لبنان لوحة سوريالية وقرصنة أميركية للمبادرة الفرنسية
} عمر عبد القادر غندور*
لا شك أنّ القلق يراود اللبنانيين في ضوء التعثر الذي يلاقي المساعي لتشكيل الحكومة الجديدة، ويرى فيه تعطيلاً للآمال المعقودة على المبادرة الفرنسية التي حملها الرئيس إيمانويل ماكرون وناقشها مع جميع الأفرقاء اللبنانيين دون استثناء فيما الساحة اللبنانية لم ترتب أولوياتها حتى الآن رغم ما تمرّ فيها من أزمات تطاول الأمن والاقتصاد والكورونا، ما يقسم الظهر ويقطع الأنفاس، كالقطوع الخطير المتمثل باعتداء القوات اللبنانية على مقرّ للتيار الوطني الحر في سنتر ميرنا الشالوحي، ونأمل ان يُصار الى معالجة هذا القطوع الخطير بالسرعة القصوى، والجريمة الإرهابية التي أودت بحياة أربعة من جنود الجيش اللبناني في البداوي، والحملة الإعلامية الرخيصة على المؤسسات الدستورية بالتنسيق مع وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد تبيّن من خلال المباحثات بين رئيس الجمهورية والكتل النيابية، انّ هذه الكتل تريد ان تتشكل الحكومة بالتشاور بينها وبين الرئيس المكلف، وهو ما سينصح به رئيس الجمهورية الرئيس مصطفى أديب. ونتمنّى على الرئيس المكلف ان يواصل جهوده لتذليل العقبات وفق العناوين التي جرى التوافق عليها وخاصة في الحوارات بين الرئيس الفرنسي وكافة الأفرقاء اللبنانيين.
ونعتقد انّ وضع الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس على لائحة العقوبات الأميركية في خلال فترة المساعي لتشكيل الحكومة ليس بريئاً، لا بل هو يستهدف المبادرة الفرنسية بالشكل والمضمون، بدليل انّ وزير خارجية الولايات المتحدة بومبيو هاجم الرئيس الفرنسي لأنه اجتمع بمسؤول كبير في حزب الله، وكان من الطبيعي ان تتراجع حرارة المبادرة الفرنسية بفعل التوازنات اللبنانية، وليس غريباً على الأميركيين الهزء بالمبادرة الفرنسية والتصويب عليها وهذا ما تلقّاه بعض الساسة اللبنانيين وعبّروا عنه بمقاطعتهم لمشاورات رئيس الجمهورية مع الكتل النيابية.
الموقف الأميركي من مبادرة الرئيس ماكرون والانقلاب عليها بذريعة نفاذ الوقت المتاح له، هو من التباين الأوروبي الأميركي في الكثير من الملفات الساخنة، ولا يعني ذلك مشروعية جماعة «أحلام اليقظة» ومنها من طالب بعودة الانتداب الفرنسي، والدعوة الى لبنان جديد متحرّر من جلده وبيئته ومحيطه، الى المناداة بإطاحة العهد والبرلمان، قبل الحديث عن حكومة جديدة.
ولا نعتقد انّ مبادرة رئيس دولة كبرى كفرنسا وزيارة رئيسها الى لبنان المنكوب مرتين في خلال شهر واحد والحديث عن زيارة ثالثة في كانون الأأول المقبل، ليست بهذه الهشاشة واللا أفق، ولا بدّ من تحرك فرنسي يعيد للمبادرة حيويتها وزخمها، ولا يجوز إضاعة الفرصة المتاحة من خلال المبادرة الفرنسية كي لا نتوغل في خلافاتنا ونذهب بملء إرادتنا الى المجهول.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي