لا ضمان لاتفاق تجاريّ أميركيّ بريطانيّ بعد بريكست
أدّى التحذير الأخير الذي وجّهه المرشح الرئاسي الأميركي جو بايدن إلى أن «على بريطانيا احترام اتفاق السلام في أيرلندا الشمالية لعام 1998 لتأمين صفقة تجارية أميركية»، إلى إضافة تعقيد جديد للمحادثات التجارية الصعبة بالفعل بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وكتب بايدن على «تويتر» يوم الأربعاء ، مشيراً إلى الصفقة التي أنهت ثلاثة عقود من العنف الطائفي في أيرلندا الشمالية وأوجدت منطقة مشتركة حكومة. وكان بايدن يردد صدى تحذير رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي الأسبوع الماضي من أن «أيّ تحرك من جانب بريطانيا لإقامة حدود جمركية مادية بين أيرلندا الشمالية الخاضعة للحكم البريطاني وأيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي يعني عدم وجود فرصة لإبرام صفقة تجارية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة».
ويأتي تحذيره في الوقت الذي يختتم فيه المفاوضون الأميركيون في إدارة ترامب جولة رابعة من المحادثات التجارية مع نظرائهم البريطانيين في واشنطن هذا الأسبوع. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يوم الأربعاء إن «المحادثات يمكن أن تصل إلى نتيجة ناجحة في وقت قريب جداً».
بغض النظر عن كيفية انتهائها، يمنح القانون الأميركي الكونغرس سلطة على السياسة التجارية. في بعض الأحيان، تجنب الرئيس دونالد ترامب هذه السلطة في قضايا التجارة، لكن المسؤولين الأميركيين والبريطانيين قالوا إنهم يهدفون إلى «اتفاق شامل يحتاج إلى موافقة الكونغرس».
ومن المتوقع أن تترك الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني مجلس النواب في أيدي الديمقراطيين، مما يعطي وزناً إضافياً لكلمات بيلوسي.
فيما يقول الخبراء التجاريون إن «لدى كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقبات أخرى تجب إزالتها أيضاً».
من جهته، قال هاري برودمان، العضو المنتدب في مجموعة بيركلي للأبحاث ومسؤول سابق في الولايات المتحدة: «إن إزالة اتفاقية الجمعة العظيمة ليست بداية، ولكن هناك خمس أو ست قضايا أخرى يحتمل أن تكون صعبة حقاً ولا يزال البلدان متباعدان عن بعضهما البعض»، بما في ذلك الزراعة والنظام الصحي البريطاني وضريبة الخدمات الرقمية البريطانية المقترحة.
ورداً على سؤال حول وجهة نظر إدارة ترامب أول أمس، أشار مكتب الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتيزر إلى شهادته في حزيران أمام الكونغرس، حيث قال إنه «لا توجد فرصة للكونغرس لتمرير صفقة تجارية إذا وضعت بريطانيا حدوداً في أيرلندا»، منتهكة اتفاقية الجمعة العظيمة.» وأضاف: «لقد أوضحت ذلك تماماً. لقد أوضح لي رئيس (اللجنة) الأمر تماماً. ويوافق الرئيس على أن هذا ليس شيئاً سنجري مفاوضات بشأنه».
فيما يقول بعض الدبلوماسيين إن «اتفاق الجمعة العظيمة في خطر بسبب التشريع الجديد الذي اقترحه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون».
وقال مسؤولون تجاريون بريطانيون مراراً إنهم «يسعون إلى اتفاق تجاري شامل ولا يسعون إلى التسرع في التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأميركية، ولا ينتظرون لمعرفة من سيفوز في انتخابات تشرين الثاني».
وكان من المتوقع أن يناقش المفاوضون التجاريون الأميركيون والبريطانيون واحدة من أكثر القضايا الشائكة بين البلدين في الجولة الحالية من المحادثات التجارية – زيادة وصول المنتجات الزراعية.
في حين تعهدت وزيرة التجارة البريطانية ليز تروس بـ»إجراء صفقة صعبة مع الولايات المتحدة»، وتعهدت بأن «بريطانيا لن تقلل من معايير سلامة الغذاء الخاصة بها لاستيراد المنتجات الأميركية مثل الدواجن المعالجة بالكلور والمحاصيل المعدلة وراثياً».
وتريد بريطانيا دخول صادرات لحم الضأن ولحم البقر إلى الولايات المتحدة. أما السيارات فهي أكبر مصدّر للتجارة بين الاقتصادين، ونقطة احتكاك أخرى. تفرض بريطانيا رسوماً جمركية بنسبة 10 % على أي واردات أميركية، أي أربعة أضعاف التعريفة الأميركية على السيارات البريطانية.
في هذا الصدد، يقول خبراء التجارة إن «التهديد البارز من قبل ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 % على السيارات المستوردة يجعل التفاوض بشأن خفض سعر المملكة المتحدة أمراً مستبعداً».
وقال بومبيو، خلال حديثه الأربعاء في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، إنه «يثق في بريطانيا لإيجاد حل».
وأضاف بومبيو: «نحن نعلم مدى تعقيد الوضع. في النهاية، ستكون هذه مجموعة من القرارات التي تتخذها المملكة المتحدة فيما يتعلق بهذا الأمر ولديّ ثقة كبيرة في أنها ستحصل على هذا الحق بطريقة تعامل الجميع بإنصاف وتحقق نتيجة جيدة.»
وقال راب لشبكة «سي أن أن» أول أمس، إن «اتفاقية 1998 ليست في خطر».
وقال راب «لن تكون هناك حدود صلبة، وبالتأكيد لن تطبقها المملكة المتحدة»، مضيفاً أنه «إذا تعهد الاتحاد الأوروبي بالتزام مماثل ، فسيساعد ذلك أيضًا المفاوضات».
بدوره، قال جاكوب فانك كيركيغارد، زميل كبير غير مقيم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن «تحذير بايدن يشير إلى أنه ربما لا يكون مهتماً بهذه الصفقة».
وأضاف كيركيغارد، «الصياغة التي تقول بعدم الرغبة في أنّ يكون السلام الأيرلندي الشمالي ضحية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هذا تدخل قوي حقاً من قبل رئيس أميركي مستقبلي محتمل – وهو في الأساس تنصل من مشروع التوقيع الذي يحدد الحكومة البريطانية الحالية. من الصعب تخيل أن الصياغة لا تعكس اهتمام بايدن العام بمتابعة هذه الصفقة».
وقال إن «ترامب طوّر علاقات وثيقة بجونسون»، لكن تحذير بايدن يشير إلى أنه «قد لا يفعل الشيء نفسه».
وهذا يشير إلى أن «العلاقة الخاصة بين إدارة بايدن وحكومة بوريس جونسون، خاصة في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون صفقة، لن تكون خاصة للغاية».