البطريرك المعوشي زار أميون في 22 تشرين الثاني 1961 ولقاء مع رئيس الحزب الأمين د. عبدالله سعادة
أذكر أنّ الرفيقة نازك صوايا(1) حدثتني عن الاستقبال الذي أُقيم للبطريرك المعوشي في بلدة أميون، وكانت حاضرة في تلك المناسبة منضمّة إلى حشد من القوميين الاجتماعيين الذين لبّوا دعوة رئيس الحزب في حينه الأمين د. عبدلله سعادة.
من محفوظاتي ما كانت نشرته «البناء» في صفحتها الأولى من عددها تاريخ 22 تشرين الثاني 1961، قالت:
« شهدت الكورة أمس مهرجاناً شعبياً ضخماً، فقد وصل غبطة البطريرك بولس المعوشي إلى أميون في الساعة التاسعة من صباح الأحد في 20 تشرين الثاني، وهو في طريقه من الديمان إلى بكركي. وما أن وصل غبطته إلى أميون حتى كانت الكورة كلّها محتشدة في العرين وملتفين حول رئيس الحزب القومي الاجتماعي الأمين الدكتور عبدالله سعادة. وقد ترجّل غبطة البطريرك الماروني، فرحّب به الرئيس الدكتور عبدالله سعادة بخطبة جاء فيها:
« يا صاحب الغبطة،
يسرّني أن أرحّب بغبطتكم في أميون بِاسم المواطنين الكورانيين وبِاسم القوميين الاجتماعيين. فنحن في هذه الكورة المنيعة يد واحدة وإرادة واحدة للخير والكرامة.
إنّ لبنان كان ويجب أن يستمر نطاق ضمان للحرية والقيم. لم تقم قيمة لبنان على قوّته المادية ولا على أساطيله، بل على أنه واحة الفكر الحرّ وقيم الخير والحق والجمال في بيئة هي أحوج ما تكون إلى هذه الواحة. وهذه القيم لا يمكن أن تقوم إلا على الشجاعة والكرامة والمحبة الواثقة المجابهة.
إنّنا نرى في مركزكم الروحي ضماناً للأخلاق والمناقب والإيمان والقيم الروحية والمناقبية، وفيكم شخصياً يا صاحب الغبطة سنداً للحرية والكرامة والمحبة الواثقة المترفعة عن التجزئة. حفظكم الله وأبقاكم قوة للبنان وقدوة للمخلصين «.
وقد أجاب غبطة البطريرك بكلمة قال فيها:
« إنّا عملنا وسنبقى نعمل بهداية أسلافنا الصالحين لمصلحة هذا البلد، وتدعيم قيم الخير والمحبة فيه.
إننا نحترم رجال العقيدة وأصحاب العقائد، وسنبذل جهدنا لكي يبقى لبنان دائماً موطناً للحريات وملجأً رحباً لكلّ مضطهد مظلوم، واثقين بأنفسنا حريصين على قيمنا التي لا نتنازل عنها.
إنّ الله محبة، والدين أساسه المحبة، محبة الجميع دون تفرقة أو تجزئة، فالدين يبرأ من التفرقة والتجزئة، وعلى كل الفئات المؤمنة أن تتعاون لخدمة هذا البلد والحفاظ على كرامته ومناخ الحرية التي بها نفخر.
أشكركم جميعاً على هذا الاستقبال العظيم الذي تقيمونه لي، وإنّني أعتبره موجّهاً إلى المقام الذي أمثّل وليس لي شخصياً. بارككم الله وحفظكم جميعاً ولكم مني شكري «.
وقد قبّل غبطته حضرة رئيس الحزب شاكراً، ثم تابع سيره إلى بكركي. وقد واكبت الكورة غبطته برتل من السيارات يزيد على المئة إلى بكركي، تتقدمهم سيارة رئيس الحزب القومي الاجتماعي.
وكانت السيارات تحمل صورة الرئيس وتهتف له ولغبطة البطريرك. ودخل حضرة الرئيس يرافقه قسم من الوفد إلى صالة الاستقبال، حيث هنّأ غبطته بالسلامة فوقف صاحب الغبطة وشكره على بادرته، وبعد أن سلّم حضرة الرئيس على أصحاب السيادة المطارين وفخامة الرئيس السابق شمعون والنواب الموجودين، ودّع غبطته، وما أن وصل الرئيس إلى باب الصالة حتى حملته الوفود المنتظرة على الأكتاف بالرغم من إصراره على عدم القبول، تهتف بحياة غبطة البطريرك وحياة حضرة الرئيس. وقد انضمّ إلى وفد الكورة الذي كان يواكب الرئيس عدد كبير من المواطنين الذين قدموا إلى الصرح البطريركي لتهنئة غبطته بسلامة العودة. وكان الجميع يهتفون بحياة الحزب القومي الاجتماعي وحضرة الرئيس في موجة من العاطفة النبيلة والتأييد المخلص.
هوامش:
الرفيقة نازك بربر: من بلدة «بتعبورة» . عقيلة الأمين شوقي صوايا. رفيقة عرفت الحزب التزاماً وتفانياً ونضالاً.