اجتماع حاسم في بعبدا اليوم: الحكومة بين بدء المشاورات الجديّة للتأليف أو الفشل
الرئيس المكلّف لم يقدّم صيغة أو اسماً مع عون... ولم يفتح الباب للحلحلة مع «الخليلَيْن» / الحريريّ أمام مفترق في ظل التصعيد السعوديّ... وأديب عالق في منتصف الطريق
كتب المحرّر السياسيّ
أقفلت بورصة ليلة أمس الحكومية على هبوط حاد في المؤشرات، حتى ساد التشاؤم بإمكانية إحداث اختراق يحول دون اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب، خلال لقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا قبل ظهر اليوم، حيث كان الاجتماع المؤجل من صباح أمس إلى بعد الظهر الذي شهده قصر بعبدا بين عون وأديب، بلا تحقيق أي تقدم، بل بلا ما يبرر عقد هذا الاجتماع، كما قالت مصادر متابعة، بحيث لم يشهد الوقت الفاصل بين موعد الصباح المؤجل وموعد الخامسة بعد الظهر خالياً من أي خطوة من جانب الرئيس المكلف، كما جاء الاجتماع مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسيّ للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل تكراراً لاجتماع أول أمس. وقالت المصادر المتابعة إنه من حيث المضمون والنتيجة يمكن القول إن الرئيس المكلف عقد لقاء واحداً مع الخليلين كرّره ثلاث مرات، وعقد اجتماعاً واحداً مع رئيس الجمهورية كرّره خمس مرات.
الحديث عن الصيغة الحكومية، من حيث توزيع الحقائب على الطوائف، لا زالت سراً من أسرار مصطفى أديب، واللوائح الاسميّة الموجودة في ملفه الأسود الذي اصطحبه إلى بعبدا وعاد من دون أن يفتحه أمام رئيس الجمهورية، يتضمّن كتاب الاعتذار الذي لم يقدّمه أيضاً، والوقت الذي ينفقه الرئيس المكلف في الاجتماعات لا زال من دون تفسير طالما أنه لا يطرح خلاله أي أفكار ولا يناقش أية مقترحات، ولا يتقدم بأية مبادرات، كأن المطلوب هو تسجيل رقم جديد لاجتماع جديد، يمكن ذكرهما مع نهاية المهمة وإعلان الاعتذار.
حقيبة المالية كما الحكومة عالقتان في منتصف الطريق، كما رئيس الحكومة، ومنتصف الطريق واقع بين باريس والرياض، ومن خلفها واشنطن المهتمة فقط برفع منسوب الحصار والضغط على المقاومة لتسهيل انتزاع التنازلات في ملف ترسيم الحدود من جهة، وتغطية وحماية خطوات التطبيع المتلاحقة والمتسارعة التي ترعاها واشنطن بين الدول العربية وكيان الاحتلال، والتي ستُضاف إليها وفقاً لوسائل الإعلام العبرية، السودان وسلطنة عمان بعد الإمارات والبحرين.
الموقف السعوديّ الذي عبّر عنه الملك سلمان بن عبد العزيز بلغة شديدة التصعيد ضد حزب الله بالتزامن مع خطوة الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري نحو ثنائي حركة أمل وحزب الله بنصف حلحلة لأزمة حقيبة المال، شكّل بنظر مصادر تتابع الملف الحكوميّ إطلاق نار مباشراً على الحريري، ورفع غطاء عن خطوته، وإعلان تأييد لموقف رؤساء الحكومات السابقين، وما تبع الكلام الملكي من حملة على الحريري عبر وسائل إعلام سعودية جعل الحريري على مفترق طرق، في مستقبل علاقته بالسعوديّة.
الرئيس المكلف الذي يتلقى تشجيعاً فرنسياً لمواصلة مساعي التوصل لتفاهمات مع الثنائي تتيح ولادة سريعة للحكومة، لم يعد يجد في دعم الحريري المشروط بما لا يقبله الثنائي، ما يكفي أمام الضغط السعودي وضغوط رؤساء الحكومة السابقين.
اليوم يوم حاسم في رسم المشهد الحكومي، فإما بدء فعلي متأخّر لأكثر من ثلاثة أسابيع، للمشاورات الجدية مع الكتل لتسريع تأليف حكومة يرضى بها الجميع، وفقاً لمضمون المبادرة الفرنسية، وإما اعتذار الرئيس المكلف، بعدما صار تكرار المواعيد المعادة بلا مضمون جديد إخراجاً سيئاً ومملاً لتبديد الوقت الثمين الذي يخسره لبنان واللبنانيون، في مرحلة يقول الرئيس المكلف إن لبنان لا يملك فيها ترف الوقت.
يوماً بعد يوم تتكثف الاتصالات بين بيروت وباريس، من أجل خلخلة العقد التي تعتري التأليف الحكومي لا سيما في ما يتصل بلوائح الأسماء، وبحسب المعلومات تدخّل الفرنسيّون للمؤازرة وإنقاذ مبادرتهم بتقريب المسافات بين أديب والقوى السياسيّة من أجل ولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن.
وفي اللقاء الخامس بين الرئيسين ميشال عون والرئيس المكلّف مصطفى أديب، تم تقييم نتائج الاتصالات الجارية. وفي المعلومات ان الرئيس المكلف لم يقدّم للرئيس عون أي صيغة للحكومة التي يقترحها، كما لم يقدّم أي تصوّر لتركيبتها.
وتقرّر استكمال البحث في الموضوع الحكومي خلال لقاء يُعقَد بين الرئيس عون وأديب قبل ظهر اليوم السبت ليُبنى على الشيء مقتضاه حيال التشكيلة الحكومية التي ترجّح مصادر مقرّبة من عين التينة أن تبصر النور في مطلع الأسبوع المقبل.
وأعلن الرئيس المكلف للصحافيين أن «وضعت الرئيس عون في أجواء المشاورات التي أجريتها من أجل تشكيل الحكومة واتفقنا على موعد للقاء آخر عند الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم».
وطالما أن الرئيس العماد عون حدّد موقفه من عملية التأليف ودعا الرئيس المكلف لإشراك الكتل النيابية بتسمية ممثليهم في الحكومة، فإنه يتلاقى بحسب مصادر مطلعة لـ»البناء» هنا مع موقف الثنائي الشيعي، وطالما أن الرئيس سعد الحريري وافق على أن تمنح المالية للطائفة الشيعية فبات منطقياً أن يسمّي الثنائي وزير المالية طالماً الرئيس عون يؤيد تسمية الكتل لممثليها بالاتفاق مع الرئيس المكلف.
تحدثت معلومات عن توجّه لدى بعبدا للتمسك باختيار الوزراء المسيحيين، فرئيس الجمهورية لا يمكن أن يوافق على وزراء لا يعرفهم سيسمّيهم رئيسُ الحكومة.
من جهتها، تلفت أوساط التيار الوطني الحر لـ»البناء» إلى أنّ التيار مازال على موقفه الذي أبلغه لرئيس الحكومة المكلّف بأنّه سيسهّل عملية التأليف ولا يريد أي شيء، مذكرة بكلام رئيس التيار النائب جبران باسيل الأخير بأنّ التيار ضد تخصيص حقيبة معينة لطائفة، لكن في حال حظي هذا الأمر بتفاهم واتفاق المعنيّين بالخلاف، فلن نقف حجر ثغرة. أما على خط الثنائيّ الشيعيّ فإن اجتماع الرئيس المكلّف و»الخليلين»، أمس، انتهى الى محاولة إيجاد حلّ لعقدة مَن يُسمّي وزير المال والوزراء الشيعة. ورجّحت المعلومات أن يكون التفاهم حصل عبر دمج لائحة «الخليلين» للأسماء مع لائحة أديب وغربلة أسمائهما لاختيار الأسماء المشتركة بينهما.
وغرّد رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان عبر حسابه على «تويتر» أمس، «أكثر من مشكلة ستواجه الحكومة ورئيسها اذا لم يتم احترام الكتل النيابية بالمواصفات المطلوبة». وأبدت اوساط الطاشناق تشدداً حيال اختيار الوزراء الارمن في الحكومة العتيدة.
وفي ما يُحكى عن دخول مصري على خط التشكيل، لتسهيل ولادة الحكومة، بحث رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، مع سفير مصر لدى لبنان ياسر علوي، في الأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وغادر السفير علوي من دون الإدلاء بأي تصريح.
وفي موقف لافت حذّر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، بشدة من تكرار حكومة 5 أيار، رافضاً أي «محاولة اختراق سياسي من شأنها أخذ البلد من جديد إلى سواتر داخلية وحروب أهلية لا سمح الله». واعتبر المفتي قبلان أن «البلد مأزوم، والخارج ليس بجمعية خيرية، والمطلوب من رئيس الحكومة المكلف التواصل مع الجميع، والانفتاح على سائر القوى الوطنية لتثبيت الاستقرار وإنعاش الاقتصاد ومنع الانهيار، وليس لرفع المتاريس وتدويل الأزمة الداخلية. وننصح الجميع ليس بالنزول عن الشجرة فحسب، بل الإصغاء جيداً لصوت العقل الذي يقول: بوحدتنا وتعاوننا وتنازلنا ننقذ بلدنا، لأن تجربتنا التاريخية مع الخارج مخزية».
في مجال آخر، وعشيّة الجلسة التشريعية الأسبوع المقبل المدرج فيها قانون العفو العام، واصل أهالي الموقوفين تصعيدهم للضغط في الاتجاه نفسه، فعمدوا الى قطع طرقات عدة أمام سراي طرابلس، ساحة ايليا في صيدا وتقاطع المدينة الرياضية في اتّجاه بيروت من أجل الضغط على المسؤولين لإقرار العفو.
صحياً، ومع توسّع دائرة الإصابات بكورونا واقتحامه السجون، حذّر رئيس لجنة الصحة النائب عاصم عراجي، من أنّ «فيروس «كورونا» خرج عن السيطرة في لبنان، ومن الصعب جدًّا السيطرة عليه إذا استمرينا بالطريقة نفسها»، موضحًا أنّ «هناك إجراءات وُضعت منذ بدء تفشّي الوباء في شباط الماضي، منها ضرورة ارتداء الكمامة والتزام التباعد الاجتماعي والتعقيم، لكنّها لا تُطبّق كما يجب». وأكّد «أننا متّجهون إلى عدد إصابات أكبر، والخوف أن تكون الإصابات خطرة وتستلزم دخول العناية الفائقة، التي أصبح 80 بالمئة منها معبأ». وشدّد عراجي على أنّ «هناك إجراءات اتُخذت، لكن الوزارات المعنيّة لم تطبق الإرشادات والإجراءات الوقائيّة، منها منع التجمعات دون كمامة والغرامات على المخالفين وغيرها، كما أنّ هناك استهتارًا من الناس، وكثر للأسف غير مقتنعين أنّ هناك «كورونا» من الأساس».
أمنياً، أوقفت مديرية المخابرات بالتنسيق مع وحدات الجيش المنتشرة في منطقة حيلان – زغرتا، الإرهابي أحمد سمير الشامي المنتمي إلى خلية الإرهابي القتيل خالد التلاوي، أحد المشاركين في جريمة كفتون بتاريخ 21/8/2020.
يشار إلى أن الشامي متورط بجريمة قتل العسكريين الأربعة أثناء تفتيش شقة الموقوف عبد الرزاق الرز في منطقة جبل البداوي بتاريخ 13/9/2020. وتم تسليم الموقوف إلى المرجع المختص.