض (كوفيد-19)، حافظت الصين والاتحاد الأوروبي على اتصالات وثيقة في مجال مكافحة المرض والتعاون الصحي العالمي، مما يدل على أهمية العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي وتأثيرها العالمي».
وإذ قال بينغ إنه «بالنسبة للخطوة التالية، يتعين على الجانبين تعزيز تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي والتعاون، والحفاظ على استقرار السلسلة الصناعية وسلسلة التوريد العالمية، والتعزيز المشترك لتعافي الاقتصاد العالمي»، دعا إلى «تعزيز التعاون في مجال البحث والتطوير الخاص باللقاحات، والسعي لجعل اللقاحات منافع عامة عالمية، والاستيعاب الكامل لتوافر اللقاحات والقدرة على تحمل تكاليفها في البلدان النامية».
وحيث شدد الرئيس الصيني على «ضرورة استئناف تبادل الأفراد بطريقة دورية، وتيسير حركة البضائع عبر الحدود»، حثّ على «النشاط في إقامة تعاون ثلاثي مع إفريقيا على أساس الاحترام الكامل لإرادة الدول الأفريقية»، ودعا المجتمع الدولي، ولا سيما المؤسسات المالية متعددة الأطراف والدائنين التجاريين، إلى «اتخاذ إجراءات أقوى بشأن تخفيف الديون في إفريقيا».
كما أوضح رئيس الصين موقف بلاده القائم على المبادئ بشأن القضايا المتعلقة بهونغ كونغ وشينجيانغ، قائلاً إن «جوهر هذه القضايا هو حماية سيادة الصين الوطنية وأمنها ووحدتها، وحماية حقوق المواطنين من جميع المجموعات القومية في العيش والعمل بسلام»، مشدداً على أن «الصين تعارض بشدة أي شخص أو قوة تسبب عدم الاستقرار والانقسام والفوضى في الصين، وتدخل أي دولة في الشؤون الداخلية للصين»، ومنوّهاً إلى أنه «لا يوجد مسار واحد يناسب الجميع بالنسبة لـتطوير وتعزيز حقوق الإنسان في العالم، كما لا توجد طريقة مُثلى، هناك فقط الطريقة الأفضل»، مضيفاً أن «الدول يجب أن تُمنح الأولوية لمعالجة شؤونها الخاصة».
وأكد بينغ أن «الشعب الصيني لن يقبل مُعلِّما لحقوق الإنسان ويعارض المعايير المزدوجة»، موضحاً أن «الصين مستعدة لتعزيز التبادلات مع الجانب الأوروبي على أساس مبدأ الاحترام المتبادل حتى يتمكن الجانبان من إحراز تقدم».
من جانبهم، قالت ميركل وميشيل وفون دير لاين، إن «الصين شريك استراتيجي مهم يحترمه الاتحاد الأوروبي، ومن الضروري لأوروبا والصين تعزيز التعاون، والعمل بشكل مشترك لحماية التعددية، ومقاومة الأحادية والحمائية، والاستجابة بشكل أكثر فعالية للتحديات العالمية المختلفة، وهو ما يتفق مع المصالح المشتركة لأوروبا والصين والمجتمع الدولي».
كما أكدوا على أن «الاتحاد الأوروبي على استعداد للعمل مع الصين لتعزيز الحوار وتوطيد الثقة المتبادلة ودفع التعاون في مجالات تشمل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والاقتصاد الأخضر وتغير المناخ والتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة، لتحقيق المزيد من الإنجازات».
وأوضحوا أن «الجانب الأوروبي يشيد بالتوقيع على اتفاقية المؤشرات الجغرافية بين الصين والاتحاد الأوروبي، ويرحّب بتخفيف الصين القيود المفروضة على الوصول إلى الأسواق، وتوسيعها الانفتاح، وتعهدها بإتمام مفاوضات اتفاقية الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين خلال هذا العام، لضخ زخم جديد في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين».
كما أكدوا «استعداد الجانب الأوروبي لتعزيز التعاون مع الصين في المنظمات الدولية، ودعم التعاون الدولي لمكافحة (كوفيد-19)، والحفاظ على التجارة الحرة، وتعزيز الانتعاش الاقتصادي في أوروبا والصين والعالم في أسرع وقت».
وفي ما يتعلق بقضية حقوق الإنسان، أقرّ الجانب الأوروبي بمشكلاته، وأعرب عن أمله في «إجراء حوار مع الصين على أساس مبادئ التكافؤ والاحترام المتبادل، لتعزيز التفاهم المتبادل ومعالجة الخلافات بشكل صحيح».
كما تبادل القادة وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية، بما في ذلك قضية أفغانستان والملف النووي الإيراني، حيث اتفقوا على تعزيز التواصل والتنسيق وبذل جهود مشتركة في الحفاظ على الأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي.