وداعاً مالك شلهوب: حارس الجامعة وكتابها الأبيض
أحمد ناصر*
خبرٌ مؤلم أن يغادرنا مالك شلهوب وهو من المغتربين الأوائل الذين شاركوا في صناعة التاريخ الاغترابي، وكان له دور هامّ في نشأة الجامعة ومن ثم في حفظ تاريخها وصناعة سياساتها الوطنية.
نعم، انه كتابنا الأبيض.
وسيبقى الراحل صاحب السجل الأبيض الذي خطه بنبل منذ العام 1960 حيث أنشئت الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم خلال مؤتمر صيف المغتربين الذي عُقد في بيروت في ١٥ أيلول من ذلك العام.
واكب شلهوب تأسيس الجامعة ورافق مسيرتها المضيئة وكان صوتها الهادئ وعاصر مراحلها المختلفة، وكان دائماً إلى جانب المؤسسة والقانون والنظام، لم تثنه المصاعب عن القيام بمهامه.
أحزنُ لخسارته وستبقى ذكراه محفورة في الوجدان.
وتحضرني الآن ذكرى جميلة حيث حضر الراحل إلى سيراليون في منتصف السبعينات من القرن الماضي، مرْسلاً من قيادة الجامعة حاملاً لي وسامها حيث سلّمني إياه في قاعة المدرسة اللبنانية في “كنما” سيراليون التي كان لي شرف تأسيسها ورئاستها، أمام أبناء الجالية والأصدقاء يتقدّمهم السفير العزيز الراحل لطيف أبو الحسن. وكان ضيفاً عزيزاً عندي لمدة أسبوع، كانت مناسبة لنشوء علاقة صداقة ظلت قائمة حتى رحيله.
علاقتي بالراحل امتدّت منذ اليوم الأول لتعارفنا واستمرّت طوال مدة تحمّلي للمسؤوليات المختلفة في الجامعة، حيث حرصت على بقائه ناشطاً وفاعلاً، كأمين عام مساعد، رغم تجاوزه السنّ القانونية، لما يمثله من قيم اغترابية وأخلاقية.
كان يحزن لمحاولات التطاول على المؤسّسة ووحدتها.
يحزن لمحاولات النيل من هويتها الاغترابية الوطنية واستبدالها بهوية طائفية بغيضة.
للراحل الرحمة وعزاؤنا في سيرته الطيبة وإرثه الغني وعائلة مكافحة واكبت بعطاء إيمانه برسالة الاغتراب.
ولزوجته الصديقة الطيبة أم شربل ولأولاده وأحفاده ومحبّيه أقول إنّ من كان بعطاء وأخلاق أبو شربل يترك أثراً يُبنى عليه من جيل الى جيل، طالما بقي لبنان وطالما بقي اغتراب.
*الرئيس العالمي الفخري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم