بسام رجا.. لم يغادر أحد المنازلة الثقافيّة والإعلاميّة
} مراد السوداني*
فقدٌ مالح وذابح في آن..
للخسارة مدارات الوجع الكيّاد..
للحزن مداره الأليم وهو ينحت القلب بأناة وتؤدة..
ثمة الرحيل الكاوي والمفاجئ لك يا بسام الخير والعناد البليغ وكأنك كنت تدرك مرارة اللحظة بعمق وبحق، فلم تحتمل رمانة قلبك وقْع الخذلان الجماعيّ الذي يهب على الأمة من مائها إلى مائها، فانفرطت وساح حناؤها القاني على ثلج أيامنا المالحات.
لم تنتظر قليلاً حتى نرتّب لك وداعاً يليق بكلمتك الطلقة، وموقفك الجسور وأنت تنازل الاستراتيجيات الحاسمة وسياقات الاستهداف واستطالات التذرير والغزو.
لم تنتظر أيها الكبير شخصاً ونصّاً حتى نهيئ لك المكان لإطلالة أخيرة لتقول: صباحكم بلا غزاة.. مساؤكم بلا غزاة، مَن سيقولها يا صاحبي وهو ينده بصوته المعاند، وقولته الراسخة؟!
نودّعك يا صاحب القلم الواثق بأن فلسطين باقية والاحتلال الصهيونيّ إلى زوال..
نودّعك بأكاليل الغار والنرجس الجبلي وسنابل الحقل معلنين انتصارك على الموت بما تركته للأجيال من نقاء السيرة والسريرة وعطاء يليق بفلسطين وسورية التي أعليت من أجلهما قنطرة الوعي المحارب في زمن الرمل والانكسار والتراجع والانحسار.
نودّعك مؤكدين لك أن سورية التي أحببت ستظلّ وفية مثلما فلسطين لكل من وقف إلى جانب حقها وحقيقتها، وهي تواجه الغزاة الجدد ومؤامرات الحذف والشطب اليومي، وتعلن انتصار الإيقاع الأول والحرف الأول والسنابل الخضر على زمن اليباس والمحل والرمل والموت والتفكيك.
أية مرثية سنرفعها لغيابك الذي ينهض باكتمال الحضور، حضورك، وأنت تترك لنا مساحة وسيعة من الحلم لنكون ونظل ندافع عن هذه الفلسطين التي أريد لها المحو والإلغاء، ولكنها مرجل الحق الوهاج الذي ينازل سفالات العدو وأدواته.
طوبى لك يا بسام الخيل والخير وأنت البهي الوفي لسورية المداد والعناد المقدس في مواجهة إسبارطة الجديدة والمغول الجدد.
طوبى لك وأنت الحاضر حضور الحرية الحمراء والفعال البيضاء على خطوط النار.
طوبى لك يا سليل الفداء والعطاء العميم، ستظل تذكرك الأجيال التي أصّلت مداركها بما يليق بمثقف محارب لم يهبط عن أٌحد المواجهة حتى صعد إلى سدرة الحضور عالياً كنخيل سورية وفلسطين المحارب.
وسلام على روحك حتى ترضى ونرضى.