هل يطلب ماكرون تدويل الأزمة اللبنانية؟
عمر عبد القادر غندور*
بقدر ما كان اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب قاسياً، فالوضع المعيشي لكافة اللبنانيين كان أشدّ قساوة بفعل الانهيار المخيف في سعر صرف الليرة اللبنانية في مقابل الدولار، وانسحاب ذلك على أسعار كافة السلع ومنها المواد الاستهلاكية الغذائية قبل ان يتوقف البنك المركزي عن دعم الطحين ومشتقاته والأدوية والمحروقات في نهاية السنة الحالية بسبب ضحالة الاحتياطي من الدولار.
هذا الهمّ المعيشي الخانق، يُضاف الى تعثر المبادرة الفرنسية التي وُصفت بأنها الفرصة الأخيرة أمام اللبنانيين.
وبدلاً من السعي الى لملمة الشأن الحكومي ومعالجة ما يمكن معالجته للحدّ من التدهور، يجري التصويب على فريق دون آخر وتحميله مسؤولية فشل تشكيل الحكومة، بينما الحقيقة انّ الاشتباك في الإقليم وانعكاساته على لبنان هو الذي عطّل تشكيل الحكومة، وليس صحيحاً انّ مبادرة الرئيس الفرنسي وحضوره الى لبنان كان بالتنسيق مع الأميركيين في حين نفى وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل ووزير الخارجية بومبيو ذلك، بل طالبا بالتغيير الكامل وإلزام لبنان بالحدود البرية والبحرية بما يتوافق مع المطامع الإسرائيلية في البر والبحر.
وكان إطلاق النار على المبادرة الفرنسية حصل خلال الأسبوع الأول عبر العقوبات على الوزيرين السابقين على حسن خليل ويوسف فنيانوس واتبعتها عقوبات على شركتي «آرك» و «معمار»! وبات واضحاً السعي الأميركي السعودي لعدم قيام حكومة لبنانية بعدما قال العاهل السعودي بالصوت والصورة بضرورة خروج حزب الله وسلاحه من المشهد اللبناني كشرط لتسهيل التعافي اللبناني وإجراء انتخابات نيابية تعطل الأكثرية النيابية الحالية وانتقالها الى وجهة أخرى.
ولتأكيد المشاركة الجماعية لتعطيل تشكيل الحكومة ما قاله الرئيس الفرنسي ماكرون متهماً الاحزاب اللبنانية بالخيانة، وهو يشير بذلك الى الأطراف اللبنانية التي سعت الى المحاصصة والى غضبها من الرئيس المكلف لعدم مشاورتها عند اختيار الوزراء، وامتناع مصطفى أديب عن الإجابة على الأسئلة التي طرحت عليه متمهّلاً الجواب، وكأنه لا يملك حق الإجابة على الاسئلة.
الا انّ الرئيس الفرنسي الذي قال في مؤتمر إنّ المبادرة الفرنسية لم تفشل بل الساسة اللبنانيين الذين قدّموا مصالحهم على مصلحة الوطن، واتهم الجميع بعرقلة مهمة مصطفى أديب، وشنّ هجوماً عنيفاً على الساسة جميعاً ولم يوفر حزب الله ولا سعد الحريري ولا الأحزاب مجتمعة. ورداً على سؤال قال:لا دلائل على انّ إيران هي من يعرقل الحلّ في لبنان، وقد نتصل بالمسؤولين الإيرانيين في وقت لاحق طلباً للمساهمة في إنقاذ لبنان.
جديد الساعات الماضية، انّ أزمة لبنان عميقة معقدة جعلت دولة كبرى كفرنسا تغوص في رمالها ولا نعتقد انّ الفترة الزمنية الجديدة التي حدّدها الرئيس الفرنسي كافية وستحتاج الى تمديد بعد تمديد، وربما أيقن الرئيس ماكرون انّ الأزمة اللبنانية أصعب وأدهى وامرّ وربما يسحب يده منها ويتجه الى المطالبة بتدويل الأزمة اللبنانية تمهيداً لتدخل أممي وهو ما ألمح اليه، بالتفاهم مع الولايات المتحدة وشركائها. وهو مؤشر ينبئ بأحداث جسام ستشهدها الساحة اللبنانية…
حمى الله لبنان.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي