التفوّق الروسيّ يستفز أميركا ويؤجّج صراع الأقطاب في الدفاع الجويّ
تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا في الفترة الأخيرة.
ودلّ على ذلك تحليق الطائرات الحربية الأميركية قرب الحدود الروسية وقيامها بتمثيل توجيه الضربات النووية.
حيث نفذت قاذفات أميركية عملية تحاكي هجوماً على منطقة روسية محصّنة في أوروبا الشرقية، ضمن تدريبات عسكرية يتم إجراؤها كـ»استعداد لحملة عسكرية تهدف إلى إغلاق ثغرة من أضعف مناطق الناتو» على حدوده مع روسيا.
وبحسب صحيفة «forbes» الأميركية، فقد قامت قاذفتان أميركيتان من طراز «B-52» بعملية محاكاة هجوم على منطقة روسية «محصنة» في أوروبا الشرقية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه العملية هي عبارة عن «محاكاة قصف مدينة كالينينغراد من ضمن تدريبات تم إجراؤها استعداداً لحملة عسكرية لإغلاق ثغرة مهمة في واحدة من أضعف مناطق الناتو»، بحسب المصدر.
وأقلعت القاذفتان الأميركيتان من نوع «B-52s» تحملان علامتي «Baloo 51» و«Baloo 52»، من قاعدة سلاح الجو البريطاني في فيرفورد يوم الجمعة الماضي.
وعبرت القاذفتان ممر «سوالكي» بين منطقة كالينينغراد وبيلاروسيا، ثم اتجهتا شمالًا بالقرب من السويد، لتعودا مرة أخرى إلى القاعدة البريطانية.
واعتبرت الصحيفة أن هذه العملية سمحت بتحليق القاذفات (ذات الثمانية محركات) في المسار «بشكل فعّال» حول كالينينغراد، وهو (منطقة روسية تقع على بحر البلطيق بين بولندا وليتوانيا). وانضمت مقاتلات «تايفون» التابعة لسلاح الجو الإيطالي إلى طائرات «B-52» عند عبورها لاتفيا.
ونوّهت الصحيفة إلى أن «السبب من هذه العملية التدريبية على تنفيذ هجوم على هذه المنطقة هو أن كالينينغراد الروسية تشكل شوكة أو قلعة روسية في خاصرة الناتو»، وهي تعج بصواريخ الدفاع الجوي من نوع «إس 300» و«إس 400»، بالإضافة إلى الصواريخ المضادة للسفن وصواريخ «إسكندر»، بحسب المصدر.
وتعتبر القاذفتان من نوع «B-52» اللتان حلقتا بالقرب من كاليننغراد يوم الجمعة الماضي، من ضمن مجموعة من 6 قاذفات أميركية أرسلت من قاعدة «مينوت» الجوية التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في منطقة فيرفورد في 22 آب الماضي.
في هذا الصّدد، ذكرت صحيفة «ريبورتيور» الإلكترونية الروسية نقلاً عن شبكة «سينا» الإخبارية الصينية أن «كل ذلك يثير رد فعل الدفاع الجوي الروسي».
وقلما تجرأت واشنطن خلال الحرب الباردة على التلويح بالهراوة النووية في وجه موسكو.
ولهذا فإن نشاط الطيران الحربي الأميركي هذا يمثل «نذير شؤم» للعالم. ولكن روسيا لا تنوي التراجع أمام الاستفزازات والتحرّشات الأميركية المتواصلة.
وأشارت الصحيفة التي تصدرها الشبكة الصينية إلى أن «ما تملكه الدولتان (الولايات المتحدة وروسيا) من أسلحة نوويّة يكفي لمحو جميع المدن الكبيرة في أراضي الدولة الأخرى من على وجه الأرض».
ولكي لا تلقى مدنها هذا المصير تقوم روسيا بإبداع وسائط الدفاع الجوي الجديدة القادرة على صدّ الهجوم الجوي والصاروخي الأميركي المحتمل. ومع ظهور وسائط الدفاع الجوي الجديدة في روسيا تفقد الترسانة النووية الأميركية جدواها. خاصة أن روسيا صنعت مؤخراً منظومة الدفاع الجوي الصاروخية الجديدة المعروفة باسم «إس-500».
وأشارت الصحيفة إلى أن «الهيمنة الروسية في مجال الدفاع الجوي أمر لا جدال حوله حتى أن تركيا التي تعتبر حليفاً للولايات المتحدة كعضو في حلف شمال الأطلسي أقبلت على شراء منظومات إس– 400، متجاهلة معارضة الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى».
ورأت الصحيفة أن «موسكو أبرزت تفوقها لواشنطن حين صنعت منظومة إس-500». وذلك لأن الصواريخ الأميركية المتوفرة حالياً والمستقبلية لا تستطيع اختراق الشبكة التي تشكلها صواريخ «إس-500» المضادة.
وسوف تضم قوات الدفاع الجوي الروسية بحلول عام 2025، من 2 إلى 3 ألوية متسلحة بصواريخ «إس– 500». ثم تبدأ روسيا بسحب منظومات «إس-400» من الخدمة. ولا بدّ أن تقبل الدول الأخرى التي لا تريد الانصياع للضغوط الغربية على شراء هذه المنظومات لتقوية دفاعاتها الجوية.
ويذكر أن، مركز أبحاث «RAND California» قام بمحاكاة هجوم روسي على ممر «سوالكي» في عامي 2014 و 2015، وأتت النتائج صادمة بالنسبة لحلف «الناتو» حيث أكد المركز أن القوات الروسية ستكون قادرة على تعبئة 25 كتيبة من 10 آلاف جندي، بسرعة كبيرة لتنفيذ الهجوم، بينما سيكون حلف «الناتو» قادر على جمع 17 كتيبة فقط مع 6800 جندي فقط.
وعندما قام المركز بمحاكاة حدوث معركة بين الطرفين، كانت النتائج «رهيبة بالنسبة للناتو»، حيث أظهرت البيانات أن «القوات الروسية الثقيلة تفوق تعداد قوات الناتو الخفيفة في التسليح»، وأشارت النتائج، بحسب المركز، إلى أن «القوات الروسية ستكون قادرة على تجاوز قوات الناتو، حتى أن مشاتهم لن يستطيعوا التراجع بنجاح، وسيتم تدميرها على الفور».
ويُشار إلى أن القاذفات الأميركية تنفذ اختراقات متكررة للمجال الجوي الروسي، مما يستدعي قيام المقاتلات الروسية باعتراضها، كان آخرها الأسبوع الماضي، حيث أشار بيان المركز الوطني لإدارة الدفاع التابع لوزارة الدفاع الروسية، اليوم الأربعاء، إلى أن وسائل التحكم والسيطرة على المجال الجوي فوق المياه الدولية للبحر الأسود رصدت هدفين يقتربان من الحدود الروسية، وقد حلقت مقاتلتان من طراز سو– 27 تابعتان لقوات الدفاع الجوي للمنطقة العسكرية الجنوبية للتعرف على الهدفين.
وجاء في البيان: «قام طاقما المقاتلتين الروسيتين بالتعرف على الهدفين، وقد تبين أنهما قاذفتان من طراز بي– 52 إتش تابعتان للقوات الجوية الأميركية، وقد تمت مرافقتهما فوق مياه البحر الأسود».
وأعلن سيرغي رودسكوي، رئيس إدارة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الجمعة الماضية، أن «السفن الحربية التابعة للناتو بدأت في البقاء في البحر الأسود لفترة أطول بمقدار الثلث مقارنة بالعام الماضي».
وقال رودسكوي في إحاطة صحافية في مركز إدارة الدفاع الوطني الروسي «لا يزال عدد الدخولات إلى البحر الأسود من قبل السفن الحربية التابعة للناتو مرتفعاً. وزادت المدة الإجمالية لبقائهم من كانون الأول إلى أيلول بنسبة 33% مقارنة بالعام الماضي. ما يصل إلى 40% منهم حاملات أسلحة دقيقة بعيدة المدى».
ووفقاً للجنرال سوروفيكين، قامت طائرات تابعة للقوات الفضائية الجوية الروسية خلال شهر آب وحده بـ27 طلعة بمهمة اعتراض طائرات استطلاع أجنبية فوق مياه بحر البلطيق وبحر بارنتس والبحر الأسود وبحر أوخوتسك.
وتتسارع وتيرة تحديث وتطوير الدفاع الجوي الروسي. وقامت روسيا مؤخراً بتزويد قواتها المسلحة بمنظومات صواريخ «إس– 400» المضادة للطائرات والتي حلت محل منظومات «إس– 300».
وبينما تفكر أميركا في كيفية مواجهة منظومات «إس– 400» التي تشكل خطراً كبيراً على طائرات العدو، تقترب روسيا من تدشين الإنتاج الصناعي لمنظومات «إس– 500» التي تفوق «إس– 400» تطوراً وهو ما يسبب قلقاً لواشنطن.