عندما تقيّد سيادة وطن بفترة زمنية إلزامية!
د. عدنان منصور*
حينما يحدّد رئيس دولة أجنبية فترة زمنية إلزامية للطبقة السياسية الفاشلة، لتشكيل حكومة، لكم يشعر المواطن اللبناني الشريف، الحريص على كرامته وكرامة بلده، بمرارة داخلية في نفسه، وهو يتساءل عما إذا كان بلده ذا سيادة ومستقلاً فعلاً، أم انّ زعماءه ما زالوا قصراً، ويحنون الى الانتداب، ولا يريدون ان ترفع اليد عنه. زعماء في بلدهم، وتلاميذ يمثلون أمام العراب القادم من الخارج، وبعد ذلك يريدون ان يحكموا البلاد بتوجيهاته، وأوامره، وإرشاداته، وتوصياته، وكأنّ عقارب ساعة الوطن عادت الى الوراء مائة عام.
أيّ حكومة خلاص يريدها اللبناني؟! أهي الحكومة المعلبة، المغلفة، المجهّزة مسبقاً من الذين يعتبرون أنفسهم أنهم يمونون على لبنان، ويمسكون ويفركون بأذن البعض من الطاقم السياسي، الذين تعوّدوا على الإذعان للأمر والطاعة، دون ان يعرفوا انّ البعض الآخر ليس على استعداد للتفريط بالحقوق الوطنية ولو بحدّه الأدنى.
إذا كان العراب الوصي، يلوّح بالتهويل والتهديد، والعقوبات، لتركيع كلّ من يرفض الإملاءات والأوامر، لجهة تأليف حكومة بأسماء تفرض فرضاً، فإنّ دروس الماضي كفيلة للإجابة على هذا النوع من الممارسات، والتهديدات، والعقوبات. زمن لوي الزراع ولّى، وعصر فرض القرارات فرضاً على حساب السيادة ووحدة الأرض، وأمن البلاد وشعبها انتهى.
اللبنانيون، كلّ اللبنانيين أمام مسؤولية تاريخية، إما ان يقفوا وقفتهم، ويتحرّرون من وساطات الغير، وإملاءاته، وأوامره، والاعتماد على أنفسهم، وترتيب البيت اللبناني، وإما ترك بلدهم في الفراغ، مشرعاً على فوهة بركان داخلي، فإنْ لم يتداركوه الآن، ستلتهم حممه في طريقها كلّ شيء، وستحرق الأخضر واليابس.
حذار حذار من الاستقواء بالخارج، والمغامرة بلعبة الموت، حيث سيدفع الجميع الثمن الباهظ، ولن توفر أحداً. كفى الزمرة السياسية العبث بالوطن، فيكفيه ما حلّ به على مدار ثلاثين عاماً، وما اقترفته أيديها بحق شعبه من سياسات فاسدة مدمّرة، أفقرته، ونهبته، وسرقته، وجعلته في الحضيض.
الوقت يضيق، ولا مجال للنكايات، والمناكفات، والرهان على الخارج وعقوباته، وتهديداته، فالوطن فوق الجميع، ومصالح الشعب فوق كلّ اعتبار.
آن الأوان للمقامرين بالوطن والشعب، ان يتوقفوا عن اللعب بالنار، وأخذ البلاد الى الموت البطيء والتحلل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*وزير الخارجية والمغتربين الأسبق